طائرة روسية تقل رعاياها من الأطفال وأغلبهم أيتام، كانوا في مخيمات سورية لعوائل داعش- فرنس برس
طائرة روسية تقل رعاياها من الأطفال وأغلبهم أيتام، كانوا في مخيمات سورية لعوائل داعش- فرنس برس

سلّمت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، الخميس، 38 طفلاً روسياً من عائلات عناصر تنظيم داعش إلى وفد رسمي من بلادهم، وفق ما أعلن مسؤول محلي.

وقال المسؤول في هيئة الخارجية التابعة للإدارة الذاتية خالد ابراهيم، خلال مؤتمر صحافي بمدينة القامشلي: "تم تسليم 38 طفلاً إلى الوفد الروسي، غالبيتهم أيتام".

وتمّ نقل الأطفال من مخيمي الهول وروج اللذين تديرهما الإدارة الذاتية في محافظة الحسكة، إلى مطار القامشلي الذي تديره الحكومة السورية، وسط انتشار للقوات الروسية التي واكبت صعودهم إلى الطائرة، وفق مراسلي فرانس برس.

وتعدّ روسيا، التي انضم نحو 4500 مواطن منها إلى تنظيم داعش، واحدة من أولى الدول الأجنبية التي نظمت عمليات إعادة لرعاياها من سوريا وكذلك من العراق المجاور.

وبموجب قرار اتخذته عام 2017، تمت إعادة ما لا يقل عن 341 شخصاً، بينهم العديد من الأيتام، في الفترة الممتدة بين 2018 و2021.

طائرة روسية تقل رعاياها من الأطفال وأغلبهم أيتام، كانوا في مخيمات سورية لعوائل داعش- فرنس برس
طائرة روسية تقل رعاياها من الأطفال وأغلبهم أيتام، كانوا في مخيمات سورية لعوائل داعش- فرنس برس
طائرة روسية تقل رعاياها من الأطفال وأغلبهم أيتام، كانوا في مخيمات سورية لعوائل داعش- فرنس برس

ومنذ إعلان القضاء على "خلافة" التنظيم الإرهابي في سوريا عام 2019، تطالب الإدارة الذاتية الدول المعنية باستعادة رعاياها من أفراد عائلات التنظيم الموجودين في المخيمات، أو مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات، لكن غالبية الدول لم تستجب للنداءات.

وقد تسلمت دول قليلة أفراداً من عائلات الجهاديين المحتجزين في شمال شرق سوريا، منها بأعداد كبيرة مثل أوزبكستان وكازاخستان وكوسوفو.

واكتفت أخرى، خصوصاً الأوروبية، باستعادة عدد محدود من النساء والأطفال لا سيما اليتامى من أبناء الجهاديين.

وتقدر منظمة "هيومن رايتس ووتش" وجود أكثر من 41 ألف أجنبي من عشرات الجنسيات، غالبيتهم أطفال، في سجون ومخيمات الإدارة الذاتية الكردية.

 

فرنسا أيضاً

جاءت استعادة روسيا للأطفال بعد ساعات من إعلان فرنسا إعادتها 15 امرأة و40 طفلاً من شمال شرق سوريا.

وتعليقاً على الخطوة الفرنسية، قال مدير منظمة "سايف ذي تشيلدرن" في سوريا بالإنابة بيت رور "إعادة هؤلاء الأطفال إلى بلدهم ستضمن لهم التعافي من تجاربهم وبدء حياة طبيعية".

وأضاف: "الأطفال الفرنسيون المتبقون وكذلك جميع الأطفال الآخرين في أمس الحاجة إلى هذه الفرصة".

ووصلت 15 امرأة و40 طفلا كانوا معتقلين في مخيمات يحتجز فيها جهاديون في شمال شرق سوريا وتسيطر عليها القوات الكردية، الخميس، إلى فيلاكوبلاي قرب باريس.

