A boy walks through a dried up agricultural field in the Saadiya area, north of Diyala in eastern Iraq on June 24, 2021. - As…
مليونان و953 ألف دونم هي مساحة الأراضي المتأثرة بالتصحر والشح المائي في العراق- أرشيفية

استجابة لأزمة انحسار المياه المتفاقمة في البلاد منذ سنوات، أوصت وزارة الموارد المائية العراقية بتقليص الخطّة الزراعية للموسم الشتوي الحالي بواقع 25 بالمئة، مقارنة بالعام الماضي.

ويعاني العراق من تراجع مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات، نتيجة توسع تركيا (دولة المنبع) بإنشاء السدود، بشكل يخفض حجم التدفق في النهرين، فضلًا عن قيام إيران بقطع وتحويل أكثر من 42 من الروافد التي تغذي مناطق شرق وجنوب العراق.

وهدّدت بغداد في أكثر من مناسبة باللجوء إلى المؤسسات الدولية للفصل في قضية تقاسم المياه مع دول الجوار، دون أن تحرز تقدماً في هذا الجانب.

ويحتل العراق المركز الخامس بين الدول الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، وفي مقدمتها الجفاف والتصحر.  

وتحذّر تقارير دولية من احتمالية جفاف حصّة العراق من نهري دجلة والفرات خلال الـ 20 سنة القادمة، إذا استمرت الأوضاع على حالها.

تقليص موسم الزراعة الشتوي، لم يكن حلًا استثنائياً، سبقه تقليص الخطّة الزراعة للموسم الصيفي بواقع 40 بالمئة، مقارنة بالعام الماضي.

وبحسب أرقام خطّة التنمية الوطنية، الصادرة عن وزارة التخطيط العراقية، تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة 28 مليون دونم، لا تتجاوز مساحة المستغل منها 11.5 مليون دونم.

 

ثمن الجفاف.. تراجع المحاصيل

 

ويشهد العراق منذ العام 2017، تراجعًا تدريجيّاً في إنتاج المحاصيل، إذ بلغ إنتاج البلاد من محصول القمح نحو 3 ملايين طنّ بمساحة زراعيّة بلغت 4.2 مليون دونم. وكان الإنتاج قد تراجع في العام 2018، ليبلغ نحو 2.17 مليون طنّ.

ويرجع خبراء ومختصون أسباب تراجع القطاع الزراعي في العراق، إلى فوضى التخطيط وعدم الاستعداد للتقلبات الطارئة، فضلاً عن تراجع تدفق المياه القادمة من تركيا وإيران.

تعتبر تركيا أن نهري دجلة والفرات نهران تركيان  وليس دوليين.
أزمة المياه العراقية التركية.. تاريخ طويل من المفاوضات والجفاف
ترى تركيا أن نهري دجلة والفرات نهران تركيان بناء على نظرية السيادة المطلقة. وعلى هذا الأساس، من حقها إقامة ما تشاء من مشاريع وتغييرات، بما في ذلك تغيير مجرى النهرين، حتى لو أضرت بمصالح العراق. فماذا تقول الحكومة العراقية؟

المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف، يقول لـ "ارفع صوتك"، إنه "في العام الماضي ونتيجة لشحّ المياه حصلنا على موافقة من وزارة الموارد المائية بزراعة 1.6 مليون دونم من مجموع خطّة زراعية بلغت 6 مليون دونم"، وهو ما يصفه بـ"الإنجاز الكبير" في ظل الظروف البيئة والمناخية القاسية وسياسات دول الجوار (تركيا وإيران) المائية.

وفيما يتعلق بالعام الجاري، يقول النايف "جميع المؤشرات والأرقام تتوقع موسماً أشد قسوة من العام الماضي، بعد أن انخفضت نسب الخزين الاستراتيجي من المياه إلى نحو 60 بالمئة، بحسب ما أعلنته وزارة الموارد، بالتالي قد نشهد تقليصاً كبيراً في المساحات المزروعة يفوق ما حدث في السنوات السابقة".

ويؤكد أنّ الخطة الزراعية للموسم الشتوي لم تقر حتى الآن وهي ما تزال في موضع دراسة ونقاش مع وزارة الموارد المائية، قائلاً "ما زلنا نخوض في اجتماعات بغرض إنضاج الموقف النهائي".

ويلفت النايف إلى أن "النقاشات المبدئية تتضمن الموافقة على زراعة 35% من الأراضي الزراعية، إلا أن الموارد المائية قد أقرت لنا بنحو 25% منها"، مشيرًا إلى أن "الخطة تتضمن 4.5 مليون دونم من الحنطة و3 ملايين من محصول الشعير".

وأمام خطة الزراعة الشتوية التي تعد الأقسى في تاريخ البلاد، تقول وزارة الزراعة "إنها لن تبقى مكتوفة الأيدي".

المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، يكشف عن خطة موازية أعدتها الوزارة لتقليل الضرّر الإنتاجي، وتتضمن هذا الخطة " زراعة 6 مليون دونم في حال سقوط الأمطار و3 مليون دونم بالاعتماد على الآبار والمياه الجوفية".

إضافة إلى الجفاف وتقليص الخطط الزراعية، فاقمت الحرب الروسية الأوكرانية من مشكلة توفير محاصيل القمح والشعير، حسب نايف الذي يقول "العراق من الدول المتضررة جراء ما يحصل في أوروبا، الأحداث أسهمت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية، ونحن غالباً ما نعتمد على الاستيراد لسد النقص الحاصل من تلك المحاصيل".

جفاف الأنهار
تقرير: الجفاف في العراق يعكس تهديد المناخ للأمن الغذائي
في دليل واضح على تأثير الطقس القاسي الناجم عن تغير المناخ وانعكاسه على الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، أجبر الجفاف الذي يمتد للعام الثالث على التوالي، العراق، على خفض مساحة محاصيله المزروعة إلى النصف، وفقا لتقرير نشرته

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.