العراق

تحالف سياسي عراقي يسعى إلى إيقاف الدعم الدولي للحكومة

دلشاد حسين
22 أكتوبر 2022

تعمل قوى سياسية عراقية معارضة من أجل الضغط على المجتمع الدولي لقطع دعمها للحكومة العراقية، إثر اعتمادها لنظام المحاصصة في إدارة البلاد وانتهاكها الدستور وعدم محاسبتها الأطراف المتورطة بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.

وتمخضت الاجتماعات والمشاورات بين عدد من الأحزاب السياسية المنبثقة عن احتجاجات تشرين وأخرى لم تشارك في العملية السياسية، عن تأسيس تحالف سياسي بعنوان "قوى التغيير الديمقراطي".

ويضم التحالف 8 قوى سياسية، هي: "الحزب الشيوعي العراقي" وحركة "نازل آخذ حقي الديمقراطيّة" وحزب "البيت الوطني" و"التيار الديمقراطي" و"تيار الوعد العراقي" وحراك "البيت العراقي" وحركة "تشرين الديمقراطية" و"التيار الاجتماعي الديمقراطي".

وقالت هذه القوى في مؤتمر الإعلان عن تحالفها الذي عقدته في بغداد قبل أيام، إنها "تتطلع إلى التغيير في العراق، وتسعى إلى فضّاءٍ مدنيٍّ جامع لكلِّ القوى والتجمعات والشخصيات ذات العناوين والمضامين المدنيّة الساعية إلى التغيير".

كما أعلنت معارضتها لما وصفته بـ"منظومة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت"، ساعيةً إلى إعادة بناء أسس قواعد العمل الديمقراطي السياسي، وإنتاج بديل حقيقي للعملية السياسية يعبر عن كلّ فئات المجتمع العراقي وتنوّع الأمة العراقية.

ولوح التحالف، باتخاذ كافة الوسائل المدنية من أجل تحقيق مساعيه، منها مطالبة دول العالم بإنهاء دعمها للحكومة العراقية. 

يقول الأمين العام لحركة "نازل آخذ حقي الديمقراطية"، مشرق الفريجي: "لدينا توجه عام بضرورة أن تكون هناك محاسبة على الأقل أو موقف تجاه إعادة تكريس المحاصصة من قوى السلطة، بالتالي نحن نعول على أنفسنا أولا، لأن المجتمع الدولي دائما يتعامل مع واقع حال مخرجات السلطة الموجودة ويبني عليها بناءه".

ويشدد الفريجي، في حديث لـ"ارفع صوتك"، على أنه لا حل لما يجري في العراق إلا بأن يحل نظام المواطنة بديلا عن النظام السياسي الحالي الذي يعتمد على المحاصصة، مردفاً "يجب أن تكون هناك محاسبة للسلاح المنفلت، والبدء بمحاسبة الفاسدين".

ويشير  إلى أن الحكومة القادمة لن تكون لديها إمكانية حقيقية لمعالجة هاتين النقطتين.

ويبين الفريجي: "نحن كقوى تغيير ديمقراطي قررنا تشكيل مجالس اختصاص، كل مجلس معني بقطاع معين وكتابة برامج ومراقبة مخرجات هذه السلطات وهذه الحكومة".

وما زالت هذه القوى متمسكة بمطلب حل البرلمان لعدم تمكنه من تغطية المدد الدستورية وتحديد صلاحيات الحكومة الحالية، والعمل لإجراء انتخابات مبكرة جديدة قد تتمكن من خلالها هذه القوى من تغيير العملية السياسية.

ورغم رفضها العملية السياسية وتشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن رئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد شياع السوداني، يمضي في عملية التشكيل وسط تسريبات عن عقد البرلمان العراقي لجلسة التصويت على الحكومة الجديدة يوم الاثنين المقبل. 

وتتزامن المشاورات السياسية لتشكيل الحكومة العراقية مع دعوات أطلقها ناشطون للتنظيم تظاهرات في 25 أكتوبر المقبل، لإحياء ذكرى ضحايا احتجاجات تشرين التي شهدتها بغداد ومدن جنوب العراق ما بين أكتوبر 2019 وأكتوبر 2020.

وأسفر استخدام القوات الأمنية العراقية والفصائل المسلحة القوة المفرطة لإنهائها، عن مقتل أكثر من 800 متظاهر وإصابة أكثر من 20 ألفاً آخرين. 

في نفس السياق، يرى السياسي العراقي المستقل، مثال الآلوسي، أن "المحاولات للفوز بالدعم الدولي لتخليص العراق من نظام فاسد موال لطهران لن تنجح، ما دام المجتمع الدولي يتخيل أن باستطاعته إقناع طهران باتفاق نووي جديد".

"بالتالي لن تتغير سياسة السكوت في العالم عن ممارسات قتل الديمقراطية التي تمارسها الأحزاب المدعومة من إيران إلا بعد تغيير السياسة الدولية اتجاه طهران"، يضيف الآلوسي لـ"ارفع صوتك".

ويقول إن "تحريك الإرادات الدولية لصالح دعم تغيير إصلاحي في بغداد، يحتاج إلى نضوج في الرؤية السياسية للمعارضين لا في النقد، بل في طرح فهم ديمقراطي يدعو لبناء دولة عراقية متحررة من الموروث الديني والقومي السطحي الانفعالي".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.