وأفاد مصدر أمني أن هذه المجموعة مؤلفة من 14 والدة وشابة بلا أطفال و40 قاصرا.

وأوضحت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان: "سُلِّم القصّر إلى أجهزة رعاية الطفولة وسيخضعون لمتابعة طبية اجتماعية. أما البالغات فقد سلمن إلى السلطات القضائية ذات الصلة".

وهذه أكبر عملية إعادة من هذا النوع منذ ثلاثة أشهر، عندما أعيدت 16 والدة و35 قاصرا إلى فرنسا في 5 يوليو الماضي. وفي غضون ذلك، أعيدت امرأة وطفلاها مطلع أكتوبر الجاري.

وأضافت الخارجية: "تشكر فرنسا السلطات المحلية في شمال شرق سوريا (الكردية) لتعاونها الذي جعل هذه العملية ممكنة".

وقالت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في بيان، إن من بين القاصرين سبعة أيتام أو أطفال من دون مرافقة. وتتراوح أعمار النساء بين 19 و42 عاما.

وهؤلاء النساء هن فرنسيات توجهن طوعا إلى مناطق يسيطر عليها الجهاديون في العراق وسوريا، وقبض عليهن بعد هزيمة تنظيم داعش في 2019، وقد ولد الكثير من هؤلاء الأطفال في سوريا.

وعاد إلى فرنسا نحو 300 قاصر فرنسي ممن كانوا يقيمون في مناطق عمليات جماعات جهادية من بينهم 77 أعادتهم السلطات رسميا، على ما أعلن مطلع أكتوبر الحالي، وزير العدل الفرنسي إريك دوبون-موريتي أمام مجلس الشيوخ الفرنسي.

ورحّبت مجموعة العائلات المتحدة التي تجمع عائلات فرنسيين غادروا إلى المنطقة العراقية السورية في بيان "بالأخبار الممتازة التي يبدو أنها ختمت سياسة (كل حالة على حدة) التي كان يختار الأطفال بموجبها لإعادتهم".

 

موضوع حساس 

ويعتبر هذا الموضوع حساسا في فرنسا التي تعرضت لهجمات جهادية عدة وأدمتها هجمات 13 نوفمبر 2015 في باريس وضواحيها، التي أسفرت عن مقتل 130 شخصا، بتحفيز من تنظيم داعش.

وبضغط من عائلات هؤلاء الجهاديات المحتجزات في ظروف قاسية في مخيمات الاعتقال، تجري فرنسا منذ فترة طويلة عمليات إعادة على أساس كل حالة بحالتها.

لكن في 14 سبتمبر الماضي، دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرنسا بسبب عدم إعادتها عائلات جهاديَين فرنسيَين من سوريا، في ما شكّل نكسة لباريس حينها.

وإثر ذلك، أكدت فرنسا أنها مستعدة لـ"دراسة" إعادة المزيد من عائلات جهاديين من سوريا "كلما سمحت الظروف بذلك"، موضحة أنها "أخذت علما" بإدانتها من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بهذا الشأن.

وتمّ توجيه الاتهام إلى الأمهات أو سجنهن، وجميعهن تطالهن مذكرات تفتيش أو توقيف فرنسية، أما القاصرون فقد عهد بهم إلى هيئات  لرعاية الأطفال.

وكانت السلطات المكلفة مكافحة الإرهاب أشارت في يوليو الماضي إلى أنه لا يزال هناك 100 امرأة ونحو 250 طفلا في مخيمات في سوريا.

وقدّر النائب اليميني إريك سيوتي الخميس أن إعادة الأطفال إلى الوطن ليس تصرفا غير مسؤول لكن "إعادة البالغين إلى الوطن هو خطأ".

من جانبها، قالت مارين لوبن "إذا ارتكبن جرائم، يجب محاكمة هؤلاء النساء حيث ارتكبنها. إنه القانون الدولي، هذه مجازفة كبيرة بدلا من إعادتهن إلى الوطن.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.