في اليوم الدولي للحد من الكوارث.. ما تأثيرها على حياة العراقيين؟
تاريخيا، تُعد الحملة العسكرية التي قادها ملك مدينة كيش السومرية المعروفة بـ "تل الأحيمر" ضد بلاد عيلام التي تقع الآن في إيران، أول حرب مدوّنة في السجلات عام 2700 ق.م وأحد أسوأ الحروب التي كانت بسبب الكوارث الطبيعية المتمثلة بنقص المياه وحق الحصول عليها.
فالكوارث الطبيعية والبيئية التي وقعت بعد ذلك تشترك مع مآسي الحروب لما هو أكثر من خسائر في الضحايا. كما أن الفكرة الشائعة عن كوارث العراق، تكرارها عبر الأعوام والعصور.
وعند استعراض أبرز الكوارث التي حدثت في البلاد نجد العواصف الترابية والفيضانات وحرائق المدن وإزالة بعضها والجفاف وتجريف البساتين والتصحر والزلازل وانتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة آثارها طويلة الأمد نتيجة فشل تدابير السيطرة عليها أو تفاديها.
لكن الخطر الأكبر، يكمن في الضرر الذي سببته كوارث الحروب والصراعات الداخلية والخارجية، فقد خلفت الكثير من الإعاقات والأرامل والأيتام دون معيل ، بالإضافة للمشردين والنازحين والمهاجرين داخلياً وخارجياً، فضلاً عن مخلفات تلك الصراعات من أمراض كالتشوهات الخلقية والسرطانات الناتجة عن تسرب الإشعاعات.
يقول المتخصص في الشأن البيئي عامر العبيدي لـ"ارفع صوتك"، إن "التسرب الإشعاعي من مخلفات الحروب وذخائر اليورانيوم المستنفد، كان له عواقب كارثية على المدنيين، خاصة وأن الثكنات العسكرية تقع غالبيتها بالقرب أو في داخل المدن السكنية والبنى التحتية".
وحسب منظمة الصحة العالمية، يصل عدد المصابين بمرض السرطان في العراق، 35 ألفاً، 57% منهم نساء.
"وقد يكون للتلوث البيئي بسبب الحروب عواقب خطيرة على صحة الفرد العراقي، لكن للتأثيرات الاقتصادية مؤشرات على تزايد معدلات الفقر"، يضيف العبيدي.
ويشير إلى أن الحلول تنحسر الآن في تبادل المسؤولين بالعملية السياسية الاتهامات بشأن ما يحدث من كوارث وأزمات، "فالمخاوف كبيرة من أن ينتهي المطاف بالبلاد إلى الدخول في مناطق خارجة عن السيطرة".
ووفقاً لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية فإن 9 ملايين مواطن أي نحو ربع عدد السكان البالغ عددهم 41 مليونا، تحت مستوى خط الفقر في العراق،كما صرحت مديرة دائرة الرعاية الاجتماعية التابعة لالوزارة ذكرى عبد الرحيم، لقناة "العراقية" الرسمية.
التدابير الوقائية
يعتقد الكثير من العراقيين أن الحد من مخاطر الكوارث مسألة لا تنحسر في المهام الحكومية بل تتعلق أيضاً بنمط حياة الفرد.
يقول أحمد نادر، البالغ من العمر 31 عاماً، لـ "ارفع صوتك": "كان من الممكن تفادي ما يحدث من كوارث لو أخذ الذين تعاقبوا على الحكم في البلاد القضية بعين الاعتبار، وحاولوا إيجاد التدابير الوقائية، مثل الحد من مشكلة التصحر".
ويضيف أحمد الذي كانت له مشاركات تطوعية لعديد من حملات التوعية والتثقيف أن "التصحر مشكلة من بين العديد لم تلتزم الجهات الحكومية بمنع اتساعها الخطير بناء على الأساليب المعرفية والعلمية على الرغم من التكاليف المالية الهائلة التي يتم صرفها".
ويرى أن "التدابير الضعيفة وإهمال الحكومات المتعاقبة دفعت الفرد العراقي إلى الشعور باللامبالاة من الخطر الحقيقي، عبر اتباع سلوكيات وتوجهات وانماط حياة لا تمت صلة بالحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية".
ويشير أحمد إلى أن ما يحدث الآن من حملات للتوعية والتثقيف، على الأرجح، ليست بالمستوى الذي من الممكن أن يغير الحال نحو الأفضل، ولسبب بسيط يتعلق بعدم قدرة الكثير من الأفراد على الثقة بالمسؤولين، بل أن "منهم من يرى أن هناك خطة لتدمير البلاد"، وفقاً لتعبيره.
ويفقد العراق سنوياً 100 ألف دونم جراء مشكلة التصحر والزحف الصحراوي، والأخطر من ذلك تصاعد وتيرة الكثبان الرملية في مناطق لطالما كانت خصبة وواعدة في الزراعة وتأمين مخرجات الأمن الغذائي للبلد، بحسب وزير البيئة جاسم الفلاحي.
حماية كل فرد
يأتي هذا بالتزامن مع اليوم الدولي للحد من الكوارث غاية للاعتراف بالتقدم المحرز في الحد من مخاطر الكوارث والخسائر في الأنفس وسبل العيش والصحة.
ويُركز موضوع احتفالية لعام العام 2022 على (ز) من الغايات العالمية السبع التي حُددت بغية دعم عملية تقييم التقدم العالمي المحرز نحو تحقيق النتيجة المنشودة والهدف المتوخى من إطار سينداي.
وتنص الغاية (ز) على "الزيادة بدرجة كبيرة فيما هو متوافر من نظم الإنذار المبكر بالأخطار المتعددة ومن المعلومات والتقييمات عن مخاطر الكوارث وفي إمكانية استفادة الناس بها بحلول عام 2030".
وتجلت الحاجة الملحة إلى تحقيق تلك الغاية في مارس 2022 بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة أن "الأمم المتحدة ستقود إجراءات جديدة لضمان حماية كل فرد على وجه المعمورة بإتاحة نظم إنذار مبكر في غضون خمس سنوات".
والهدف الأساس لإطار سنداي هو تجنب التسبب في مخاطر جديدة وتقليل المخاطر الحالية. وعندما لا يتحقق ذلك، يمكن لنظم الإنذار المبكر وإجراءات التأهب المرتكزة على الناس أن تتيح القدرة على اتخاذ إجراءات مبكرة لتقليل الضرر الذي يلحق بالناس وسبل عيشهم وأموالهم.