تضمن المنهج الجديد للغة العربية للصف السادس إعدادي نصا دراسيا يشيد بالحشد الشعبي.
تضمن المنهج الجديد للغة العربية للصف السادس إعدادي نصا دراسيا يشيد بالحشد الشعبي.

حظيت تغريدة للنائبة ورئيسة حركة "إرادة" حنان الفتلاوي، عبر صفحتها في منصتي تويتر وفيسبوك، باهتمام واسع من العراقيين خلال الساعات القليلة الماضية.

في تغريدتها، شكرت النائبة وزارة التربية على "تضمين تضحيات الحشد الشعبي ضمن المنهج الدراسي"، معتبرة أنها "خطوة موفقة، حتى لا يأتي من يحرف التاريخ مستقبلاً وينكر تضحياتهم أو ينعتهم بأوصاف تسيء لهم".

وخلال ساعات قليلة، تحول الشكر الذي قدمته النائبة الفتلاوي إلى نقاش محتدم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ورافض لتضمين نص دراسي حول الحشد الشعبي في المناهج الدراسية.

"موفقة ويا حبذا لو يكون رد الجميل بمستوى الجميل ذاته، ولا يقتصر ذكر الحشد على درس المطالعة فقط، بل يتعدى ذلك إلى قصائد للحفظ وأمثلة في الإعراب ومسائل الرياضيات"، تقول أحد التعليقات على تدوينة الفتلاوي على فيسبوك.

لكن عراقيين آخرين أبدوا رفضهم هذا الإدراج الجديد في المنهج الدراسي.

 

ويتعلق الأمر بالمنهج الجديد لمادة اللغة العربية للصف السادس الإعدادي، وألفه ستة من الأساتذة على رأسهم وكيل وزارة التربية للشؤون العلمية عادل البصيصي.

وانتقد عدد من المعلقين على صفحة الفتلاوي عدم الإشارة إلى المرجع الأعلى علي السيستاني في المنهج الجديد، رغم أنه صاحب فتوى الجهاد الكفائي التي تأسس إثرها الحشد الشعبي.

وطالب عبد الله البيضاني حنان الفتلاوي بتطوير المناهج الدراسية عبر إضافة دروس "التربية الوطنية والأخلاق ودرس النشيد والرياضة، والدروس العملية في التعامل مع الشارع مع الأشجار وغرسها. وزيارات للمتحف الوطني، ودروس في تعليم كيفية احترام الأب والأم والمعلم والرأفة بالحيوان. هذه دروس أساسية كما الحساب والقراءة".

واشتكى العديد من المعلقين من عدم توفير الكتب الدراسية لهذا العام، منهم محمد خضير الذي طالب بتوزيع الكتب الدراسية ليتمكن من الحصول على المنهج الجديد. وقالت رهف الطائي إن "الطلاب بلا كتب دراسية لحد الآن"، فيما حث حسين الخزعلي النائبة على زيارة المدارس للوقوف على وضعها حيث تفتقر للكتب والرحلات المدرسية، مشيرا إلى اضطرار الطلاب للجلوس على الارض.

وبعد بضع ساعات على تغريدة الفتلاوي، ثمّّن مدير عام التربية والتعليم في هيئة الحشد الشعبي حسين البخاتي خطوة وزارة التربية بإدراج "موضوعات الحشد" في المناهج الرسمية للوزارة.

وقال إن "ثلة مخلصة عملت على إدراج موضوعات الحشد في المناهج الرسمية لوزارة التربية بعد عمل حثيث للجان خاصة، تواصلت واجتهدت بهذا الموضوع"، موضحا أن هناك "جهدا كبيرا بذل من الجهات المعنية في الوزارة لوضع الأسس العامة لهذه الموضوعات خصوصا من المدير العام للمناهج والوكيل العلمي للوزير الدكتور عادل البصيصي".

وكان النائب في البرلمان السابق عن كتلة "صادقون"، حسن سالم، قد أعلن في يونيو 2021 مخاطبته وزارة التربية لتضمين المناهج الدراسية فتوى "الجهاد الكفائي"، التي أصدرها المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني عام 2014 وتأسس بموجبها الحشد الشعبي، بالإضافة لقصص معارك وعمليات الحشد.

وتتبع كتلة "صادقون" فصيل عصائب أهل الحق الذي ينضوي ضمن هيئة الحشد الشعبي.

