Protest of Iraqi temporary contractors seeking permanent jobs in Baghdad
مظاهرة للموظفين بعقود في العاصمة العراقية بغداد، مطالبين بتثبيت وظائفهم- تعبيرية

أثار قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي الذي تم عرضه للقراءة الأولى في البرلمان العراقي، جدلاً وحالة من الاستياء والرفض بين الأوساط العامة جراء العديد من البنود التي تضمنها والتي وصفت بـ"المكممة والديكتاتورية".

ويأتي هذا الاحتجاج بعد اعتراض سابق منتصف نوفمبر الماضي على مشروع قانون "جرائم المعلوماتية"، الذي يواجه أيضاً اتهامات متعلقة بالتضييق على المدونين والصحافيين والناشطين على حد سواء، ليشكل بذلك ثاني أزمة متعلقة بالحريات يثيرها البرلمان العراقي.

وينص مشروع قانون حرية الرأي والتعبير الذي ناقشه البرلمان، ضمن أحد بنوده، أن على أن "للمواطنين الحق في عقد تجمعات عامة بعد الحصول على إذن مسبق من رئيس الوحدة الإدارية قبل خمسة أيام على الأقل من الحدث".

وتنص المادة الأولى من مشروع قانون حرية التعبير ذاته، على "حقوق المواطنين في الحصول على المعلومات من المؤسسات الرسمية وفقًا للقانون"، ولكنها لا تتضمن أي التزام للسلطات بتقديم أسباب تقييدها للحق في الوصول إلى المعلومات.

وعقب عرض المشروع على القراءة الأولى في البرلمان العراقي، وقّع 36 نائباً في البرلمان يمثلون قوى مدنية ومستقلين، على عريضة تطالب بسحب القانون لإجراء تعديلات عليه، شددوا من خلالها على إنه يجب أن يكون القانون متوافقاً مع مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة المنصوص عليها في الدستور".

وتتقدم النائبة ورئيس حراك "الجيل الجديد"، سروى عبد الواحد، الحملة البرلمانية لاعتراض القانون ومغادرة ذلك التشريع الذي يمكن الاستغناء عنه بحكم القوانين الأخرى التي تنظم عمل الحريات في البلاد.

تقول عبد الواحد لـ"ارفع صوتك"، إن "ذلك القانون دكتاتوري ولن يسمح للتعبير عن الرأي بحرية تامة وهو أصلا مكفول دستورياً، بالتالي هذه محاولة لشرعنة التكميم وقتل الديمقراطية".

وتضيف أن "القانون يضم العديد من الفقرات التي تقيد حركة وتنظيم التظاهرات والاحتجاج والتجمعات، فضلاً عن وجود مصطلحات فضفاضة وعريضة قابلة لأكثر من تفسير، بما يضع ممارسي الحريات تحت طائلة القانون في أية لحظة".

وأبدى مدونون وناشطون امتعاضهم من تلك التشريعات والقوانين التي تسعى السلطات المعنية تمريرها والتي رأوا فيها تكريساً لسياسات القمع والعودة إلى عصر الدولة البوليسية ما قبل 2003.

الأكاديمي والناشط، علي البياتي، وخلال تغريدة أشار إلى أن "الدستور العراقي تكلم عن قانون ينظم حرية التعبير عن الرأي وليس العكس"، مردفاً :" مسودة القانون تقيد هذه الحرية ولن ترضخ الجماهير لهكذا قوانين".

وأبدى استغرابه من طرح مثل تلك التشريعات الحساسة التي تزيد من الشرخ بين البرلمان والجماهير.

من جانبه، يقول المدون إحسان الجبوري، إن "ظروف طرح مسودة ذلك القانون اختلفت ما بين عامي 2009 و2022، باعتبار أن البرلمان العراقي يضم اليوم أكثر من 50 نائباً تشرينيا، بالتالي فإن من الأجدر عدم تمريره".

ويتابع أن "العراقيين قدموا التضحيات والدماء من أجل حرية الكلمة".

ويحظر دستور العراق في المادة (2/ ب) سنّ قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية، وفي المادة (2/ج) ينص على عدم جواز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة فيه، وإحداها "حرية التعبير".

وصيغت المسودة الأولى لقانون حرية الرأي والتجمع والاحتجاج السلمي عام 2010، في فترة حكومة نوري المالكي الثانية، وعرضت على البرلمان للقراءة الأولى عام 2016، لتُقابل آنذاك باعتراضات وتوصيات من منظمات دولية ومحلية لإجراء التعديلات على العديد من بنودها، حتى لا تكون شرعنة لخنق الأصوات وتكميم الحريات.

واقترحت 22 منظمة غير حكومية عراقية قائمة بالتعديلات لضمان امتثال مشروع القانون للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وفي 10 مايو 2017، أقرت اللجان البرلمانية بعض التوصيات، ولكن بعد ثلاثة أيام، تم تعليق التصويت على اعتماد القانون.

وبعد عامين وتحديداً في يونيو 2019، عرض مشروع القانون من جديد دون مراعاة لمقترحات منظمات المجتمع المدني، مما اضطر لجنة حقوق الإنسان بمخاطبة كل من المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين الجمعيات.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.