دمرت إسرائيل المفاعل النووي العراقي بغارة جوية في يونيو 1981.
دمرت إسرائيل المفاعل النووي العراقي بغارة جوية في يونيو 1981.

تجدّد الحديث حول المفاعل النووي العراقي والمساعي الكبيرة التي قامت بها إسرائيل لإحباط هذا المشروع بعدما قطع خطوات متقدمة اعتبرتها تل أبيب أكبر خطر واجهها منذ نشأتها.

نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريراً جديدا كشف بعض تفاصيل حملة "العصر الجديد"، التي نفّذها الموساد لإحباط الحلم العراقي عبر تجنيد جواسيس يعملون في قلب المشروع النووي العراقي وإرغام الخبراء الأجانب على عدم التعاون مع العراقيين عبر تهديدهم بقنابل متفجرة.

وعقب فشل كافة الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية لإقناع فرنسا بالكفِّ عن مساعدة بغداد، بذل رجال الموساد جهوداً مكثفة لاختراق المشروع أمنياً ومعرفة تفاصيله عن كثب، حسبما صرّح عددٌ من رجال الموساد لـ"هآرتس".

جنّد الإسرائيليون مهندساً إيطالياً قدّم خدماتٍ استشارية للمفاعل العراقي زوّدهم بمعلومات تقنية هامة عن درجة التقدم التي بلغها البرنامج النووي العراقي.

وبحسب أهارون شيرف، رئيس شعبة تجنيد العملاء بالموساد في فرنسا وقتها، فإن كل هذه الجهود لم تفلح في إعاقة بناء المفاعل العراقي، فاضطر معها مناحم بيجن رئيس الوزراء لأن يأمر بشنِّ غارة جوية على المفاعل في يونيو 1981.

 

بداية أميركية ودعم سوفييتي

 

خلال الحقبة الملكية، اهتمَّ العراق بالتكنولوجيا النووية فأنشأ لجنة الطاقة الذرية عام 1956، واتّفق مع الولايات المتحدة على تزويده بأول مفاعل نووي للأبحاث قدرته 5 ميجاوات كأحد أشكال الاستفادة من المشروع الذي أعلنه الرئيس الأميركي آيزنهاور، والمعروف بِاسم "الذرة من أجل السلام"، والذي شمل دعم الدول الحليفة للولايات المتحدة بتكنولوجيا نووية.

شُحن المفاعل النووي بالفعل من أميريكا إلى العراق. لكن، خلال طريقه، قامت ثورة 1958 في العراق بقيادة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف.

قتل الملك فيصل الثاني ولم يكن تجاوز من العمر 23 عاما.
مجزرة قصر الرحاب.. نهاية دموية لحُكم الهاشميين في العراق
كان عبد الستار العبوسي في القصر لحظة خروج العائلة المالكة. ما إن رآهم حتى هرع نحوهم قفزًا.. وتأكد من الضابط المرافق لهم أنه اصطحب كافة العائلة الهاشمية، ثم رفع رشاشه وراح يُطلق الرصاص يمينًا ويسارًا حتى سقطوا جميعًا مضرجين بدمائهم.

لم تأمن أمريكا نوايا الحُكام الجدد، واعتبرت العراق بلدا "غير مستقر" لا يستطيع التعامل مع منشآت نووية بهذه الخطورة، فأمرت بتغيير مسار المفاعل إلى طهران، وكانت بداية نشأة البرنامج النووي الإيراني.

أظهر قادة الثورة الجدد مُبكراً اهتماماً بالطاقة النووية، فعقدوا اتفاقاً مع الاتحاد السوفييتي في 1959، للتعاون في المجال النووي. بمُوجب هذه الاتفاقية، أُرسل 375 طالباً عراقياً، كدفعة أولى، لتلقّي العلوم النووية، وأُنشئ مركز البحوث النووية العراقي تحت إشراف سوفييتي.

أخيراً، وهوالأهم، أنشئ مفاعل "14 تموز" في موقع التويثة قرب بغداد بطاقة 2 ميجاوات زادت لاحقاً إلى 5 ميجاوات.

 

فرنسا تدخل على الخط

 

منذ تدبير أعضاء حزب البعث انقلابهم عام 1968، أبدى قادة الانقلاب اهتماماً خاصاً بالتعاون مع فرنسا. يقول جواد هاشم وزير التخطيط العراقي السابق إن صدام حسين كان يعتقد أن فرنسا ستكون بوابة العراق الرئيسية للحصول على تكنولوجيا الغرب.

