محتجون في ذكرى إحياء احتجاجات تشرين
محتجون في ذكرى إحياء احتجاجات تشرين

يستعد الكثير من العراقيين للعودة إلى الشارع بالتزامن مع الذكرى الثالثة لاحتجاجات أكتوبر عام 2019.

واندلعت التظاهرات حينها احتجاجا على الوضع السياسي والمعيشي في البلد، وجابهتها الشرطة والمليشيات المقربة من إيران بحملة قمع شديدة تسببت في مقتل أكثر من 600 متظاهر.
لكن التظاهرات، التي وصفت بأكبر حركة احتجاجية منذ الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003، أرغمت في سابقة من نوعها حكومة عادل عبد المهدي على الاستقالة، كما أجبرت البرلمان العراقي على تبني قانون انتخابي جديد.

يقول عليوي الهندي، وهو أحد قادة تظاهرات تشرين، أن يوم السبت المقبل سيكون امتداداً  لـ"مسيرة الثورة" التي بدأت في الأول من أكتوبر عام 2019، عبر تنظيم تظاهرات إحياء للذكرى الثالثة لاندلاع تلك الاحتجاجات.  

ويتابع الهندي، في تصريح لـ"ارفع صوتك" إنه "من المقرر إجراء تظاهرات واسعة على وفق خطة انقسام المتظاهرين إلى فريقين. الأول يتظاهر أفراده في ساحة التحرير ببغداد، وإزاحة الصبات الإسمنتية الموجودة على جسر جمهورية ومن ثم التوجه للمنطقة الخضراء ودخولها". 

أما الفريق الثاني، فسيتظاهر أفراده بالقرب من بوابات ساحة النسور للدخول أيضاً إلى المنطقة الخضراء، يضيف الهندي. 

ويصف الهندي المشاركة في احتجاجات السبت القادم ب"مشروع استشهاد لخدمة هذا الوطن عبر سلمية التظاهر وبرفع العلم العراقي وكذلك بقميص فقط". 


مخاوف حقيقية

 

يصرّ كرار باقر، 26 عاماً، على المشاركة في تظاهرات السبت القادم والبقاء مع المحتجين حتى تحقيق مطالبهم المتمثلة في إجراء انتخابات عادلة، والتخلص من الفساد، وكذلك "الأحزاب السياسية التي تتلاعب بقدرات البلاد وثرواته". 

يقول باقر لـ"ارفع صوتك" إن "الوضع الحالي في البلاد ومؤشراته تثير مخاوف حقيقية من إمكانية عودة الأسماء نفسها للحكم أو في اختيار الموالين لهم لكي يشغلوا تلك المناصب. وبالتالي فإن اندلاع الاحتجاجات في هذا الوقت مناسب للإعلان عن رفضنا لهم". 

ويضيف الشاب العراقي أن "بقاء هذا النظام يعني أن يتم قتلنا بشكل بطيء، كما حدث ويحدث طيلة الأعوام الماضية. لذا فأنا أفضل أن أموت وأنا أطالب بحقوقي مع غيري من المحتجين. وحتماً سيأتي اليوم الذي ستتحقق فيه العدالة ويحدث التغيير". 

 

انتشار الفوضى


 تهتم هدى خليل، 43 عاما، بشكل لافت بأخبار تظاهرات ثورة تشرين القادمة، وتعدّها من أهم الاحتجاجات الصادقة النزيهة التي ستحدث تغييراً كبيراً في البلاد.   

تقول خليل لـ"ارفع أصوتك": "لديّ رغبة كبيرة في مساندة الشباب والتظاهر معهم، ولكنني أخشى من تأزم الأمور إلى الحد الذي يؤدي إلى انتشار الفوضى وصعود شخصيات مقنعة إلى السلطة لا تختلف عن الذين سبقوهم".  

وتضيف: "رغم تفاعلي بإيجابية مع متظاهري تشرين، إلاّ أن الخوف يتملكني من إمكانية تكرار ما حدث في أكتوبر عام 2019، حيث تم استهداف الشباب المحتج بسلمية". 

 

"سأكون معهم"

 

في المقابل، تنظر الحاجة هناء كريم، بسوداوية تجاه الاستعدادات لاندلاع تظاهرات تشرين القادمة، وتعرب عن قلقها من أن يتم استهداف المتظاهرين كما في السابق. 

تقول هناء كريم لـ"ارفع صوتك" إنها تخشى على أبنائها الثلاثة من الاستهداف، لأنهم كانوا دوماً من المشاركين في أية احتجاجات سلمية في البلاد.

وتضيف أن "المشكلة هنا في أن الاحتجاج كان وما زال سلمياً تجاه الذين يسيطرون على العملية السياسية ويحكمون البلاد، ولكن رد الطبقة الحاكمة دائماً ما يكون بعدم تفهم طموحات الشباب واستيعاب رغبتهم في التغيير والإصلاح عبر استهدافهم بالقتل". 

وقررت الحاجة هناء مرافقة أبنائها الثلاثة إلى ساحة الاحتجاجات يوم السبت، وهي تشير إلى أن إصرارهم في المشاركة دفعها لاتخاذ قرار مرافقتهم. "أنا أم وأشعر بالقلق عندما يغيب أولادي عن البيت، فكيف إذا ما ذهبوا للموت بأنفسهم، لذا سأكون معهم"، تقول.

 

لن تجدي نفعاً


من جهته، يقول عادل سعدون، وهو أحد الذين شاركوا في تظاهرات تشرين الأول من عام 2019، بأنه لن يعيد المشاركة بالاحتجاجات. 

يقول سعدون لـ "ارفع صوتك": لن أشارك في أية تظاهرات في البلاد، لأنني لم أعد أثق بكل شيء يتعلق بالاحتجاج، خاصة وأن الوجوه القديمة من الذين استولوا على الحكم والسلطة باقية ولا تتغير". 

ويضيف أن "التظاهرات وفي هذا الوقت بالذات لن تجدي نفعاً. وربما يرى الكثير غير هذا الرأي، لكن ما أراه إن الطريق الوحيد يبدأ من وعي جديد يشكّل ملامح عملية ديمقراطية حقيقية لا سبيل لها غير انتخاب المرشح الأمثل والأشد كفاءة".  

ويشير سعدون إلى أن الحل الأمثل هو صندوق الانتخابات، "فهو الفرصة الوحيدة للتغير".   

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.