أثار قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي الذي تم عرضه للقراءة الأولى في البرلمان العراقي، جدلاً وحالة من الاستياء والرفض بين الأوساط العامة جراء العديد من البنود التي تضمنها والتي وصفت بـ"المكممة والديكتاتورية".
ويأتي هذا الاحتجاج بعد اعتراض سابق منتصف نوفمبر الماضي على مشروع قانون "جرائم المعلوماتية"، الذي يواجه أيضاً اتهامات متعلقة بالتضييق على المدونين والصحافيين والناشطين على حد سواء، ليشكل بذلك ثاني أزمة متعلقة بالحريات يثيرها البرلمان العراقي.
منذ سنوات ندفع باتجاه قانون ينظم عمل وسائل الإعلام، وينظم الحريات، لكن البرلمان يريد قانوناً تقييدياً وليس تنظيمياً. لتكن قصة حيدر الزيدي والحشد الشعبي فرصة للدفع باتجاه تشريع قانون يضمن حرية التعبير للجميع ويُفرّق بين التشهير والتعبير.
— MUSTAFA SAADOON (@SaadoonMustafa) December 5, 2022
قانون حرية التعبير الذي يناقشه #البرلمان:
— ِِAmmar Alhadithy | عمار الحديثي (@Ammar_alhadithy) December 3, 2022
- لا يعقد اي اجتماع وتظاهرة الا بأذن من رئيس الوحدة الادارية للمنطقة
- يقدم الطلب قبل خمسة ايام
• اذا تم رفض الإذن يجب رفع دعوى لاخذه من المحكمة
- لايجوز تنظيم المظاهرة قبل 7 صباحا أو بعد 10 مساءا#احنه_بخدمتكم pic.twitter.com/m8ZAjHfmCv
وينص مشروع قانون حرية الرأي والتعبير الذي ناقشه البرلمان، ضمن أحد بنوده، أن على أن "للمواطنين الحق في عقد تجمعات عامة بعد الحصول على إذن مسبق من رئيس الوحدة الإدارية قبل خمسة أيام على الأقل من الحدث".
وتنص المادة الأولى من مشروع قانون حرية التعبير ذاته، على "حقوق المواطنين في الحصول على المعلومات من المؤسسات الرسمية وفقًا للقانون"، ولكنها لا تتضمن أي التزام للسلطات بتقديم أسباب تقييدها للحق في الوصول إلى المعلومات.
وعقب عرض المشروع على القراءة الأولى في البرلمان العراقي، وقّع 36 نائباً في البرلمان يمثلون قوى مدنية ومستقلين، على عريضة تطالب بسحب القانون لإجراء تعديلات عليه، شددوا من خلالها على إنه يجب أن يكون القانون متوافقاً مع مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة المنصوص عليها في الدستور".
وتتقدم النائبة ورئيس حراك "الجيل الجديد"، سروى عبد الواحد، الحملة البرلمانية لاعتراض القانون ومغادرة ذلك التشريع الذي يمكن الاستغناء عنه بحكم القوانين الأخرى التي تنظم عمل الحريات في البلاد.
تقول عبد الواحد لـ"ارفع صوتك"، إن "ذلك القانون دكتاتوري ولن يسمح للتعبير عن الرأي بحرية تامة وهو أصلا مكفول دستورياً، بالتالي هذه محاولة لشرعنة التكميم وقتل الديمقراطية".
وتضيف أن "القانون يضم العديد من الفقرات التي تقيد حركة وتنظيم التظاهرات والاحتجاج والتجمعات، فضلاً عن وجود مصطلحات فضفاضة وعريضة قابلة لأكثر من تفسير، بما يضع ممارسي الحريات تحت طائلة القانون في أية لحظة".
وأبدى مدونون وناشطون امتعاضهم من تلك التشريعات والقوانين التي تسعى السلطات المعنية تمريرها والتي رأوا فيها تكريساً لسياسات القمع والعودة إلى عصر الدولة البوليسية ما قبل 2003.
الأكاديمي والناشط، علي البياتي، وخلال تغريدة أشار إلى أن "الدستور العراقي تكلم عن قانون ينظم حرية التعبير عن الرأي وليس العكس"، مردفاً :" مسودة القانون تقيد هذه الحرية ولن ترضخ الجماهير لهكذا قوانين".
وأبدى استغرابه من طرح مثل تلك التشريعات الحساسة التي تزيد من الشرخ بين البرلمان والجماهير.
من جانبه، يقول المدون إحسان الجبوري، إن "ظروف طرح مسودة ذلك القانون اختلفت ما بين عامي 2009 و2022، باعتبار أن البرلمان العراقي يضم اليوم أكثر من 50 نائباً تشرينيا، بالتالي فإن من الأجدر عدم تمريره".
ويتابع أن "العراقيين قدموا التضحيات والدماء من أجل حرية الكلمة".
ويحظر دستور العراق في المادة (2/ ب) سنّ قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية، وفي المادة (2/ج) ينص على عدم جواز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة فيه، وإحداها "حرية التعبير".
وصيغت المسودة الأولى لقانون حرية الرأي والتجمع والاحتجاج السلمي عام 2010، في فترة حكومة نوري المالكي الثانية، وعرضت على البرلمان للقراءة الأولى عام 2016، لتُقابل آنذاك باعتراضات وتوصيات من منظمات دولية ومحلية لإجراء التعديلات على العديد من بنودها، حتى لا تكون شرعنة لخنق الأصوات وتكميم الحريات.
واقترحت 22 منظمة غير حكومية عراقية قائمة بالتعديلات لضمان امتثال مشروع القانون للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وفي 10 مايو 2017، أقرت اللجان البرلمانية بعض التوصيات، ولكن بعد ثلاثة أيام، تم تعليق التصويت على اعتماد القانون.
وبعد عامين وتحديداً في يونيو 2019، عرض مشروع القانون من جديد دون مراعاة لمقترحات منظمات المجتمع المدني، مما اضطر لجنة حقوق الإنسان بمخاطبة كل من المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين الجمعيات.