انقلاب 8 شباط.. القوميون والبعثيون يستولون على السلطة
سلم رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم نفسه ظهيرة 9 شباط 1963، واقتيد إلى أستوديو التلفزيون حيث جرت محاكمته من قبل محكمة خاصة شكلت برئاسة عبد الغني الراوي، وحكم عليه ورفاقه بالإعدام رميا بالرصاص وعرضت صورهم بعد تنفيذ الحكم على شاشة التلفزيون العراقي.

وبحسب هاشم، فإنه حينما صدرت قرارات تأميم قطاع النفط في يونيو 1972، وأصبح بموجبها العراق مالكاً لكافة شركات البترول الأجنبية، استثنت بغداد فرنسا من هذا القرار ومنحتها "موقعاً متميزاً"، وفقاً للبيان الرسمي الذي أعلنه الراديو.

وفي ديسمبر 1972، زار صدام حسين فرنسا، وهناك عقد عشرات الاتفاقات التي مهّدت لتلقي الكثير من التكنولوجيا الغربية، وعلى رأسها طائرات ميراج والمفاعلات النووية.

بعد 4 سنوات، باعت فرنسا للعراق مفاعلاً نووياً قُدرته 40 ميجاوات حمل اسم "تموز"، مع تزويده بـ12 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب. رغم الاعتراضات الأميركية والإسرائيلية، أكدت فرنسا أن البرنامج النووي العراقي "لأغراض سلمية فقط"، معتمدة على توقيع العراق على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية عام 1969.

وفي 1979، جرى الإعلان عن تزويد فرنسا للعراق بمفاعل نووي جديد هو "تموز 2" بقُدرة 70 ميجاوات.

هنا، اعتبرت إسرائيل أن البرنامج النووي العراقي يتطوّر "بشكلٍ أكثر مما ينبغي"، وأن عليها إيقاف هذه العجلة بأي ثمن.

 

دبلوماسية وتفجيرات

 

بذلت تل أبيب جهوداً كبيرة لإقناع فرنسا بعدم تصدير المفاعل إلى العراق، قدّمت الاحتجاجات الواحد تلو الآخر كما عقد دبلوماسيوها عشرات الجلسات مع القادة الفرنسيين لثنيهم عن دعم العراق، كلها بلا جدوى.

خلال مراحل بناء المفاعل، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن "إسرائيل لن تنتظر حتى تقع قنبلة عراقية ذرية على رأسها"، كما أصدرت لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست بياناً قالت فيه أنه "ينبغي على إسرائيل أن تعتبر وجود إمكانية إنتاج سلاح نووي لدى نظام حُكم متطرف في العراق بأنه يشكل خطراً على أمنها ووجودها".

وصرح شمعون بيريز، رئيس حزب العمل وقتها، بأن الصفقة العراقية الفرنسية ستزيد من "خطر الصدام في المدى البعيد، وتعمق الخلاف، وتبعد احتمالات التسوية"، واعتبر أنه "ليس هناك أهمية لتوقيع العراق على معاهدة عدم انتشر الأسلحة النووية، وهي مجرد ورقة، وليس هناك أهمية أو فاعلية للإشراف الفرنسي على المفاعل الذري في العراق".

هددت إسرائيل عدداً من المهندسين الأجانب الذين يعملون في المفاعل بالقتل، وأرسلت لهم في منازلهم طروداً محشوة بالمتفجرات.

يقول محمد كاظم في بحثه "البرنامج النووي العراقي": تم تفجير بيت خبير فرنسي في باريس، وكذلك جرى تفجير مقر شركة "سنياثكنت" الإيطالية ومنزل مدير فرعها في ميلانو.

نتيجة لهذه الحوادث، ضاعفت الشرطة الفرنسية من إجراءات الحراسة حول مكاتب خمس شركات فرنسية لها علاقة بإنتاج المفاعلات الذرية المخصصة للعراق، وذلك في أعقاب تلقيها تهديدات بضربها وتفجيرها.

في أبريل 1979، دبّرت إسرائيل أول تحرك عنيف لإيقاف مسار البرنامج العراقي، بعدما أقدم فريق تابع للموساد على تنفيذ هجوم على موقعٍ تابع لهيئة الطاقة النووية الفرنسية قرب مارسيليا. استهدف الهجوم تدمير عدة معدّات جرى تجهيزها في انتظار شحنها للعراق لتكون جزءاً من المفاعل الجديد.

