العراق

التيار الصدري.. من حمل السلاح "الطائفي" حتى اقتحام البرلمان

دلشاد حسين
04 أغسطس 2022

ليست التظاهرات الحالية لأنصار التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين العراقي مقتدى الصدر، الأولى من نوعها، فطالما نجح التيار منذ تأسيسه عام 2003 في تحشيد الشارع والسيطرة على المشهد السياسي.

والتيار الصدري، حزب سياسي وديني أسسه مقتدى الصدر، ويعتمد في قاعدته الجماهيرية على شعبية آل الصدر بين شيعة العراق، وتمكن خلال السنوات الماضية من أن يكون الأكثر شعبية بين الشيعة.

وبدأ مسيرته بتأسيس فصائل  مسلحة، مثل "جيش المهدي" الذي خاض معارك ضارية ضد قوات الجيش والشرطة العراقية وقوات التحالف الدولي بين الأعوام (2004 و 2008).

واتُهم الفصيل بارتكاب أعمال عنف طائفية وانتهاكات لحقوق الإنسان بين عامي 2006و2007، ما دفع الصدر إلى تجميده بالكامل عام 2009، وطرد عناصره وقياداته المتورطة في عمليات العنف الطائفي، ثم أسس فصيل "لواء اليوم الموعود" وبعدها "سرايا السلام"، التي تُشكل حاليا الجناح العسكري للتيار الصدري.

إلى جانب عمله العسكري، كان التيار حاضرا في العملية السياسية منذ عام 2005، حين شارك في الدورتين الانتخابية الأولى ضمن الائتلاف الوطني العراقي، وخاض الانتخابات البرلمانية عام 2014 بقائمة مستقلة عن الائتلاف الوطني باسم "تيار الأحرار".

وعام 2018 خاض الانتخابات النيابية بتحالف "سائرون" الذي شكله مع الحزب الشيوعي العراقي، وفي الانتخابات الأخيرة قبل نحو سنة، أحرزت قائمته "الكتلة الصدرية" المرتبة الأولى بواقع 73 مقعداً.

يوضح الخبير السياسي والقانوني وائل البياتي، لـ"ارفع صوتك"، أن "نجاح الصدر وتياره في تسيد المشهد السياسي يرجع إلى قدرته الكبيرة على تحشيد جماهيره وتوجيهها إلى حيث يرغب".

ويشير إلى أن التيار الصدري استثمر السخط الجماهيري تجاه المؤسسة التشريعية باعتبارها "فشلت طيلة الفترة الماضية في الوصول إلى إنجاز العديد من مهامها، وأولها انتخاب رئيس الجمهورية خلال الأشهر الماضية التي أعقبت الانتخابات". 

واقتحم أتباع التيار الصدري المنطقة الخضراء لأول مرة في أبريل 2016، احتجاجا على رفض البرلمان تمرير التشكيلة الحكومية الجديدة التي قدمها رئيس الوزراء حينذاك حيدر العبادي.

ومع انطلاقة "انتفاضة تشرين" في أكتوبر 2019، وتوسعها من بغداد إلى محافظات وسط وجنوب العراق، لعب الصدريون دورا بارزا في المشاركة لعدة شهور، لكنهم اشتبكوا خلال الأشهر الأخيرة منها مع متظاهرين آخرين، وعُرفوا آنذاك بـ"أصحاب القبعات الزرق".

ورغم ذلك نجح التيار في الاستفادة من الاحتجاجات الشبابية، وتمكن من امتصاص غضب الشارع العراقي على الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة المنضوية في الحشد الشعبي الموالية لإيران، التي اتهمت بقمع المتظاهرين واغتيال الناشطين والصحافيين خلال التظاهرات.

وبعد فوزه في الانتخابات النيابية الأخيرة، أعلن عن سعيه لتشكيل حكومة أغلبية وطنية ضمن تحالف "إنقاذ وطن"، الذي شكله مع تحالف "السيادة" السني والحزب الديمقراطي الكُردستاني.

واصطدم التيار بخيار الثلث المعطل، الذي استخدمته كتلة الإطار التنسيقي المكونة من الأحزاب والفصائل العراقية الموالية لإيران في البرلمان، وهو ما أعاق انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، ودفع نواب التيار الصدري الى الاستقالة من البرلمان في يونيو الماضي، بعد مرور نحو 9 أشهر على إعلان نتائج الانتخابات.

