Iraqi demonstrators gather during an anti-government protest in Baghdad
"نحن المحايدون نريد من خلال هذا الموقف عراقا جديدا يسوده العدل"- أرشيفية

تتمسك فئة من النشطاء والمثقفين والسياسيين العراقيين بموقف محايد من الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ حوالي سنة، وسط تفاقم الصراع بين التيار الصدري والإطار التنسيقي.

وشهد العراق خلال يومي 29 و30 أغسطس الماضي، اشتباكات مسلحة بين التيار الصدري وفصائل من الحشد الشعبي، أسفرت عن مقتل نحو 30 شخصا وإصابة المئات من الجانبين.

وانتهت بدعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لأنصاره بالانسحاب من المنطقة الخضراء والحفاظ على السلم الأهلي.

Missing content item.

يقول السياسي المستقل علي البياتي، لـ"ارفع صوتك": "اخترنا الحياد لأنه يصب في مصلحة الشعب العراقي، نحن المحايدون نريد من خلال هذا الموقف عراقا جديدا يسوده العدل، لذلك لا نريد أن نكون مع طرف ضد آخر".

ويشير إلى أنهم (المحايدين) "لن يكونوا جزءاً من حراك تشرين المقبل فيما إذا سعى لتقويض النظام السياسي وهدم العملية الديمقراطية".

"إصلاح النظام أهم وأكبر من هدم النظام"، يضيف البياتي.

ومازال الانسداد السياسي سيد الموقف في الساحة العراقية، بعد فشل كافة المحاولات للتقارب بين طرفي الصراع وعدم التوصل إلى أية حلول للتقارب بين الجانبين، ما يثير مخاوف من تجدد النزاع المسلح بينهما.

من جهته، يقول الكاتب والناقد نذير العطار، لـ"ارفع صوتك"، إن "الصراع الحالي على الساحة، قائم بين سلطتين تحكمان العراق وتملكان فصائل مسلحة، قد تتخاصمان اليوم وتتصالحان غداً، وهو ما شهدناه عدة مرات سابقاً، لذا نحن غير معنيين بهذا الصراع".

ويوضح: "الحياد لا يؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على الأزمة، لكنه قضية مبدأ وعقل ترجيحي يدفع بصاحبه إلى مراقبة المشهد السياسي من بعيد".

ويلفت العطار إلى أن "الطرف الذي يطالب بالإصلاح اليوم هو الآخر كان جزءاً من الحكومة، لكنه لم ينه هذا النظام السياسي، بالتالي فإن الحياد أيضا لا ينهي هذا النظام".

ويرى أنه "من الضروري أن تكون لتشرين بصمة حتى لا تُحتكر عملية التغيير السياسي في العراق لصالح فئة معينة وتبقى الأوضاع الحالية كما هي".

وكان بيان حمل اسم "ثوار تشرين الأحرار"، دعا إلى تنظيم احتجاجات شعبية واسعة في ساحة التحرير وسط بغداد في الأول من أكتوبر المقبل، الذي يصادف الذكرى السنوية الثالثة لانطلاق احتجاجات تشرين.

ولوح ناشروا البيان "باستخدام كافة الخيارات السلمية لإنهاء العملية السياسية الحالية وتأسيس عقد سياسي جديد خالٍ من الأحزاب والتيارات الحالية".

في هذا السياق، يقول الناشط عدي الزيدي، وهو عضو اللجنة المنظمة لتظاهرات تشرين (2019- 2020)، إن "موقف ثوار تشرين حيادي من احتجاجات أنصار التيار الصدري والإطار التنسيقي، فلن نكون جزءاً من أي طرف منهما، على الرغم من أن أنصار التيار رفعوا نفس مطالبنا، وتعرضنا حينها للقمع من قبل السلطة والمليشيات ومن التيار الصدري أيضاً".

"سنخرج في الأول من تشرين المقبل وبكثافة"، يؤكد الزيدي لـ"ارفع صوتك".

الناشط في مجال حقوق الإنسان مجتبى أحمد، محايد أيضاً، ويرى أن "المواقف الحالية قد تختلف وتتبلور عنها مواقف مختلفة مستقبلا وفقا لمعطيات الأحداث السياسية في المرحلة القادمة".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "الثورة الشعبية المنتظرة ليست بالضرورة أن تكون في شهر تشرين، لأن العامل السياسي ومنعطفاته الفاعل الكبير في تحريك الشارع الوطني".

ويضيف أحمد "لا أظن أن تاريخاً معيناً أو ذكرى انطلاق احتجاجات تشرين يمكن أن تكون فاصلة، لكن قد يتمخض عن الحراك الشعبي تنظيم شعبي وطني محترف في المستقبل القادم للبلاد".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.