الجمجمة هي ثمية رئيسية في الصور المطبوعة على الملابس أو في تعليقات الأساور والسلاسل الفضية- تعبيرية
الجمجمة هي ثمية رئيسية في الصور المطبوعة على الملابس أو في تعليقات الأساور والسلاسل الفضية- تعبيرية

لا تعرف سما أمير من العاصمة بغداد، شيئاً عن ظاهرة الإيمو غير أنها للتعبير عن ما بداخلها تجاه حياة تعيشها لا تشعر بأنها مناسبة لها. 

تقول لـ "ارفع صوتك": "الغاية من أن أكون من جماعة الإيمو هو للإعلان دوماً بأنني أشعر بالوحدة وأعاني من التنمر في المدرسة والشارع وحتى في المنزل".

سما التي تبلغ من العمر 17 عاماً، توضح أنها "تعاني من السّمنة ودائماً تتعرض لسخرية الآخرين، لذا تحرص على الاهتمام بمظهرها الخارجي وارتداء ما يلفت النظر من ثياب سوداء والتزين بالحلي المعدنية والفضية كأقراط وسلاسل تحمل تعليقات على شكل سيوف وجماجم وسكاكين".  

"جماعة الإيمو يعاني أفرادها غالباً، من الاكتئاب، ولديهم نظرة سوداوية تجاه الأشياء لسبب ما، وقد يختلف ذلك من فرد لآخر"، تتابع سما.

وتشير إلى قصة صديقتها "إيمو" أيضاً "تعاني من العنف الأسري ما جعلها تحاول الانتحار"، مردفةً "دائماً ما تساور المنتمين إلى الإيمو أفكار انتحارية، نتيجة النظرة السلبية للمجتمع تجاه الاتهامات اللا أخلاقية التي توجّه إليهم، فضلاً عن محاولات استبعادهم من تجمعاتهم، خاصة في المدارس". 

وتبين سما: "كل ما نفعله يتعلق بالمظهر الخارجي وارتداء أنواع أو تقليعات (موضة) معينة من الثياب والإكسسوار التي عادة ما تكون متوافرة في أسواقنا المحلية وتباع مثلما غيرها من السلع". 

الإيمو بدأت كظاهرة موسيقية ضمن موسيقى الروك، في أوائل التسعينيات، محملة بجرعات عاطفية بالغة الحزن تتحدث عن الفشل العاطفي، وفي عام 2002، بدأت تأخذ طابعاً شكلياً عبر الأزياء والماكياج وقصات الشعر. (ويكيبيديا) 

 

"الخوف من القتل"

في العراق، يجد الكثير من أتباع ظاهرة الإيمو ما يريدونه من ملابس وحليّ وإكسسوارات تناسب ذوقهم، في متاجر عديدة داخل أسواق الكرادة والمنصور وشارع السعدون في بغداد.

وتطوّر الأمر للشراء الإلكتروني مع شيوع التسوق عبر الإنترنت ثم مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي.

من بين هذه المتاجر، صفحة أطلق عليه تسمية "دكان البؤس"،وتعرف نفسها بأنها "متجر غريب ومنتجاته أغرب". 

من جهة أخرى، تحمل كلمة الإيمو ذكرى "موجعة" لعلاء حازم (24 عاماً)، دفعته للتخلي عن اتباعه للظاهرة.

يقول علاء لـ "ارفع صوتك": "لسوء الحظ تعرضت لضغوط كبيرة من قبل أسرتي لدرجة منعي من الخروج بسبب اتباعي موضة الايمو". 

حينها، شعر أنه "فقد حريته الشخصية، لصالح الرضوخ لما تريدع عائلته".

ويضيف علاء أنه "دافع عن رغبته في أن يستمر كإيمو، لكن المسألة كانت أكبر  من حريته الشخصية" وفق تعبيره مؤكداً أن أسرته "كانت خائفة عيه من التعرض لقتل كما حدث مع غيره". 

وفي عام 2012 قتل حوالي 90 شاباً من الإيمو رجماً على يد جماعات متشددة في بغداد، حسب بيانات وزارة الداخلية العراقية. 

 

الاحتجاج والرفض

تنتشر ظاهرة "الايمو" في العراق بين الشباب والمراهقين الذين يحرصون على اتباع موضات تدور معظمها حول اللون الأسود كعنصر أساسي، والموت ومرادفاته من أشكال ومفردات.

تقول الباحثة الاجتماعية سهيلة نجم، إن "أعداد الإيمو قلّت في العراق نتيجة  استهدافهم في السنوات الماضية". 

"لقد أصبح تواجدهم الأن بطريقة أقل وأكثر تقبلاً من المجتمع، نتيجة الانفتاح التكنولوجي وتطوره على الرغم من اختلاط المفاهيم وما أشيع عنهم" تضيف نجم لـ"ارفع صوتك".

وتتابع: "الكثير من أفراد المجتمع ما زالوا لغاية اللحظة ينظرون إلى الإيمو بأنهم ملحدون ويعبدون الشيطان ويمارسون الخطيئة". 

وتشير نجم إلى أن الشباب والمراهقين في البلاد عموماً يواجهون العديد من الأزمات والمشكلات الاقتصادية والتعليمية والسلوكية والعاطفية، فضلاً عن مشكلات أخرى تتعلق بالبيئة التي ينتمون إليها، وعادة يتعامل أفرادهامعهم بطريقة تدفع بهم لإيجاد أنفسهم وشخصياتهم".

تقول "وهنا تكون الإيمو واحدة من الظواهر التي يلجأون لها غاية في الاحتجاج وإبداء رفضهم". 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.