جنود عراقيون يحرسون نقطة تفتيش بعد هجوم على مطار بغداد/ 28 يناير 2022
جنود عراقيون يحرسون نقطة تفتيش بعد هجوم على مطار بغداد/ 28 يناير 2022

أصدرت محكمة عراقية حكما بالسجن المؤبد بحق أربعة أشخاص أدينو باستهداف مطار بغداد بالصواريخ مطلع العام، في هجوم أوقع أضرارا مادية بطائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية، كما أعلن مجلس القضاء الأعلى العراقي، الأحد.

وهذا أول حكم يصدر في قضايا تتعلق بهجمات استهدفت المطار ومواقع تضم مصالح أميركية في العراق، أو تتواجد فيها قوات من التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش"، وفقا لـ"فرانس برس".

ويتعلق الحكم بهجوم استهدف مطار بغداد الدولي في 28 يناير، وتسبب بأضرار مادية في مدرج وطائرتين فارغتين كانتا متوفقتين على أرض المطار، كما أفادت سلطة الطيران المدني العراقي حينها.

وأفاد بيان صادر عن مجلس القضاء الأعلى، الأحد، أن "محكمة جنايات الكرخ أصدرت حكما بالسجن المؤبد بحق أربعة مجرمين اشتركوا في جريمة استهداف مطار بغداد بالصواريخ بتاريخ 28/ 1/ 2022، وفقا لوكالة الأنباء العراقية "واع".

وصدر الحكم استنادا لأحكام المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، رقم 13 لسنة 2005، وفقا لـ"واع".

واستهدفت عشرات الهجمات بالصواريخ أو الطائرات المسيرة قواعد عسكرية عراقية تضم قوات من التحالف الدولي، أو محيط السفارة الأميركية في بغداد، منذ اغتيال رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس قوات الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في يناير 2020، بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد.

ولا تتبنى أي جهة هذه الهجمات، لكن واشنطن تنسبها لفصائل مسلحة موالية لإيران تطالب مرارا بانسحاب كامل للقوات الأميركية الموجودة في العراق في إطار التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش"، حسب "فرانس برس".

وأعلن العراق رسميا في التاسع من ديسمبر، أن وجود قوات "قتالية" أجنبية في البلاد انتهى مع نهاية العام 2021، وأن المهمة الجديدة للتحالف الدولي استشارية وتدريبية فقط.

وسحبت الولايات المتحدة قواتها من العراق منذ صيف 2020، على أن يبقى نحو 2500 جندي أميركي وألف جندي من قوات التحالف في العراق لتقديم المشورة والتدريب للقوات العراقية.

ويحاكم القضاء العراقي كذلك متهماً بقتل الباحث المتخصص في الحركات الجهادية، هشام الهاشمي، الذي قُتل في 6 يوليو 2020 برصاص مسلحين على دراجات نارية خارج منزله في بغداد.

وبعد عام من اغتياله في يوليو 2021، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلقاء القبض على "قتلة" الهاشمي. 

وبث التلفزيون الرسمي إثر ذلك "اعترافات" للمتهم في القضية، هو شرطي منذ العام 2007 يبلغ من العمر 36 عاماً يدعى أحمد الكناني.

وأكد مصدر أمني حينها لفرانس برس أن الشرطي مقرب من كتائب حزب الله أحد الفصائل الموالية لإيران والمنضوية في الحشد الشعبي.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.