وبحسب خبراء في المجال الرقمي، شهد كثافة في الأخبار المضللة وظهورا كبيرا للجيوش الإلكترونية منذ سنة 2014، التي استغلت فيها الأحزاب والأطراف السياسية شبكات التواصل الاجتماعي وتكتيكات الأخبار المضللة في الصراعات السياسية .
شهد العراق كثافة في الأخبار المضللة وظهورا كبيرا للجيوش الإلكترونية منذ سنة 2014، التي استغلت فيها الأحزاب والأطراف السياسية شبكات التواصل الاجتماعي وتكتيكات الأخبار المضللة في الصراعات السياسية.

تشهد الساحة العراقية منذ سنوات كماً كبيرا من الأخبار المضللة المرتبطة بالمجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والمجتمعية، التي تستغل شبكات التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي وضعف الوعي المجتمعي في إيصال المعلومات غير الصحيحة، والتسبب بمشكلات عدة تلقي بظلالها على الحياة اليومية للعراقيين.

واستخدمت التنظيمات الجهادية المتشددة، وفي مقدمتها القاعدة وداعش، الأخبار الكاذبة لتضليل الرأي العام في العراق وتجنيد الآلاف من المسلحين في صفوفها.

لكن المشهد العراقي، وبحسب خبراء في المجال الرقمي، شهد كثافة في الأخبار المضللة وظهورا كبيرا للجيوش الإلكترونية منذ سنة 2014، التي استغلت فيها الأحزاب والأطراف السياسية شبكات التواصل الاجتماعي وتكتيكات الأخبار المضللة في الصراعات السياسية فيما بينها.

ويقول منسق عام شبكة "أنسم" للحقوق الرقمية، حيدر حمزوز، لموقع "ارفع صوتك": "مازالت الأخبار المضللة فعالة وفتاكة بالمجتمع في العراق، وما زال الناس يصدقون الكثير من الأخبار التي تبث عن طريق الإذاعات التلفزيونات ومنها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي مع ضعف التربية الإعلامية والرقمية والجهل في كيفية التحقق من هذه الأخبار أصبح الناس يصدقون هذه الأخبار، حتى لو كانت غير منطقية".

يشير حمزوز إلى وجود نوعين من الأخبار الكاذبة والمضللة، الأول منهما تحليلي يعتمد على المعرفة بالأمور السياسية والمجتمعية عبر تحليل الفرد لهذه الاخبار. أما النوع الثاني فهو التزييف المعمق الذي يعتمد على التكنولوجيا بشكل كبيرة في عملية تزييف الصور والفيديوهات.

وتعمل مجموعة من المنصات والمبادرات الرقمية منذ سنوات على التحقق من الأخبار وكشف المضللة منها ومكافحتها عبر فرق مختصة في المجال الرقمي والمعلوماتي في العراق، منها منصات "التقنية من أجل السلام" ومبادرة "الفاحص" و"حملة بحوش".

ولا تقف هذه المنصات عند الكشف عن الأخبار المضللة، بل تنشر الوعي الرقمي عبر مجموعة من التقارير وورشات العمل المستمرة.

ويعتبر حمزوز انتشار الأخبار الكاذبة تحديا كبير تفرض مكافحته مسؤوليات كبيرة على الجميع، ومنهم الدولة التي تقع على عاتقها مسألة تنشئة جيل واعي قارئ للأخبار، موضحا: "تكمن مسؤولية الدولة في زرع الثقة لدى المواطن بمؤسسات الدولة وإيصال المعلومة أول بأول ونفي الأخبار الكاذبة".

 إلى جانب مسؤولية الدولة، يشير حمزوز إلى مسؤولية الصحفيين والإعلاميين في إيصال المعلومات الصحيحة، فيما يؤكد على ضرورة أن تلعب المنظمات الرقمية المتخصصة في هذا المجال دورا رئيسيا بارزا في نشر وعي التربية الإعلامية ومكافحة الأخبار المضللة في المجتمع.

وتواصل شبكة "أنسم" للحقوق الرقمية عبر مبادرة "الفاحص" مكافحة الأخبار المضللة، وهي مبادرة مجتمعية - مؤسساتية أطلقتها الشبكة عام 2021 للحد من انتشار الشائعات عبر الإنترنت ونشر الوعي عبر التربية الإعلامية - الرقمية للمجتمع.

ويرى رئيس الهيئة الإدارية لمركز القلم العراقي، تحسين الزركاني، أن الأخبار المضللة ساهمت في إرباك المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في العراق.

"انغمست الكثير من المؤسسات الإعلامية المحلية في هذا النوع من التضليل الإخباري وبالتالي ساهمت في زعزعة السلم الاجتماعي، لذلك من الضروري أن تكون هناك عدة خطوات من المؤسسات المعنية لفرز هذا النوع من الأخبار المفبركة"، يضيف الزركاني لموقع "ارفع صوتك".

وأطلق المرصد العراقي لحقوق الإنسان في يونيو الماضي حملة "بحوش" وهي كلمة شعبية عراقية تعني التقصي عن الشيء بشكل دقيق، وتهدف الحملة إلى التثقيف على التحقق من المحتوى وعدم مشاركة المعلومات غير الصحيحة والعمل على تأسيس فرق لمكافحة المعلومات المضللة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.