العراق

قانونياً.. هل يمكن لمجلس القضاء الأعلى حل البرلمان العراقي؟

ارفع صوتك
10 أغسطس 2022

يقول الخبير القانوني علي التميمي، لـ"ارفع صوتك"، إن "دعوة الصدر إلى القضاء تستند على ثغرة قانونية سابقة، فحواها أن البرلمان قد حل نفسه بنفسه وحدد توقيت إجراء الانتخابات المبكرة التي جرت في أواخر العام الماضي، بخلاف الدستور والصلاحيات الممنوحة لها، بالتالي ما بني على باطل فهو غير معتاد به".

ويضيف أن "هنالك فريقاً من القانونيين يجيزون للقضاء بوصف المحكمة الاتحادية حل البرلمان بالاستناد على قرار 29 من القانون المدني الذي يخوله بذلك، إذا ما كان هنالك قصور في مهام عمله والإخلال بواجباته".

وبشأن آلية التنفيذ يوضح التميمي، أن "لمجلس القضاء التحرك في حل البرلمان عبر مسارين الأول من موقع استشاري، والثاني بتلقي دعاوى رسمية تطالب بذلك الأمر".

وكان الصدر دعا ضمن خطابه الموجه إلى القضاء، جميع "أنصاره و الكتلة الصدرية المستقيلة ونواباً آخرين وكل محبي الوطن تقديم دعاوى رسمية للمحكمة الاتحادية  وبطرق قانونية ومن خلال مركزية اللجنة المشرفة على الاعتصامات، لتقوم بتقديمها إلى الجهات القضائية المختصة".

من جهته، يؤكد النائب عن "دولة القانون" جاسم الموسوي، على "وجود عملية سياسية متزنة ودستورية مع ضبط النفس وسلوك كل الطرق الدبلوماسية لحفظ الأزمة عند حدودها، دون السماح بتطورها نحو جوانب أكثر تعقيداً، بالتالي على الصدريين التسليم بقرار انسحابهم من البرلمان والقبول بما تفرزه الآليات الديمقراطية".

ويضيف لـ"ارفع صوتك": "نرفض لغة الانقلابات والعصابات في إدارة مقاليد البلاد، ونؤمن بالمؤسسة الديمقراطية مع السلبيات التي رافقتها ولكن لابديل عن ذلك المنحى".

السياسي المستقل سعد المطلبي، يقول لـ"ارفع صوتك"، إن "الخيار الأصعب في المعادلة الآنية هو تعطيل السلطة التشريعية قانونيا ودستوريا وقد وضع الصدر نفسه في مأزق جراء ذلك المسار".

"بالتالي فإن على الصدر اليوم  إما الذهاب نحو التصعيد الذي يصعب توصيفه إن كان انقلاباً أو حرباً، أو العودة إلى طاولة الحوار مع القوى السياسية بما فيها الإطار التنسيقي"، يتابع المطلبي.

وتأتي هذه التعقيبات، بعد دعوة وجهها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عبر تغريدة في تويتر، إلى القضاء العراقي، من أجل "حل البرلمان". 

وقال، الأربعاء، لأتباعه وأنصاره المعتصمين في بغداد، إن عليهم "إدامة الزخم وانتظار ما ستؤول إليه الأحداث إذا ما خُذل الشعب مرة أخرى"، حسب تعبيره.

يأتي ذلك التصعيد بعد يوم من خطاب متلفز ظهر فيه رئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي وهو يرفض حل البرلمان بالآلية التي اختارها الصدر ويسند حلولها والبت فيها إلى المؤسسة الدستورية متمثلة بالبرلمان العراقي.

وسرعان ما جاء رد الإطار التنسيقي على دعوة الصدر والتوجه نحو القضاء، عقب اجتماع عقده مساء الأربعاء، تضمن رفضاً ضمنياً لتلك المطالب والتأكيد على استكمال الطريق بتشكيل الحكومة وفقاً لمخرجات أكتوبر المبكرة، بينما طالبوا  الجماهير بالوقوف مع جميع الخطوات القانونية والدستورية التي من شأنها حفظ المسار الديمقراطي في البلاد.

وقال الإطار في بيان، إن "الاجتماع ناقش جملة من القضايا السياسية في مقدمتها مسار الحوارات الجارية مع بقية القوى الوطنية من أجل الإسراع في استكمال الاستحقاقات الدستورية، والإسراع في حسم مرشح رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة خدمية تعالج المشاكل الخدمية والامنية التي يعاني منها المواطن".

وجدد المجتمعون "موقفهم في ضرورة احترام المؤسسات وفي مقدمتها السلطة القضائية والتشريعية ورفض كل أشكال التجاوز عليها وعدم تعطيلها عن أداء مهامها الدستورية".

وطالب قادة الإطار التنسيقي القوى السياسية بـ"العمل سوية للحفاظ على المكتسبات الديمقراطية واستمرار الحوارات البناءة للتوصل الى حلول للأزمة الحالية وتشكيل حكومة قادرة على تجاوز التحديات التي تواجهها البلاد خصوصا في مجال الطاقة وشحة المياه وعدم إقرار الموازنة الاتحادية".

وحددت المادة (64) من الدستور العراقي، آليات حل البرلمان وحصرتها بأحد الأمرين، أولها ان يقدم ثلث اعضاء مجلس النواب طلباً بذلك، ثم التصويت عليه بالأغلبية المطلقة، فيما جاءت الطريقة الثانية بتوجيه طلب مشترك من رئيسي الوزراء والجمهورية مع شرط التصويت عليه برلمانياً بالأغلبية.

ارفع صوتك

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.