تعتزم إيناس طالب رفع دعوى قضائية ضد مجلة الإيكونوميست البريطانية.
تعتزم إيناس طالب رفع دعوى قضائية ضد مجلة الإيكونوميست البريطانية. (الصورة من صفحة إيناس طالب على إنستغرام، تصوير: عمار البدري)

"أنا بصحة جيدة وسعيدة بالطريقة التي أبدو بها. هذا كل ما يهمني". هكذا افتتحت الفنانة العراقية إيناس طالب حديثها للرد على مقال مجلة "الإيكونوميست" البريطانية التي استخدمت صورتها كصورة رئيسية لمقال عن سمنة النساء في الدول العربية.

إيناس طالب، البالغة من العمر 42 عامًا، وأم لابنتين، ابتدأت رحلتها في عالم الدراما التلفزيونية العراقية في السادسة عشر من عمرها، عام 1995. وارتبطت صورتها في أذهان العراقيين بالمسلسل الشهير "مناوي باشا" عام 2002، الذي جسدت فيه دور "سعاد خاتون". وتدور أحداث المسلسل في زمن الملكية في العراق، تحت الانتداب البريطاني. وما زال كثير من العراقيين ينادون إيناس طالب باسم "سعاد خاتون" بعد دورها في المسلسل.


"المقال إهانة للنساء"


وصفت إيناس طالب استخدام المجلة لصورتها كتعبير عن السمنة إهانة للنساء في الدول العربية عمومًا، وللعراقيات خاصة.

وقالت في تصريح لموقع "ارفع صوتك": "كنت قد أنهيت عملي عائدة للمنزل حتى انهالت رسائل الأصدقاء يرسلون رابط المقال الذي استخدم صورتي أثناء تقديمي مهرجان بابل قبل عامين. لم أكن أعلم ماذا يريد صاحب المقال فقد كان ما كتبه بعيدًا عن الرسالة التي أراد إيصالها باستخدام صورتي".

وأكدت طالب أنها تستعد لاتخاذ إجراءات قانونية لمقاضاة المجلة البريطانية بتهمة التشهير والمطالبة بتعويض مادي ومعنوي عن الضرر النفسي الذي سببه لها هذا الأمر.

وبحسب التقرير، الذي نشرته المجلة، فإن النساء أكثر وزنًا من الرجال في جميع أنحاء العالم، حيث تمثل السمنة مشكلة لنسبة 15 بالمئة من النساء مقابل 11 بالمئة من الرجال. 

أما في الشرق الأوسط، فترتفع هذه النسبة، حيث 26 بالمئة من النساء مصابات بالسمنة مقابل 16 بالمئة من الرجال.

وأحدث التقرير المنشور في 28 يوليو ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي في الدول العربية، حيث رأى كثيرون أن استخدام صورة الفنانة العراقية يدخل في خانة الإهانة والتشهير، مطالبين المجلة بالاعتذار رسميًا لإيناس طالب، كما طالبوا الأخيرة برفع دعوى قضائية.

وعنونت المجلة تقريرها بـ"لماذا النساء أكثر بدانة من الرجال في العالم العربي؟"، مرجعة السبب إلى القيود المفروضة على النساء في البلدان العربية، مثل صعوبة الوصول إلى الصالات الرياضية، وطبيعة الغذاء العربي المشبع بالدهون.. إلخ. 

ووصف معلقون التقرير بأنه "لم يكن مبنيا على حقائق"، بالإضافة إلى اتهامه باستخدام صورة شخصية لفنانة معروفة في قضية حساسة قد تسيء إلى صورتها!.

وآثار تعليق حول الموضوع للمدير التنفيذي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، كينيث روث، رود فعل غاضبة. وشارك روث مقال الإيكونوميست مع تعليق يقول إن "القيود الاجتماعية العديدة المفروضة على المرأة في العالم العربي تساهم في تفاقم مشكلة السمنة وتقويض صحتها".

لكن هذا التصريح ووجه بانتقادات شديدة لعدم استنكاره إساءة استخدام صورة إيناس طالب. وعده الكثير من المعلقين تمييزًا ضد المرأة العربية وغضا للنظر عن مشاكل السمنة في العالم الغربي، ونوعا من الازدواجية، حيث "تروج وسائل الإعلام الغربية للتصالح مع أجساد النساء باختلافها، وعدم اعتبار زيادة الوزن عائقا أمام النساء.. كما أنه ليس من العار أن يكون الشخص سمينًا"، حتى إن شركات الملابس العالمية ودور الأزياء بدأت في تضمين قياسات النساء البدينات ضمن عروضها، تقول التعاليق.

تقول الناشطة النسوية آلاء فراس، 33 عامًا، من محافظة البصرة جنوب العراق، إن "السمنة مشكلة عالمية لا عربية فقط، فلا يمكنك القاء اللوم على النساء العربيات بادعاء وجود القيود الثقافية والدينية التي تمنع النساء من الخروج والجري في الشوارع. في المقابل معدل السمنة في الولايات المتحدة الأميركية هو واحد من الأعلى في العالم. هل النساء هناك مقيدات أيضًا؟ أليس من الأجدر اعتبارها مشكلة صحية لا عنصرية تجاه نساء شعب ما".

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.