وأضاف سالم، في تغريدة على تويتر، أن الهدف هو "تخليد قصص وملاحم البطولة على مر الأجيال كونه جزءا مهما من تاريخ العراق".

وكانت هيأة الحشد الشعبي قد كشفت في نوفمبر العام 2020، عن تشكيل لجنة لتضمين موضوعات حول الحشد ضمن مناهج وزارة التربية.

ولم يكن ذكر الحشد الشعبي في مادة قواعد اللغة العربية، للصف السادس الإعدادي، هو التغيير الوحيد في المنهج، حيث أعلنت وزارة التربية في نوفمبر 2021 عن إلغاء تنويع التعليم الإحيائي والتطبيقي المعتمد حالياً في المرحلة الإعدادية والعودة إلى نظام التعليم الثانوي بفرعيه العلمي والأدبي، اعتباراً من العام الدراسي 2022-2023.

 وعللت الوزارة العودة الى النظام التدريسي السابق كون التجربة لم تحقق النجاح المرجو في ظل الظروف التي طبقت فيها وذلك لعدم وجود أرضية مناسبة للعمل بها.

وأعلن وكيل وزارة التربية للشؤون العلمية عادل البصيصي في سبتمبر 2022 تغيير منهاج اللغة العربية لمرحلة السادس الإعدادي، مبينا أن الوزارة "اتخذت إجراءات وطبعت المنهاج في مطابعها، وسيوزع للطلاب مع بداية العام الدراسي".

أما بقية الكتب الدراسية، فـ"لم تخصص أموال كافية للوزارة من أجل طباعة الكتب لهذا العام، لذلك سيكون الاعتماد على المسترجع من الطلاب".

وعرض عدم طباعة الكتب الدراسية وزارة التربية لانتقادات حادة، بعد حصول نقص هائل في المواد الدراسية لدى طلاب كافة المراحل الدراسية من الأول الابتدائي حتى السادس الإعدادي.

ويبدو أن التغيير في منهج السادس الإعدادي لن يكون الأخير في سلسلة تغيير المناهج الدراسية، فقد اعلنت كلية الإمام الكاظم في أكتوبر 2022، عن اختيار أحد أساتذتها من قبل مديرية التربية والتعليم في هيئة الحشد الشعبي، ضمن لجنة مركزية ضمت عدداً من الأساتذة والكوادر التخصصية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية والجامعات العراقية لتطوير مناهج ومقررات بعض المواد الدراسية، وتضمينها أمثلة ونماذج عن تضحيات وبطولات الحشد الشعبي في الدفاع عن العراق وأرضه وشعبه ومقدساته.

وتمر رحلة تغيير المناهج بعدة مراحل تبدأ من مديرية المناهج في وزارة التربية، التي تشكل لجاناً لكتابة المناهج تتكون من أعضاء تربويين يرافقهم عضو واحد على الأقل من وزارة التعليم العالي، شرط أن يكون جميع أعضاء اللجان من المختصين بمادة الكتاب الذي تم تكوين اللجنة في سبيل تأليفه.

الباحث في الشأن السياسي العراق رحيم الشمري قال لـ"ارفع صوتك" إن أي "تغيير في المناهج يتطلب إجراءات عديدة قبل الموافقة عليه وطبعه، تبدأ سلسلة المراجعة من هيئة الرأي في وزارة التربية التي ترفع طلبها إلى مجلس الوزراء والذي بدوره يصوت على المقترح ويعيده إلى الهيئة".

وبالنسبة للشمري، فإن أي إضافات وتعديلات أو شرح يخص القوات الأمنية أو الحشد الشعبي الذي يرتبط بمكتب القائد العام للقوات المسلحة بموجب المادة 78 من الدستور "إذا كان في صالح الوطن وينمي حب البلاد وتطبيق النظام من قبل الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة ما قبل الجامعية فهذا جانب ايجابي". ولكن، "إذا كان يراد به قصد آخر مثل المسائل القومية والعرقية وغيرها، فلا أعتقد أنه موضوع يمكن أن يخدم العراقيين، بل يمكن أن يسبب مشاكل عديدة في المستقبل".

وحاول "ارفع صوتك" الحصول على تعليق من وزارة التربية حول التغيير الجديد في المنهج الدراسي، لكنه متحدثا باسمها رفض التعليق.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.