تسعى وزارة التربية العراقية إلى إيجاد الحلول الناجعة لطباعة الكتب المنهجية للعام الدراسي الحالي، حيث يجري وزيرها علي حميد الدليمي محاولات حثيثة ومتواصلة مصممة خصيصاً لتوفير مبالغ مالية.
وتؤكد معاونة الشؤون العلمية في المديرية العامة للمناهج بوزارة التربية، الدكتورة إسراء طالب توفيق، إن "محاولات وزير التربية مستمرة لتأمين مبالغ مالية لطباعة الكتب المدرسية وخاصة للمراحل الابتدائية، وبالتالي فإن مسألة طباعة الكتب غير مغلقة".
ويأتي ذلك، خلال توضيحها لـ"ارفع صوتك"، حول ماهية أزمة تأخر تسليم الكتب المدرسية للتلاميذ كالمعتاد، ولم يبق سوى أسبوعان على بدء السنة الدراسية المقررة في الأول من أكتوبر المقبل.
وتقول توفيق، إن "تأخر إقرار الموازنة والمخصصات المالية لعام 2022، أضر كثيراً بوزارة التربية كما غيرها من الوزارات والمؤسسات الحكومية، فغيابها يعني توقف التمويل والمشاريع".
وكان من المفترض أن تقر موازنة 2022 في نهاية العام الماضي 2021، إلا أن حالة الانسداد السياسي التي يعيشها العراق حالت دون ذلك.
تبين توفيق: "ليست هناك اتفاقيات معينة أو إبرام لعقود طباعة الكتب سواء في داخل البلاد أو خارجه، لأن المساعي الآن تجري في كيفية حصول وزارة التربية على المبالغ المالية اللازمة، وما يشاع من أخبار هنا وهناك عن أن العراق سوف يطبع الكتب المنهجية للعام الدراسي الحالي في لبنان مقابل النفط لا صحة له نهائياً".
"ماكو كتب"
اعتادت الطالبة في السادس الإعدادي من بغداد، إيلاف محمد، على استلام جزء من الكتب المدرسية قبل بداية الدوام الرسمي، ولكن ذلك لم يحدث هذا العام.
تقول لـ "ارفع صوتك" إن "الدوام الرسمي سيبدأ قريباً ولغاية الآن لم نستلم كتاباً واحداً، رغم اعتيادنا على استلام المستعمل منها مع نهاية العطلة، فيما توزع الكتب الجديدة مع بداية الدوام".
وتضيف إيلاف: "نسمع الآن الكثير عبارة (بعد ماكو كتب مدرسية جديدة)، ما دفع والدي لتأمين بعض الكتب لإخوتي الصغار".
وتشير إلى أن "أغلبية الأهالي يخشون إذا قاموا بتوفير الكتب المدرسية على نفقتهم الخاصة سواء بشراء الجديد أو استنساخه، من إمكانية أن تتبدل هذه المناهج كما يحدث دوماً، خاصة أن أسعارها ارتفعت".
وتقول إيلاف، إن الكثير من الطالبات "لا يتمكنّ من توفير التكاليف المالية اللازمة لشراء واستنساخ الكتب المدرسية بسبب ظروفهن الاقتصادية الصعبة".
ووفقاً لبيان عضو لجنة التربية والتعليم في البرلمان العراقي جواد الغزالي، فإنّ "وزارة التربية تواجه تحديات كبيرة، أبرزها عدم قدرتها على طباعة كتب جديدة خلال العام الحالي بسبب غياب التخصيصات المالية، رغم وجود عائدات هائلة للنفط".
"كما أنّ "طباعة الكتب المدرسة بحاجة إلى أموال طائلة، ولا يمكن اللجوء إلى طرق أخرى مثل الطبع بالآجل بسبب التعقيدات، ورفض أغلب الجهات ذلك، والطلبة مجبرون على استخدام الكتب القديمة، والاعتماد على المسترجع لحين إيجاد مخرج لهذه الأزمة"، كما قال الغزالي.
الكتب الجديدة
أزمة الكتب المدرسية ليست جديدة، إذ تتكرر كل عام لأسباب مختلفة، أبرزها كثرة التعديلات التي تطرأ على المناهج ممّا يؤدي إلى إعادة طبعها وتأجيل تسليمها.
تقول المُعلمة آلاء علي لـ"ارفع صوتك": "خلال السنوات العشر الأخيرة تغيرت المناهج وأضيف لها كثيراً، بالتالي فإن ما يحدث هو أننا بحاجة دائمة لطباعة كتب جديدة".
المشكلة بالنسبة إليها وغيرها من الملاكات التدريسية لا تنتهي عند هذا الحد، إذ تضيف علي، أن "المسترجع من كتب الطلبة والتلاميذ بعد انتهاء العام الدراسي يكون أقرب للتالف ولا يمكن الاستفادة منه".
وآخر إحصائية لعدد طلبة المدارس فس عموم العراق، كانت العام الماضي، حيث قدّر بـ 13 مليون طالب، فيما بلغ عدد المسجلين الجدد في الصف الأول الابتدائي أكثر من مليون طالب.
استنساخ الكتب
من جهته، يرى المدرس ناجي حميد، أن المراحل الدراسية كافة تعاني من شحّة في الكتب المنهجية.
يقول لـ"ارفع صوتك": "حتى طالب الإعدادية الذي يصل لمراحل نهائية من الدراسة نجده يفتقر إلى ثقافة المحافظة على كتابه المدرسي، إذ يعيد الكتب بعد انتهاء العام الدراسي وقد أصبحت لا تصلح لشيء من كثرة ما كتب عليها وفقدت أغلب صفحاتها".
"على الرغم ممّا نبذله كمدرسين وإدارة مدرسية من توجيه وتوعية، إلا أننا لا نجد أذاناً صاغية، لذا غالباً ما يلجأ الأهالي إلى استنساخ هذه الكتب لسد النقص"، يضيف حميد.
ويشير إلى أن تكاليف استنساخ الكتب قد تكون مرتفعة جداً، ولا تستطيع جميع العائلات تأمينها، خصوصا إذا كان لدى العائلة عدة طلاب ليس واحداً أو اثنين فقط.
من الجدير بالذكر أن كل الكتب متوفرة إلكترونياً عبر الإنترنت، مواقع التواصل، لكن هذا "لا يشكل حلاً" وفق حميد، معللاً بأن "الطالب يحتاج كتابه الورقي معه أينما كان".
ويعتقد أن "الحل الأمثل للقضاء على هذه الأزمة، الرجوع إلى المطابع العراقية، لا سيما أن أغلبها يمكن أن تطبع هذه المناهج بطريقة احترافية عالية".