استجابة لأزمة انحسار المياه المتفاقمة في البلاد منذ سنوات، أوصت وزارة الموارد المائية العراقية بتقليص الخطّة الزراعية للموسم الشتوي الحالي بواقع 25 بالمئة، مقارنة بالعام الماضي.
ويعاني العراق من تراجع مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات، نتيجة توسع تركيا (دولة المنبع) بإنشاء السدود، بشكل يخفض حجم التدفق في النهرين، فضلًا عن قيام إيران بقطع وتحويل أكثر من 42 من الروافد التي تغذي مناطق شرق وجنوب العراق.

وهدّدت بغداد في أكثر من مناسبة باللجوء إلى المؤسسات الدولية للفصل في قضية تقاسم المياه مع دول الجوار، دون أن تحرز تقدماً في هذا الجانب.
ويحتل العراق المركز الخامس بين الدول الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، وفي مقدمتها الجفاف والتصحر.
وتحذّر تقارير دولية من احتمالية جفاف حصّة العراق من نهري دجلة والفرات خلال الـ 20 سنة القادمة، إذا استمرت الأوضاع على حالها.
تقليص موسم الزراعة الشتوي، لم يكن حلًا استثنائياً، سبقه تقليص الخطّة الزراعة للموسم الصيفي بواقع 40 بالمئة، مقارنة بالعام الماضي.
وبحسب أرقام خطّة التنمية الوطنية، الصادرة عن وزارة التخطيط العراقية، تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة 28 مليون دونم، لا تتجاوز مساحة المستغل منها 11.5 مليون دونم.
ثمن الجفاف.. تراجع المحاصيل
ويشهد العراق منذ العام 2017، تراجعًا تدريجيّاً في إنتاج المحاصيل، إذ بلغ إنتاج البلاد من محصول القمح نحو 3 ملايين طنّ بمساحة زراعيّة بلغت 4.2 مليون دونم. وكان الإنتاج قد تراجع في العام 2018، ليبلغ نحو 2.17 مليون طنّ.
ويرجع خبراء ومختصون أسباب تراجع القطاع الزراعي في العراق، إلى فوضى التخطيط وعدم الاستعداد للتقلبات الطارئة، فضلاً عن تراجع تدفق المياه القادمة من تركيا وإيران.

المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف، يقول لـ "ارفع صوتك"، إنه "في العام الماضي ونتيجة لشحّ المياه حصلنا على موافقة من وزارة الموارد المائية بزراعة 1.6 مليون دونم من مجموع خطّة زراعية بلغت 6 مليون دونم"، وهو ما يصفه بـ"الإنجاز الكبير" في ظل الظروف البيئة والمناخية القاسية وسياسات دول الجوار (تركيا وإيران) المائية.

وزير الموارد المائية العراقية يجيب على السؤال
وفيما يتعلق بالعام الجاري، يقول النايف "جميع المؤشرات والأرقام تتوقع موسماً أشد قسوة من العام الماضي، بعد أن انخفضت نسب الخزين الاستراتيجي من المياه إلى نحو 60 بالمئة، بحسب ما أعلنته وزارة الموارد، بالتالي قد نشهد تقليصاً كبيراً في المساحات المزروعة يفوق ما حدث في السنوات السابقة".
ويؤكد أنّ الخطة الزراعية للموسم الشتوي لم تقر حتى الآن وهي ما تزال في موضع دراسة ونقاش مع وزارة الموارد المائية، قائلاً "ما زلنا نخوض في اجتماعات بغرض إنضاج الموقف النهائي".
ويلفت النايف إلى أن "النقاشات المبدئية تتضمن الموافقة على زراعة 35% من الأراضي الزراعية، إلا أن الموارد المائية قد أقرت لنا بنحو 25% منها"، مشيرًا إلى أن "الخطة تتضمن 4.5 مليون دونم من الحنطة و3 ملايين من محصول الشعير".
وأمام خطة الزراعة الشتوية التي تعد الأقسى في تاريخ البلاد، تقول وزارة الزراعة "إنها لن تبقى مكتوفة الأيدي".
المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، يكشف عن خطة موازية أعدتها الوزارة لتقليل الضرّر الإنتاجي، وتتضمن هذا الخطة " زراعة 6 مليون دونم في حال سقوط الأمطار و3 مليون دونم بالاعتماد على الآبار والمياه الجوفية".
إضافة إلى الجفاف وتقليص الخطط الزراعية، فاقمت الحرب الروسية الأوكرانية من مشكلة توفير محاصيل القمح والشعير، حسب نايف الذي يقول "العراق من الدول المتضررة جراء ما يحصل في أوروبا، الأحداث أسهمت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية، ونحن غالباً ما نعتمد على الاستيراد لسد النقص الحاصل من تلك المحاصيل".
