تنتظر حكومة رئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد شياع السوداني، ملفات شائكة عديدة في مقدمتها حصر السلاح بيد الدولة ومواجهة التدخلات الإقليمية ومكافحة المخدرات ومواجهة الفساد الإداري والاستجابة لمطالبات الشارع العراقي.
ويواصل السوداني، منذ تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة في 13 أكتوبر الحالي، محاولاته لاختيار أعضاء كابينته الوزارية.
ويرى خبراء ومحللون سياسيون أن مهمته، سواء في تشكيل الحكومة أو في إدارتها "صعبة"؛ لأنه لن يستطيع تشكيل حكومة مستقلة بعيدا عن نظام المحاصصة، الذي مثل أساس الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003، ولن يستطيع الخروج من عباءة الأحزاب لقيادة حكومته بشكل مستقل.
يقول الخبير الإستراتيجي علاء النشوع، إن حكومة السوداني حتى وإن تشكلت ستواجه الكثير من التحديات والمعيقات خارجيا وداخليا.
ويوضح لـ"ارفع صوتك": "داخليا هناك العديد من الملفات الخاصة في مجالات وقطاعات كبيرة تعاني من الانهيار، خاصة الصحة والتعليم والكهرباء والبنى التحتية وأزمة المياه والتصحر والملفات الأمنية الساخنة، بالإضافة إلى وجود السلاح المنفلت خارج إطار الدولة المدعوم إيرانيا".
"إلى جانب ملفات الفساد الإداري والمالي التي زادت من ترهل قوى الدولة، حتى وصلت حد الانهيار الشامل، ما يتطلب أن تكون هناك قوى فاعلة وحقيقية قادرة على وقفه في إطار قوانين رادعة وحملات وصولات إعلامية وأمنية وسياسية تمتد لسنوات"، يتابع النشوع.
ويعتبر أن "ملف المخدرات والترويج لها وتشجيع تجارتها من قبل البعض من المجاميع المسلحة والمدعومة من إيران، أحد أخطر الملفات التي تحتاج رئيس وزراء قوي يتصدى له وينهيه".
ويضيف النشوع: "أما خارجيا فقد فشلت الحكومات العراقية المتعاقبة في تبني سياسة مستقلة تحترمها كل دول العالم والمحيطين العربي والإقليمي، الذي يتدخل في شؤونه بصورة مباشرة جعلته عاجزا سياسيا عن القيام بأي دور يعزز من مكانته ويزيد من احترامه، فأصبح مرتعا للأجهزة المخابراتية، وليس له سياسة خارجية متينة تحميه جغرافيا وتحمي مواطنيه داخليا وخارجياً.
وبحسب معلومات حصل عليها "ارفع صوتك" من مصادر سياسية، تتألف الكابينة الوزارية الجديدة من 22وزارة، 12 وزارة من حصة الإطار التنسيقي، وتضم بينها ثلاث وزارات سيادية، أما المتبقية، فتتوزع بين: 6 وزارات للكتل السنية، و4 وزارات للأكراد.
من جهته، يرى الخبير القانوني وائل البياتي، أن "أول الملفات الشائكة، التي ترتبط بتشكيل الحكومة، مدى إمكانية خروج السوداني من إطار الوزارة الحزبية بامتياز وفقا لما تروج له الأحزاب المنطوية ضمن الكتلة النيابية الأكبر عددا في الوقت الحاضر".
"أما الإشكال الثاني، فذو طابع سياسي يتعلق بقدرة السوداني على مدى استيعاب المعارضة الشعبية لحكومته، خصوصا من أنصار التيار الصدري ومؤيدي الحراك الشعبي والتظاهرات في تشرين والتيارات المدنية، وهل سينجح في العمل على جعل الإنجاز الذي سيحققه وتقديم الخدمات"، يتابع البياتي.
ويعتبر أن المناورة مع التيار الصدري فيما يتعلق بقانون الانتخابات ومفوضية حقوق الإنسان، خصوصا أن الأول يصر على مسألة عدم المساس بهذين القانونين في الوقت الحاضر، ملفا شائك آخر ينتظر السوداني.
ويضيف: "التعاون مع الجانب الأميركي والقوات الموجودة في العراق، ملف صعب أيضاً، خاصة بعد سيطرة الإطار التنسيقي على ما يقارب نصف مقاعد مجلس النواب، وهي التي صوتت خلال الدورة الماضية على إخراج القوات الأميركية".
ويتساءل "هل يستطيع السوداني أن يناور في هذا الجانب ويمنح حكومته فرصة لتأجيل تنفيذ هذه المسألة أم سيصطدم مع الجانب الأمريكي"، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه إضعاف قدرة الحكومة على المناورة والتحرك دوليا.
وأعلن ائتلاف "إدارة الدولة" صاحب الكتلة البرلمانية الأكبر، في بيان له، الثلاثاء الماضي، عن عزمه تحديد، السبت المقبل، موعداً للتصويت على الحكومة الجديدة، بكامل أعضائها، لكن مصادر من داخل الائتلاف استبعدت استكمال كابينة السوداني، السبت، مرجحة عرضها للتصويت خلال الأسبوع المقبل.
يقول مدير المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، عمر الفرحان، إن "ملفات المغيبين والمهجرين قسرا وملف المعتقلين وملف النزوح وعمليات القتل أبرز الملفات التي تنتظر الحسم خلال المرحلة المقبلة".
ويبيّن لـ"ارفع صوتك": "هذه الملفات التي لم يتم حسمها أو حتى فتحها من قبل الحكومات السابقة لأنها خطيرة ولا يسمح لأي حكومة فتحها، ومن هنا نرى أن حكومة السوداني كغيرها لن تستطيع فتحها".
ويطالب الفرحان الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على الحكومة لإنهاء معاناة الملايين من العراقيين من عوائل المفقودين والمهجرين والمعتقلين الذين وقعوا ضحية الترتيبات السياسية وضحية النزاعات المسلحة الداخلية.
في الوقت نفسه، يقول الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر: "على السوداني الاهتمام بكل جانب من جوانب الدولة، لكن مع إعطاء الأولوية لمحاربة الفساد وترسيخ مفهوم الدولة".
"فاليوم المسؤول وحتى المواطن لا يهتم بالدولة كثيرا" يضيف البيدر، مؤكداً أن على الحكومة برئاسة السوداني العمل على "إعادة سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار، وتقديم الفاسدين إلى العدالة، أي عدم الاكتفاء من الحد من الفساد بل الذهاب أبعد من ذلك".