يشهد إقليم كردستان العراق منذ أكثر من عقد، انتشارا ملحوظا لزواج المسيار، يصل سنويا إلى نحو 250 حالة زواج، تعقد جميعها لدى رجال الدين خارج المحاكم.
وزواج المسيار هو أن "يعقد الرجل المسلم زواجه على امرأة عقدًا شرعيًا مستوفي الأركان، تتنازل فيه الزوجة عن بعض حقوقها كالسكن والنفقة"، وإذ يُحلّه بعض فقهاء السنة، يراه اللبعض الآخر مكروهاً.
ويتعارض زواج المسيار مع القانون في إقليم كردستان الذي يمنع تعدد الزوجات، حيث ينص القانون رقم (15) لسنة 2008: "قانون تعديل تطبيق قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل في إقليم كردستان –العراق" في المادة الأولى/ ثانيا على أنه "لا يجوز الزواج بأكثر من واحدة الا بإذن القاضي، ويشترط لإعطاء الإذن تحقق مجموعة من الشروط".
وتنص الشروط على موافقة الزوجة الأولى على زواج زوجها أمام المحكمة، أو معاناة الزوجة من مرض مزمن ثابت يمنعها من المعاشرة الزوجية ولا يرجى منه الشفاء، أو عقم الزوجة الثابت بتقرير من لجنة طبية مختصة.
ويكون لطالب الزواج الثاني إمكانية مالية تكفي لإعالة أكثر من زوجة واحدة، على أن يثبت ذلك بمستمسكات رسمية يقدمها للمحكمة عند إجراء عقد الزواج.
ويقدم الزوج تعهداً خطياً امام المحكمة قبل اجراء عقد الزواج بتحقيق العدل بين الزوجين في القَسم وغيره من الالتزامات الزوجية وألا تكون الزوجة قد اشترطت عدم التزوج عليها في عقد الزواج.
ويعتبر عضو هيئة التصالح الاجتماعي في كردستان، الشيخ عبدالغفار صابر خورشيد، زواج المسيار "حلاً جيدا للخروج من جملة من الأزمات مثل زيادة في نسبة العنوسة إثر ابتعاد الشباب عن الزواج وغلاء المهور أو بسبب كثرة الطلاق.
ويضيف خورشيد لموقع "ارفع صوتك": "تصل نسبة الطلاق في الإقليم إلى 10 آلاف حالة في السنة الواحدة، لذلك قد يكون هذا النوع من الزواج حلا لهذه المشاكل، لكن مع ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار ألا يُستغل هذا النوع من الزواج من قبل البعض لإشباع نفوسهم وتكون هناك خروقات شرعية وقانونية".
"لذلك قد لا يكون كل زواج مسيار شرعيا، علما أن هذا النوع من الزواج شرعي طالما فيه جميع الأركان مع تنازل الزوجة عن بعض حقوقها وفي نهاية تصب في مصلحتها"، يتابع خورشيد.
ولا توجد حتى الآن أي إحصائيات رسمية بعدد زيجات المسيار التي تعقد في إقليم كردستان، لأنها تسجل عند رجال الدين خارج المحاكم وغالبيتها تكون سرية.
لكن "ارفع صوتك" حصل على احصائيات من مصادر مطلعة ورجال دين، أشاروا إلى أن عدد زيجات المسيار التي تعقد في الإقليم تتراوح سنويا بين 150- 250 حالة زواج.
من جهتها، تؤكد المحامية نضال أحمد الزبيدي لـ"ارفع صوتك"، أن "زواج المسيار يختلف عن الزواج المعروف اختلافا كبيرا، ففيه إهدار وضياع لحقوق المرأة".
وتوضح: "الزوجة تتنازل عن السكن والنفقة والرجل يمضي ساعات محددة معها فقط".
وتشير الزبيدي إلى أن قانون الأحوال الشخصية العراقي يسمح بتعدد الزوجات في حالة حصول إذن من المحكمة بشرط علم الزوجة وتحقق الإمكانية المالية للزوج.
وأعلن مجلس الأعلى للإفتاء في إقليم كُردستان في 31 أغسطس الماضي، أن "زواج المسيار لا ينسجم مع مقاصد الزواج وعرف المجتمع الكُردي"، معتبرا أنه "غير مقبول".
وأضاف في بيان "نحن في المجلس الأعلى للإفتاء نلفت انتباه المسلمين إلى أن هذا الزواج مخالف لعادات المجتمع الكُردي ولا يناسب مجتمعنا، ويتعارض مع مقاصد الزواج الإسلامية"، داعيا رجال الدين إلى النأي بأنفسهم عن عقد مثل هذا الزواج.
في نفس السياق، تعتبر الناشطة والباحثة الاجتماعية إيمان حسين "زواج المسيار ناتجاً للنقص العاطفي للمرأة والحرمان من الحصول على مساحة خاصة بها".
وتقول لـ"ارفع صوتك"، إن "الضحية غالبا ما تكون بحاجة لشريك ومال، وممكن أن تقع ضحية لشبكات الاتجار بالبشر تجبرها على الزواج مقابل المهر المعروض، لذلك تبقى المرأة هي السلعة الأكثر تداولا في كافة المجالات وتقديم الخدمة الجنسية عبر استغلالها مقابل حصولها على لقمة العيش او لغرض الحفاظ على حياتها"،
وتدعو حسين إلى إلغاء كافة أشكال الزواج الأخرى واعتماد الزواج الذي يُعقد في المحاكم فقط لـ"ضمان كافة حقوق المرأة وأطفالها مستقبلا".
كما تطالب الحكومة بتسليط الضوء على هذا نوع من الزواج ومعاقبة الجاني ووضع محاكم خاصة، وفتح دورات تعليمية للرجال والنساء المقبلين على الزواج، "يتعلمون فيها كيفية إدارة الزواج الحقيقي للحصول على مجتمع واع وجيل سليم يحظى بكافة الحقوق" حسب تعبيرها.