جاءت الحملة بعد وصول شكاوى تتعلق بإجبار طالبات على ارتداء الحجاب، لفريق "النساء للنساء"- تعبيرية
جاءت الحملة بعد وصول شكاوى تتعلق بإجبار طالبات على ارتداء الحجاب، لفريق "النساء للنساء"- تعبيرية

منذ أيام، تتداول ناشطات نسويّات من العراق، وسم "لا_للتحجيب_القسري" في مواقع التواصل، في دعوة لمنع فرض الحجاب في المدارس على الإناث.

وأطلق فريق "النساء للنساء" المتمثل بمديرته دينا الأيوبي والناشط في حقوق المرأة والطفل نذير عيسى والناشطة في حقوق المرأة هبه النائب، حملة احتجاجية تطالب بإصدار قرار رسمي من وزارة التربية يمنع "فرض الحجاب كشرط للقبول الدراسي" ومعاقبة كل من يفرضه.

جاء ذلك بعد أيام قليلة من تلقي الفريق شكاوى بخصوص فرض الحجاب من قبل إدارة المدارس داخل المدرسة أو خارجها، والتهديد والوعيد في حال عدم الالتزام بارتدائه، إما بالنقل إلى مدرسه أخرى أو التعدي على الطالبات بالعنف اللفظي والنفسي والجسدي، أو إجبارهن على ممارسة أعمال تنظيف، أو تلقيهن لعقوبة الفصل بالغياب، أو خصم درجات من تقديرهن الدراسي. 

توضح دينا الأيوبي لـ"ارفع صوتك": "لا يوجد أي نص قانوني يعطي الحق للمؤسسات التعليمية في فرض الحجاب، وفي حال تم ذلك من قبل إدارة المدرسة، يجب تقديم شكوى لوزارة التربية، أو رفع دعوى قضائية، لأن هذا التصرف مخالف للدستور". 

وكانت وزاره التربية العراقية نفت في وقت سابق أي تعميم بفرض الحجاب كشرط للقبول الدراسي.

وأكد المتحدث الرسمي باسم الوزارة، حيدر فاروق السعدون، أنه "لم يتم توجيه أي إعمام أو كتاب رسمي إلى الإدارات المدرسية يتعلق بإجبار الطالبات على ارتداء الحجاب".

وقال إن "هذا الأمر يندرج ضمن الحرية الشخصية للطالبات وأهاليهن"، مشيراً إلى أن "إدارات المدارس تأخذ على عاتقها تحديد الزي المدرسي فقط، بشرط أن يكون مناسبا لذوق الطلبة وليس فرضه بالإكراه".

وأضاف السعدون أن "فرض ارتداء الحجاب ليس من اختصاص وزارة التربية، ولا تملك الحق بإجبار الطالبات على ارتدائه أو خلعه، وفي حال وجهت إحدى المدارس بذلك فلا يعدو كونه توجيها داخليا".

وعن الحملة الفاعلة في مواقع التواصل، تقول الأيوبي، إن الهدف منها "محاسبة كل من عنف لفظياً أو جسدياً أو أساء بحق الطالبات أو الطلاب، والعمل على إيجاد حلول جذرية لا ترقيعية، للنهوض بالواقع التربوي والتعليمي".

ويعكف فريق "النساء للنساء" حالياً، على استبيان بخصوص تحجيب الفتيات قسرياً في المدارس بغرض إجراء تعداد "للمدارس المخالفة للقانون"، وفق تعبيره:

تضيف الأيوبي: "من مهام الحملة إعداد استبيانات واقعية، و على المؤسسات التعليمية والجامعات مشاركة لجنة حقوق الإنسان في وزاره التربية والتعليم والمنظمات الحقوقية، بشكل دوري". 

 

"غطاء ديني وسيطرة عشائرية"

إطلاق حملة "لا_للتحجيب_القسري"، أثار الجدل في الشارع العراقي، فقضية ارتداء الحجاب أو خلعه تعد حساسة في المجتمع العراقي بحكم العادات والتقاليد، فضلاً عن الموروثات الدينية، حيث لا يزال الكثير من الطفلات وصغيرات السن يرتدين الحجاب قسراً.

تقول الأيوبي: "تم اتهامنا بتهم قبيحة، حتى أن البعض قام بتهديدنا، وهناك من يحاول استهدافنا، وهذا للأسف بسبب جهل واضح بدور وزارة التربية وملاكاتها العاملة".

وترى أن "هذه السلوكيات ضد الحملة، ليست سوى اجتهادات شخصية مخالفة للدستور العراقي، لكن بغطاء ديني وسيطرة عشائرية، تجعل منها أمرا طبيعيا أو مسكوتاً عنه".

في ذات السياق، تقول المُعلمة حنان كرم لـ"ارفع صوتك"، إن "بعض المعلمات يحاولن إقناع الطالبات بارتداء الحجاب، وأخريات ينتقدن الطالبات غير المحجبات للحد الذي تصل فيه الأمور إلى التنمر عليهن وعزلهن وحتى تعنيفهن لفظياً". 

"والكثير من أفراد المجتمع ينظرون لارتداء الحجاب على أنه مقياس لأخلاق الفتاة والمرأة، بل ذهب البعض إلى ربط غطاء الرأس بشرف الفتاة وعفتها"، تضيف كرم. 

شذى جبر، من بغداد،  أم لثلاث طالبات في مراحل دراسية مختلفة، تتحدث عن تجربة، بقولها إن "الكثير من المعلمات أو المدرسات يتصرفن بشكل غير لائق وعنيف وهن يحاولن إجبار الطالبات على ارتداء الحجاب". 

وتبيّن لـ"ارفع صوتك": "دائما ما تواجه بناتي اللواتي لا يرتدين الحجاب معاناة، حيث لا تنحسر المشكلة في الملاكات المدرسية، بل أيضا في تعامل الطالبات المحجبات معهن".

وتقول شذى: "للأسف نحن نفتقر إلى ثقافة الحرية الشخصية واحترام الآخر المختلف، بل إن العنف ضد أي قرار يتعلق بهذه الحرية، يُعدّ أمراً طبيعياً في المجتمع".   

"لذا نجد المختلف لا يتمكن من التواصل، لأنه يعيش عادةً في دوامة الآخر الذي يرفض تقبله بشكل يعارض ما تعود عليه"، تتابع شذى.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.