وحشد التيار الصدري أنصاره في 28 يوليو الماضي، الذين اقتحموا المنطقة الخضراء ومقر البرلمان، احتجاجا على ترشيح الإطار التنسيقي للقيادي في حزب الدعوة محمد شياع السوداني، لتشكيل الحكومة، وطالبوا بإلغاء ترشيحه، لكنهم أنهوا التظاهرة بعد ساعات استجابة لزعيمهم.

وعادوا في 30 يوليو واقتحموا المنطقة الخضراء والبرلمان بعد إعلان تمسك الإطار بترشيح السوداني، لكنهم هذه المرة لم ينسحبوا من المنطقة الخضراء وبدأوا اعتصاما مفتوحا لحين تنفيذ مطالبهم في الإصلاح وتغيير العملية السياسية ومحاسبة المتورطين بالفساد.

ويرى البياتي أن "الصدر نجح إلى حد بعيد في استمالة جانب ولو قليل من أنصار الحركة الاحتجاجية التشرينية في مقابل تحييد أو إبعاد جزء من أحزاب الإطار التنسيقي".

وفي أول ظهور له منذ اقتحام أنصاره المنطقة الخضراء وسيطرتهم على مبنى البرلمان، طالب الصدر في خطاب متلفز، الأربعاء، بحل البرلمان العراقي، وإجراء انتخابات مبكرة، وأعلن رفضه للدعوات التي خرجت من أجل الحوار، وقال إنه "لا فائدة منه" وعبر عن استعداده "للتضحية" بنفسه من أجل الإصلاح.

ويؤكد الخبير الاستراتيجي علاء النشوع لـ"ارفع صوتك"، أن "التيار الصدري يمتلك مقدرات كثيرة تجعله أكثر سيطرة من باقي الكتل بالإضافة الى أنه مدعوم دوليا وإقليميا، كما أن الحشد الجماهيري الذي يؤيد خطواته نحو التغيير، مع كل تحفظاتنا على سياسته السابقة، فهو مشارك فعلي في الحكومات السابقة".

ويرجح النشوع  أن الصدر "تلقى نصائح دولية وإقليمية في الانفصال عن الكتل الشيعية التي تبتنى الخطاب الديني الطائفي تحت عنوان الإسلام السياسي، الذي لا يحبذه غالبية العراقيين اليوم".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

وسائل إعلام محلية وبرلمانيون يتحدثون أن موظفين في مكتب السوداني قُبض عليهم بتهم التجسس على مسؤولين كبار- أرشيفية
وسائل إعلام محلية وبرلمانيون يتحدثون أن موظفين في مكتب السوداني قُبض عليهم بتهم التجسس على مسؤولين كبار- أرشيفية

رفض مستشار سياسي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتهامات ترددت في الآونة الأخيرة بأن موظفين في مكتب رئيس الوزراء تجسسوا وتنصتوا على مسؤولين كبار وسياسيين.

ومنذ أواخر أغسطس، تتحدث وسائل إعلام محلية وبرلمانيون عراقيون عن أن موظفين في مكتب السوداني قُبض عليهم بتهم التجسس على مسؤولين كبار.

وقال المستشار فادي الشمري في مقابلة مع إحدى جهات البث العراقية أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس الجمعة "هذه كذبة مضخمة"، وهو النفي الأكثر صراحة من عضو كبير في فريق رئيس الوزراء.

وأضاف أن الاتهامات تهدف إلى التأثير سلبا على السوداني قبل الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها العام المقبل.

وتابع "كل ما حدث خلال الأسبوعين الأخيرين هو مجرد تضخم إعلامي يخالف الواقع والحقيقة".

وأثارت التقارير قلقا في العراق الذي يشهد فترة من الاستقرار النسبي منذ تولي السوداني السلطة في أواخر عام 2022 في إطار اتفاق بين الفصائل الحاكمة أنهى جمودا سياسيا استمر عاما.

وقال الشمري إنه تم إلقاء القبض على شخص في مكتب رئيس الوزراء في أغسطس، إلا أن الأمر لا علاقة له علاقة بالتجسس أو التنصت.

وأضاف أن ذلك الموظف اعتقل بعد اتصاله بأعضاء في البرلمان وسياسيين آخرين منتحلا صفة شخص آخر.

وأردف "تحدث مع نواب مستخدما أرقاما مختلفة وأسماء وهمية وطلب منهم عددا من الملفات المختلفة". ولم يخض الشمري في تفاصيل.

وتابع "لم يكن هناك تجسس ولا تنصت".