صورة أرشيفية لعنصر أمن عراقي
صورة أرشيفية لعنصر أمن عراقي

أوقفت القوات الأمنية العراقية، الاثنين، في مطار بغداد رجل الأعمال المتهم بالتورط في قضية "سرقة" 2,5 مليار دولار من أموال الضرائب فيما كان يحاول مغادرة البلاد.

وأكد وزير الداخلية العراقي، عثمان الغانمي، الاثنين، توجيه قوة خاصة بإلقاء القبض على المتهم  نور زهير جاسم، بمطار بغداد قبل محاولة الهرب.

وقال الغانمي: "العراق أمانة في أعناقنا ولن نسمح بسرقة أمواله أو التهاون في أي شيء يمس أمنه، وعليه وجهنا قوة خاصة من أبطال وزارة الداخلية بإلقاء القبض على (نور زهير جاسم) في مطار بغداد الدولي أثناء محاولته المغادرة خارج البلاد بطائرة خاصة"، وفقا لـ"واع".

وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صور ومقاطع فيديو، ترصد لحظة توقيف المتهم والمعروف أيضا باسم "نور المظفر"، في مطار بغداد، قبل محاولة الهروب خارج البلاد.

قضية فساد كبرى

في بيان الاثنين، أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية في العراق، تنفيذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحق المتهم الرئيس في قضية الأمانات الضريبية المودعة في فروع مصرف الرافدين.

جاء ذلك بعد إصدار القضاء العراقي أوامر "قبض ومنع سفر أصدرها بحق متهمين في قضية الأمانات الضريبية"، ومنهم المتهم نور زهير جاسم.

وقبل القبض على المتهم بساعات، قال النائب العراقي، مصطفى جبار سند، في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر"، إن المتهم سيغادر من مطار بغداد إلى مطار أتاتورك في إسطنبول بعد ساعة من الآن" على متن طائرة خاصة.

وسبق أن استمع القضاء إلى إفادات عدد من المسؤولين في هيئة الضرائب بشأن هذه القضية، كما أصدر مذكرات توقيف بحق مالكي الشركات المتهمة بسحب الأموال، وفقا لـ"فرانس برس".

ونفذت هيئة النزاهة الاتحادية العملية وفق مذكرة قضائية صادرة عن محكمة استئناف بغداد الكرخ (محكمة الكرخ الثانية)، بحق المدير المفوض لشركة (المبدعون) للخدمات النفطية المحدودة أحد المتهمين في قضية مبالغ الأمانات الضريبية المودعة في فروع مصرف الرافدين"، وفقا لبيان للهيئة نشرته وكالة الأنباء العراقية "واع".

وكشف كتاب رسمي صادر عن هيئة الضرائب أن مبلغ 2,5 مليار دولار، جرى سحبه بين سبتمبر 2021 وأغسطس 2022 من مصرف الرافدين الحكومي، عبر 247 صكاً مالياً، حرّر إلى خمس شركات، قامت بصرفها نقدا مباشرة، وفقا لـ"فرانس برس".

وتمت عملية التوقيف استنادا لأحكام المادة (444/11) من قانون العقوبات، وبإشراف وتنسيق وتعاون مع الجهات القضائية ووزارة الداخلية الممثلة في قسم إقامة وجوازات مطار بغداد الدولي، وذلك أثناء محاولة المتهم الهرب خارج العراق"، وفقا للبيان.

حديث عن ضغوط سياسية والداخلية تنفي

بعد توقيف المتهم، تحدث بعض النشطاء عبر موقع "تويتر"، عن ممارسة بعض الجهات الحزبية والسياسية، ضغوطا على الجهات الأمنية من أجل إطلاق سراح نور زهير جاسم.

ونفت وزارة الداخلية العراقية هذا الأمر، مؤكدة عدم وجود أي ضغوطات "لا من جهات حكومية أو حزبية أو سياسية".

وأشارت الداخلية العراقية إلى أن "عملية القبض جرت من دون أدنى تردد ولم يتم التهاون بها"، وفقا لبيان نشرته "واع".

ويحتل العراق المرتبة 157 بين 180 دولة في مؤشر منظمة الشفافية الدولية عن "مدركات الفساد"، وغالبا ما تستهدف المحاكمات في قضايا الفساد في حال حصلت، مسؤولين في مراكز ثانوية.

وقالت مبعوثة الأمم المتحدة في العراق، جنين بلاسخارت، مطلع أكتوبر أن الفساد المستشري يشكل سببا جذريا رئيسا للاختلال الوظيفي في العراق، مضيفة "بصراحة، لا يمكن لأي زعيم أن يدعي أنه محمي منه"، وفقا لـ"فرانس برس".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.