هيئة الحشد الشعبي أعلنت في الثامن من الشهر الجاري إحباط مخطط زعمت أن حزب البعث يقف خلفه (مديرية الإعلام - هيئة الحشد الشعبي)
هيئة الحشد الشعبي أعلنت في الثامن من الشهر الجاري إحباط مخطط زعمت أن حزب البعث يقف خلفه (مديرية الإعلام - هيئة الحشد الشعبي)

تصاعدت أزمة وفاة شيخ العشيرة البارز في مدينة الديوانية جنوبي العراق بعد أيام من إطلاق سراحه من قبل هيئة الحشد الشعبي، وسط دعوات من نواب عراقيين للتحقيق في الحادثة ومحاسبة المتورطين.

وأعلن عن وفاة شيخ عام عشائر مرمض، إقبال دوحان، الخميس، في الديوانية، بعد تفاقم حالته الصحية، حيث ظهر وهو يرقد في المستشفى وعليه آثار تعذيب كما أفاد ناشطون ونائبان في البرلمان العراقي.

وكانت هيئة الحشد الشعبي أعلنت في الثامن من الشهر الجاري إحباط مخطط زعمت أن "حزب البعث المحظور يقوده ضد أمن بلدنا وزيارة الأربعين في أربع محافظات" هي كربلاء والديوانية وبابل والمثنى.

وقالت الهيئة في بيان أن عناصرها "تمكنوا من الإطاحة بشبكة فاعلة منهم أعضاء قيادات قطرية وقيادات فروع وشعب، حيث تم التعامل مع المعتقلين وفق الإجراءات القانونية أصوليا"، وذكرت أنها ستعلن التفاصيل في وقت لاحق.

لم يأت بيان هيئة الحشد الشعبي على ذكر أسماء المعتقلين أو أعدادهم أو المحافظات التي ينتمون لها، لكن قبيلة الشيخ إقبال دوحان أصدرت بيانا بعد ساعات من اعتقاله طالبت خلاله بإطلاق سراحه وفتح تحقيق بشأن عملية الاعتقال والظروف التي رافقتها.     

وأشارت القبيلة في بيانها إلى أنها تفاجأت من عملية اعتقال الشيخ دوحان، خاصة وأنه يعاني من أمراض مزمنة ويمر بظروف صحية سيئة.

وأثارت عملية اعتقال الرجل البالغ في السن ردود أفعال غاضبة من قبل نواب مستقلين تحدثوا عن عدم وجود سند قانوني يتيح لهيئة الحشد الشعبي تنفيذ اعتقالات ضد مواطنين، فيما تعهدوا بالتحرك للتحقيق في الحادثة.

وقالت النائبة المستقلة في البرلمان العراقي نور رافع الجليحاوي إنها "شرعت بجمع تواقيع" لفتح تحقيق داخل البرلمان حول المعلومات المتعلقة بتعرض الشيخ إقبال الدوحان "لعمليات تعذيب أثناء اعتقاله من قبل أمن الحشد".

وأضافت الجليحاوي في تغريدة على تويتر أن التحقيق يتعلق أيضا بـ"الآلية غير القانونية لاعتقاله".

كذلك شدد النائب سجاد سالم أن "هيئة الحشد الشعبي ليست سلطة تحقيق بموجب القوانين العراقية"، داعيا إلى عزل رئيس الهيئة فالح الفياض "لخرقهِ القانون وعدم استقلاليتهِ".

وقال سالم في تغريدة على تويتر إن "حملة الاعتقالات من قبل هيئة الحشد الشعبي تمثل خرقا فاضحا للقانون"، مضيفا أن "السكوت عن هذه الخروقات القانونية بمثابة تفويض لجهات سياسية معينة بإطلاق يدها في العبث بمصائر الناس واستهدافهم وقمع حرية الرأي".

وحاول موقع "الحرة" الحصول على رد من إعلام هيئة الحشد الشعبي وقادة في الهيئة، إلا أنهم لم يردوا على الاتصالات الهاتفية المتكررة بهم.

وجاءت هذه التطورات فيما يحيي ملايين الشيعة من العراق وبلدان إسلامية أخرى ذكرى زيارة "أربعينية" الإمام الحسين بن علي حفيد النبي محمد في مدينة كربلاء.

وتأتي الحادثة في ظل أزمة سياسية خانقة يعاني منها العراق منذ إعلان نتائج انتخابات أكتوبر 2021، تسببت في عدم قدرة الأطراف على تشكيل حكومة جديدة في البلاد.

وأدت الأزمة إلى اندلاع أعمال عنف في الشوارع بين أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وعناصر من الحشد الشعبي الذي يضم فصائل موالية لطهران، وصفت بأنها أسوأ اشتباكات تشهدها البلاد منذ سنوات.

وكان صالح محمد العراقي المقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعا مطلع الشهر الجاري رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، إلى إقالة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وحل الفصائل المسلحة وإخراج عناصرهم وأفراد الحشد من المنطقة الخضراء وسط بغداد.

كما شن العراقي هجوما لاذعا على الفصائل المسلحة التي قال إنها "تدعي المقاومة وتقتل الشعب"، داعيا الكاظمي لإصدار أمر "حازم وشديد" بحلها، وطالب أيضا بإخراج "جميع الفصائل، بل والحشد الشعبي من المنطقة الخضراء، ومسكها من قبل القوات الأمنية".

وفاز الصدر بالأغلبية في انتخابات أكتوبر، لكنه سحب جميع نوابه، ما يقرب من ربع أعضاء البرلمان في يونيو ولجأ إلى إثارة احتجاجات في الشوارع بعد أن فشل تياره في تشكيل حكومة.

وحاول معارضو رجل الدين الشيعي، ومعظمهم من أحزاب مدعومة من إيران لها أجنحة مسلحة، تشكيل حكومة في مواجهة الاحتجاجات والاضطرابات، لكنهم فشلوا في ذلك.
 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.