رزم من الدولارات الأميركية بمحل صرافة في بغداد - صورة تعبيرية
رزم من الدولارات الأميركية بمحل صرافة في بغداد - صورة تعبيرية

تعهد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، بمحاربة الفساد في العراق، خاصة بعد الكشف عن اختلاس 2.5 مليار دولار من حساب جهة حكومية.

وقال السوداني في منشور على تويتر، الأحد، "لن نتوانى أبدا في اتخاذ إجراءات حقيقية لكبح جماح الفساد الذي استشرى بكل وقاحة في مفاصل الدولة ومؤسساتها".

وأضاف "وضعنا هذا الملف في أول أولويات برنامجنا، ولن نسمح بأن تستباح أموال العراقيين، كما حصل مع أموال أمانات الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين".

وأعلنت هيئة النزاهة العراقية، الأحد، عن التحقيق بسرقة 3,7 ترليونات دينار (2.5 مليار دولار)، فيما أكدت أن القضية معروضة أمام القضاء.

وذكرت الهيئة في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية "واع"، أنه "تم التحقيق في الملابسات التي رافقت أنباء سرقة أكثر من (3,7) ترليونات دينار عراقي من الهيئة العامة للضرائب، ونشر كتاب لوزارة المالية معنون لهيئة النزاهة".

وأكدت أن "القضية الآن معروضة أمام القضاء، وهي سترافق المعلومات التي تضمنها كتاب وزارة المالية بعد تنظيمها وفق محاضر مع الأوراق التحقيقية وتودعها لدى القضاء، ليقوم الأخير بإصدار القرارات المناسبة بحق المقصرين".

وأوضحت أن "القضاء سبق أن أصدر أوامر استقدام بحق مسؤولين كبار في الوزارة بشأن الثغرات التي أفضت إلى حصول هذا الخرق الكبير والتجاوز الفظيع على المال العام"، لافتة إلى أن "كتاب وزارة المالية، الذي تستغرب الهيئة تسريبه لوسائل الإعلام، وصل للهيئة نهاية الدوام الرسمي، الخميس (13 أكتوبر)".

ودعت الهيئة وفقا للبيان "وزارة المالية إلى ضرورة التحقيق بتسريب كتابها المعنون الى الهيئة".

وتحركت السلطات العراقية، بعد الكشف عن قضية فساد بقيمة 2.5 مليار دولار، وتعهدت بإجراء تحقيقات ومحاسبة المتورطين.

ووجه رئيس حكومة تصريف الأعمال، مصطفى الكاظمي، بفتح تحقيق بشأن وجود مخالفات بعملية صرف الأمانات الضريبية في وزارة المالية.

وجاء في رسالة صادرة عن مكتب رئيس مجلس الوزراء، بعنوان (سري وعلى الفور)، وموجهة إلى هيئة النزاهة الاتحادية العراقية، أن الكاظمي وجه بإجراء تحقيق "بالمعلومات والتصريحات المتضمنة وجود مخالفات في عملية صرف الأمانات الضريبية والكمركية (الجمركية) في وزارة المالية".

وطالب الكاظمي الهيئة العامة للضرائب بـ"إجراء ما يلزم بشكل أصولي، وإعلامه بنتائج التحقيق بالسرعة الممكنة".

ويذكر أن هذه الرسالة كتبت بتاريخ 11-10-2022 ونشرتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع"، السبت.

بدورها خاطبت وزارة المالية العراقية، هيئة النزاهة بفتح تحقيق يخص مبالغ 3.7 تريليونات دينار (2.5 مليار دولار) المسروقة من أمانات الضرائب.

وجاء في نص رسالة وزارة المالية التي كتبت بتاريخ 12-10-2022، ونشرتها "واع"، السبت، أن "المبلغ سرق من حساب أمانات الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين".

ودعت الوزارة هيئة النزاهة إلى التحقيق بشأن "الآليات المستخدمة والجهات المسؤولة عن هذه الجريمة الاقتصادية الكبيرة"، وإلى "اتخاذ اللازم من الإجراءات القانونية".

من جهته أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي، محسن المندلاوي، أن سحب مبلغ 2.5 مليار دولار من مصرف الرافدين لن يمر بسهولة، لافتا إلى أن هناك حساب قادم لجميع المتورطين في العملية.

وقال المندلاوي في منشور على تويتر، الأحد، إن "ما حصل من نهب لأموال الهيئة العامة للضرائب، وسحب مبلغ 2.5 مليار دولار من مصرف الرافدين، لن يمر بسهولة، وهناك حساب قادم لجميع المتورطين في العملية التي يراد منها هدم الدولة وتدمير اقتصادها ونشر الفوضى".

وأضاف أن "مجلس النواب سيكون له موقف صارم في الأيام المقبلة".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.