الجفاف انعكس سلبا على قطاع الزراعة. أرشيف
الجفاف انعكس سلبا على قطاع الزراعة. أرشيف

تتسبب درجات الحرارة الشديدة في إصابة العراق بنوع من الشلل، وتفاقم معاناة السكان، الذين يعانون في بعض المناطق من انقطاع التيار الكهربائي خلال فصل الصيف، في وقت تمدد فيه السلطات العطلات الرسمية لحماية الموظفين من الحرارة التي وصلت إلى 125 درجة "فهرنهايت" (51.6 درجة مئوية)، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".

وذكرت الصحيفة أن "العراق يحتل المرتبة الخامسة في قائمة البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، وهو يسخن بشكل أسرع من معظم أنحاء العالم (...) وهو غير مجهز للتعامل مع مثل هذه الحالات".

وفي محافظات البصرة وذي قار وميسان الجنوبية، قالت السلطات، السبت، إن شبكة الكهرباء توقفت عن العمل لليوم الثاني على التوالي، مما أدى إلى "إغراق ملايين المنازل في الظلام، وسط موجة حر خانق".

وقالت الصحيفة إنه نتيجة لذلك "فسدت الأطعمة في الثلاجات والبرادات، وقام بعض الآباء بوضع أطفالهم في السيارة وقادوها لساعات، حيث كان التكييف في سياراتهم هو المصدر الوحيد للهواء البارد".

ومنذ 2003، يقول خبراء إن العراق صرف مبالغ هائلة لإنتاج الطاقة الكهربائية لكن بدون فائدة كبيرة.

وفي عام 2021، قال رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، إن العراق أنفق نحو 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء، "لكن الفساد كان عقبة قوية أمام توفير الطاقة للناس بشكل مستقر، وهو إنفاق غير معقول دون أن يصل إلى حل المشكلة من جذورها"، وفق شبكة الإعلام العراقي.

وقال الخبير الاقتصادي، أحمد التميمي، في حديث سابق لموقع الحرة إن "المبالغ التي صرفت على الكهرباء قد تصل إلى أكثر من هذه الأرقام"، التي كانت تكفي "لتوليد كهرباء أكثر من ضعفي الكهرباء التي يولدها العراق حاليا وتصل إلى ضعف حاجته من الطاقة".

ويشير تقرير لوكالة الطاقة الدولية، صدر في أبريل 2019، إلى أن قدرة العراق الإنتاجية من الطاقة الكهربائية تبلغ حوالي 32 ألف ميغاواط، ولكنه غير قادر على توليد سوى نصفها بسبب شبكة النقل غير الفعالة التي يمتلكها.

وتشير التقديرات إلى أن العراق يحتاج إلى 40 ألف ميغاواط من الطاقة لتأمين احتياجاته، عدا الصناعية منها.

ولفتت الصحيفة إلى أن الأزمة السياسية انعكست سلبا على العراقيين، ونتيجة عدم تشكيل حكومة جديدة، لم يتم إقرار أي ميزانية، وعلقت "قرارات الإنفاق الرئيسية".

وأشارت إلى أن "الكهرباء ليست الخدمة العامة الوحيدة المتعثرة"، فبالإضافة إلى ذلك تأثر قطاع الزراعة وصيد الأسماك، بسبب الجفاف.

وتعاني "المستشفيات المنهكة" لعلاج حالات الإصابة بضربة شمس أو صعوبات التنفس، التي فاقمتها الحرارة والعواصف الترابية والرملية، بالإضافة إلى الدخان السام المتصاعد من المولدات الكهربائية التي تعمل بالديزل، والتي يعتمد عليها العراقيون في بعض المناطق كحل بديل لانقطاع الكهرباء. وبالإضافة إلى ما تقدم، توقف العمل في مشاريع البناء نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.

وتسبب مزيج من "ارتفاع الحرارة، والجفاف الناجم عن تغير المناخ، وسوء الإدارة" باحتجاجات سابقة في العراق، وفي عدة مناطق تجري مظاهرات متكررة تندد بالخدمات السيئة وغياب الحلول في مواجهة الحر الشديد، وفقا للصحيفة.

وبعد ربيع تكررت فيه وبشكل غير مسبوق العواصف الترابية التي يعزوها الخبراء إلى التصحر والتغير المناخي، تضرب موجة حر خانق العراق الذي يعاني من تهالك قطاع الطاقة، الأمر الذي يفاقم معاناة العراقيين.

ورغم الارتفاع المتزايد سنويا في درجات الحرارة خلال مواسم الصيف في العراق، لا يزال عدد كبير من العراقيين لا يملكون وسائل للتكييف. وبسبب تهالك البنى التحتية وشبكات نقل الطاقة، تعيش أغلب مناطق العراق معاناة لا توصف خلال أيام الصيف جراء نقص الكهرباء.

وما يزيد الأمر صعوبة عدم قدرة جزء كبير منهم على تأمين مبالغ للحصول على مصاريف مولدات كهرباء لتعويض نقص التيار الكهربائي، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.