العراق

هل "خالف" الحلبوسي القوانين بقبوله استقالة الصدريين؟ محامي الطعن يتحدث

ارفع صوتك
09 سبتمبر 2022

على الرغم من موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الأخير، من عودة الكتلة الصدرية إلى البرلمان العراقي، على ضوء دعوى الطعن باستقالة نوابها المقدمة لدى المحكمة الاتحادية، إلا ان ذلك لا يمنع من النظر فيها كونها تضمنت خلافاً للقواعد الدستورية والآليات التشريعية، حسب صاحب الادعاء في تلك القضية.

وكان ما يعرف بـ"وزير القائد"، صالح محمد العراقي، غرّد الخميس، حول موقف الصدر إزاء محاولات تجري لإعادة النواب المستقيلين، إذ أوصد الباب محكماً حين قال "الرأي النهائي في مسألة عودة الكتلة الصدرية إلى مجلس النواب: فهو ممنوع منعاً باتاً ومطلقاً وتحت أي ذريعة كانت، إذ يرفض الفاسدون حكومة لا شرقية ولا غربية ذات أغلبية وطنية ونحن نرفض حكومة توافقية رفضاً قاطعاً".

ضياء الدين البديري ، القانوني الذي يسير دعوى الطعن باستقالات مجلس النواب من التيار الصدري، يؤكد أن "هناك مصادرة لحقوق الشعب وانتهاكاً للدستور، ارتكبها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي حين وافق على تلك الطلبات دون عرضها على تصويت الأغلبية".

ويضيف لـ"ارفع صوتك": "القضية التي يتحرك بشأنها جاءت طبقاً لسندات دستورية وقانونية تؤشر على خروقات كبيرة في نصوص التشريع والقواعد الفقهية التي تنظم ذلك الأمر".

وكان نواب الكتلة الصدرية استقالوا جميعاً في يونيو الماضي، استجابة لتوجيهات الصدر، انتهت بتوقيع الموافقة عليها من قبل رئيس مجلس النواب، ما أثار الجدل واللغط بين خبراء القانون بشأن صلاحيته بقبولها.

 يقول البديري، إن "المادة 52 حددت مدة الطعن شهراً بالقرارات الصادرة من المجلس، والفقرة الثانية من المادة ذاتها أوجبت التصويت على الاستقالة، وسمح ذلك بتقديم الطعن خلال 30 يوماً".

"لكن المدة (شهر) لم تفعّل، لأن قرار الموافقة صدر عن رئيس مجلس النواب الذي تفرّد باتخاذ القرار دون سند قانوني، حيث كان من المفترض أن يجري التصويت عليها بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان"، يتابع البديري.

ويلفت إلى أن المادتين (47/ ثانياً و48)، من قانون مجلس النواب لا تعطيان الحق لرئيس مجلس النواب قبول استقالة موظف في المجلس الأبعد أن تلتقي إرادته مع نائبيه".

ويتساءل البديري "كيف للحلبوسي الموافقة على استقالة نائب يمثل 100 ألف مواطن عراقي؟"، مشيراً إلى أن "النظام الداخلي من قانون مجلس النواب (المادة 12/ أولاً) أوجب الرجوع إلى مجلس النواب في حالة تقديم رئيس المجلس أو أحد نائبيه استقالته، فإذا ما استثنينا النواب البقية، فإن من بينهم حاكم الزاملي وهو النائب الأول لرئيس البرلمان".

ويبين: "كذلك المادة (31 من قانون المحكمة الاتحادية لعام 2020)، أوجبت مسألة البت في الاعتراض  المتعلق بصحة عضوية النائب (قبول أو استقالة أو إقالة)، من خلال طلب تصوت عليه أغلبية الثلثين من أعضاء البرلمان" .

ويزيد محامي الطعن، ضياء الدين البديري، أن "المادة الأولى/ثالثاً من قانون (49 لسنة 2007)، من قانون تعديل قانون استبدال أعضاء المجلس (رقم 6 لسنة 2006)، تشير إلى أنه تسري الفقرة أولاً من الأمر 9 لسنة 2005، على عضو مجلس النواب وأعضاء هيئة الرئاسة في حالة تقديم استقالته وقبولها من قبل المجلس بالأغلبية المطلقة، على أن لا تزيد فترة العضوية عن سنة واحدة".

وبشأن إمكانية إيجاد المعالجة للفراغ التشريعي، يرى البديري أن "هنالك طريقتين لتلافي ذلك الإشكال القانوني، الأولى، بتعديل قانون مجلس النواب للسماح للرئيس بقول الاستقالات".

"والثانية الرجوع إلى القواعد القانونية الفقهية العامة، من بينها  قاعدة توازي الاختصاص والإشكال، حيث تقول إن الجهة التي عينت الموظف بخدمة عامة هي ذات الجهة التي لها صلاحية قبول استقالته أو عزله، بالتالي عضو مجلس النواب معين من قبل الشعب ولا يمكن القبول أو الرفض إلا من قبل من يمثلهم وهم الأعضاء"، يُكمل البديري.

وأعلنت المحكمة الاتحادية العليا، الأسبوع الماضي، تحديد 28 من الشهر الحالي، موعداً للنظر بدعوى رفعت للطعن بقبول استقالات نواب الكتلة الصدرية.

من جانبه، يقول عارف  الحمامي، عضو اللجنة القانونية في البرلمان عن دولة القانون، لـ"ارفع صوتك": "لا يوجد تصويت للمجلس في الاستقالة الطوعية ولو كان ذلك لزاماً كان بالأحرى التصويت ترديد قسم اليمين للنواب الجدد".

وبشأن القرار المتوقع في قضية الطعن، يتوقع البديري، أن "القضاء ومن باب المصلحة الشخصية التي تتعلق بحقوق شعب وطبقاً للمادة (46) من المحكمة الاتحادية، الذي يفرض أن تتصدى من تلقاء نفسها إلى النصوص التشريعية والقرارات المخالفة للدستور سيكون عند ذلك قبول الدعوى والطعن بالاستقالة".

ارفع صوتك

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.