عشوائيات
صورة أرشيفية لبعض سكان العشوائيات في العاصمة العراقية بغداد- تعبيرية

أثار قانون معالجة التجاوزات السكنية أو ما يعرف بمعالجة العشوائيات في العراق بعد عرضه للقراءة في مجلس النواب، الجدل في الأوساط العامة ومواقع التواصل الاجتماعي بين معترض ومرحب ببعض البنود التي جاءت في بنوده.

وسرعن ما دخلت بعض القوى السياسية على خط اللغط الدائر ، حيث أبدى البعض منها موقف الرفض والاستهجان بفرض أجور على ساكني تلك العشوائيات، فيما وصف آخرون ما يجري دعاية انتخابية مكبرة، من خلال إثارة ذلك القانون والتصدي لتمريره بما يكسب ود تلك العوائل التي تسكن تلك المناطق.

بينما تبادل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، آراء متناقضة، حيث اعتبر البعض أن قرار تميلك العشوائيات من قبل الدولة يشرعن التجاوز على الممتلكات العامة وينهي آخر فرص التخطيط الحضري للمدن، والبعض الآخر تعاطف مع سكان العشوائيات، مطالباً بإنصافهم، خصوصاً أنهم من الفقراء والمحتاجين.

وقال بعض المدونين، إن التجاوزات التي تتم بدافع البحث عن مأوى للكثير من الفقراء، أخف بكثير من استغلال القصور وبيوت وزراء النظام السابق وإشغالها من قبل المتنفذين من الساسة وبعض القوى والجهات ذات السطوة والنفوذ.

وأنهى مجلس النواب في جلسته السبت الماضي، القراءة الأولى لمشروع قانون معالجة التجاوزات السكنية، والمقدَّم من لجان الخدمات والإعمار والقانونية.

ويهدف القانون إلى معالجة التجاوزات السكنية على أراض مملوكة للدولة أو البلديات ضمن حدود التصاميم الأساسية قبل تاريخ نفاد هذا القانون وتصحيح الوضع القانوني للمتجاوزين بتأجيرهم الأراضي التي تجاوزوا عليها.

من بين الآراء المتداولة في فيسبوك
من بين الآراء المتداولة في فيسبوك
من بين الآراء المتداولة في فيسبوك

وكان مشروع قانون السكن العشوائي قُدم بنسخته الأولى من قبل مجلس الوزراء في فترة رئاسة حيدر العبادي للحكومة، وتم عرضه على القراءة الأولى والثانية عام 2018، إلا أنه طوي وأدرج على الرفوف جراء خلافات على بعض بنوده.

ويمثل السكن في العراق وخصوصاً ما بعد 2003، أحد أكبر التحديات التي تواجهها الحكومات المتعاقبة في البلاد، في ظل تنامي سكاني كبير على وقع تهالك اغلب البنى التحتية للمدن والمباني الخدمية، فيما تسجل أسعار العقارات في العراق وخصوصاً في العاصمة بغداد ارتفاعاً كبيراً يضاهي أفضل دول العالم في أنظمة السكن، بينها الولايات المتحدة وفرنسا .

وكشفت وزارة التخطيط في أغسطس 2021، عن وجود نحو 4000 مجمع عشوائي في عموم العراق تضم 522 ألف وحدة سكنية، حيث يصل عدد ساكنيه أكثر من 3.5 مليون شخص.

تأتي بغداد في المرتبة الأولى من حيث عدد العشوائيات وبواقع 1022، عشوائية تليها البصرة بنحو 700 مجمع عشوائي، فيما أقل المحافظات التي تتواجد فيها العشوائيات هي كربلاء بواقع 98 مجمعا عشوائيا والنجف 99 مجمعا عشوائيا.

تقول النائبة عن لجنة الخدمات النيابية مديحة الموسوي، لـ"ارفع صوتك"، إن "القانون ما زال يحتاج إلى بعض التعديلات التي من شأنها الحفاظ على مصلحة المواطن وضمان التخطيط العمراني غير المشوّه للمدن، وهو ما ستتم دراسته خلال الأيام المقبلة عبر لجان مختصة للنظر ببعض الفقرات والبنود من مسودة ذلك المشروع".

وتضيف أن "الكثير من المناطق العشوائية وخصوصاً في جانب الرصافة من العاصمة بغداد، تتوزع فيها البيوت بشكل غير منتظم وتكون أزقتها متعرجة وذات أبعاد مختلفة، ما يصعب تنظيمها، وهذه إحدى المشاكل التي نسعى لعلاجها عبر ذلك القانون".

وكان عضو اللجنة القانونية في البرلمان عارف الحمامي، قال في تصريح تابعه موقع "ارفع صوتك"، إن "القراءة الأولى لأي قانون لا يُسمح فيها بالمداخلات أو التعديل عليه، وتكون النقاشات بعد القراءة الثانية وقبل التصويت عليه، ولن يمر القانون بهذه الصيغة، إنما سيتم إجراء تعديلات على فقراته".

وبيّن أن في القانون "جوانب إيجابية؛ لأنه يعطي قانونية وشرعية لسكان العشوائيات، ولا بد أن تكون أسعار الإيجارات رمزية، إلا أنها ستكون ضمانة للمواطنين، سواء في توفير وحدات سكنية بديلة لهم، أو تمليكها لهم حين تكون الدولة قادرة على ذلك".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.