العراق

ملايين المسلمين الشيعة يحيون أربعينية الإمام الحسين في كربلاء

فرانس برس
17 سبتمبر 2022

أحيا أكثر من 21 مليون شيعي، بينهم 3 ملايين إيراني، السبت، أربعين الإمام الحسين في مدينة كربلاء المقدّسة في وسط العراق، وهي مناسبة دينية هامة عند المسلمين الشيعة، فيما تعيش البلاد أزمة سياسية.

وتعدّ هذه المناسبة من أكبر التجمّعات الدينية في العالم ويحيي خلالها المسلمون الشيعة الذين يشكلون غالبية السكان في العراق وإيران ذكرى أربعين مقتل الإمام الحسين، حفيد النبي محمد.

وتتحوّل كربلاء التي تضمّ مرقدي الإمام الحسين وأخيه العبّاس، إلى وجهة مهمّة بالنسبة للشيعة.

وبعد عامين هيمنت عليهما جائحة كورونا، توافد هذا العام أكثر من 21.2 مليون شيعي إلى المدينة الواقعة في وسط العراق في الأيّام الأخيرة، بحسب أرقام نشرتها العتبة العباسية.  

ومن بين هؤلاء 5 ملايين أجنبي، بحسب السلطات العراقية.

وشارك في الزيارة عدد قياسي من الإيرانيين، بلغ 3 ملايين شخص، بحسب طهران.

وتجمّع الزوار من نساء ورجال في الساحة الواقعة بين مرقدي الإمام الحسين والعباس، متشّحين بالسواد ومرددين الصلوات السبت، فيما قامت مجموعة من الرجال باللطم على صدورهم.

يقول الشرطي مهنّد نور حسين البالغ من العمر 36 عاماً والذي جاء إلى كربلاء من جنوب العراق "هنا أشعر براحة نفسية ... حتى في الأيام العادية، إذا شعرت بضيق، آتي إلى هنا لزيارة الإمام الحسين، أفضفض، وأعود".

على وقع الأناشيد الدينية والصلوات، جال زوّار قادمون من لبنان وتركيا ببطء حول المرقدين وفي الساحة الواصلة بينهما. رفع الزوّار الأعلام السوداء ولافتات خطّ عليها اسم الإمام الحسين.

ومنذ إسقاط نظام صدام حسين في العام 2003 إثر الغزو الأميركي، تشهد المشاركة في زيارة الأربعين ارتفاعاً مطّرداً.

ويشرح الباحث أليكس شمس من جامعة شيكاغو، المختصّ في الشيعية السياسية في العراق وإيران أنه "بالنسبة للشيعة العراقيين، يشكّل ذلك تعبيراً عن حريتهم بعد سنوات من الديكتاتورية، وانعكاساً لفخرهم بهويتهم الشيعية".

وتجري الزيارة هذا العام وسط سياق سياسي متوتّر في العراق. فبعد نحو عام على انتخابات أكتوبر 2021 التشريعية، لا يزال القطبين الشيعيين الكبيرين في البلاد على خلاف بشأن إمكانية حلّ البرلمان وتسمية رئيس جديد للحكومة.

وتطورت الأزمة إلى مواجهات مسلّحة أواخر أغسطس في بغداد، بين مناصري رجل الدين مقتدى الصدر والقوات الأمنية وقوات من الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلحة شيعية باتت منضوية في أجهزة الدولة. وقتل 30 شخصًا على الأقلّ من مناصري الصدر خلال المواجهات.

فرانس برس

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.