لم يكن لهذا الهجوم تأثير كبير، إذ جرى إصلاح المعدات المتضررة، وعادت معدلات بناء المفاعل إلى مسارها الطبيعي، هنا قرّرت إسرائيل تدمير المفاعل في قلب العراق.

كذلك، تتهم إسرائيل باستهداف العالم الذري المصري يحيى المشد في فرنسا، والذي كان يتولى منصباً إشرافياً رفيعاً على الأعمال الذرية العراقية. ومات المشد بشكلٍ غامض داخل غرفته في أحد الفنادق.

وبحسب محمد كاظم فإن المشد لم يكن وحده، إنما نفذت إسرائيل عمليات متعددة لاغتيال عددٍ من رموز البرنامج النووي العراقي، مثل سليمان اللامي (مات في جنيف) وعبد الرحمن رسول (اغتيل في باريس) وكاكا عبد الرحمن وسلمان رشيد سلمان (قُتل في جنيف).

 

قصف المفاعل

 

في 7 يونيو 1981، انطلقت 14 طائرة مؤلفة من 8 طائرات (إف 16) و6 طائرات (إف 15) من قاعدة "اتزيون" في سيناء. حينها لم تكن إسرائيل قد انسحبت من سيناء بعد، وكانت تلك القاعدة أكبر قاعدة جوية في الشرق الأوسط.

في تمام الساعة السادسة والنصف مساءً، ألقت الطائرات قنابلها، تزن الواحدة منها قرابة طن، لتدمير أكبر قدرٍ ممكن من بنية المفاعل المدعّمة بالخرسانة المسلحة.

لاحقاً، نقلت الصحافة الإسرائيلية عن قائد العملية العسكرية، أنه وجميع الطيارين الذين شاركوا في الغارة كانوا على علمٍ بالعملية قبل تنفيذها بستة شهور، وأنهما أجروا تدريبات عديدة على أهدافٍ وهمية مماثلة لموقع المفاعل، وأنهم كانت لديهم فكرة كاملة عن الأماكن الأكثر أهمية في المفاعل النووي العراقي وكيفية ضربها.

حسبما أعلنت الصحافة وقتها، فإن الطائرات المغيرة طارت قرابة ألفي كيلومتر في رحلة استغرقت قرابة 3 ساعات ذهاباً وإياباً، جزء منها تم في المجال الجوي للسعودية المحاذي للحدود الأردنية بسبب الضعف الكبير في دفاعاته الجوية. وبشكلٍ عام، فإن الرادارات العراقية والأردنية والسعودية لم تكتشف وجود الطائرات إلا خلال رحلة العودة.

كان عدم قدرة العراقيين على رصد الطائرات فور دخولها الأجواء العراقية أمراً مثيراً للغرابة، برّره طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي حينها بأن المعدات العسكرية التي كان يمكنها القيام بهذه المهمة منشغلة بالحرب مع إيران، ثم ألقى باللوم على الدول العربية التي مرّت الطائرات الإسرائيلية عبر أجوائها دون أن ترصدها.

من جانبها، كشف إدارة الشؤون العسكرية في جامعة الدول العربية خلال إعداد تقريرها عن الحادث بأن "الطيارين الإسرائيليين لجأوا إلى عملية تشويش كبيرة للتأثير على أجهزة الرصد والرادارات العربية"، وهو ما منع أي دولة عربية من تحذير العراق قبل الضربة.

وحسبما يذكر صلاح الأمين، الذي عمل ضابطاً في الجيش العراقي، في أطروحته "الغارة على المفاعل النووي العراقي"، فإن المفاعل العراقي أحيط بساتر ترابي ارتفاعه 50 متراً كما خُصصت منظومة دفاع جوي متقدمة لحمايته، أغلبها من صواريخ سام السوفييتية.

لكن، عقب اندلاع الحرب مع إيران أحجم الاتحاد السوفييتي عن مساعدة العراق فاضطر إلى تخفيض مدة عمل منظومة الدفاع الجوي إلى عدة ساعات صباحاً ومساء بدلاً من العمل طيلة اليوم، للحفاظ على أجهزته لأطول فترة ممكنة.

وبحسب الأمين، فإن إسرائيل اختارت توقيتاً مثالياً لضرب المفاعل ضمنت فيه ألا تعمل محطات الرادارات بكامل طاقتها، وأن المفاعل العراقي كان مهياً لبعض الفحوصات ما يُسهّل قصفه بأقل أضرار بيئية ممكنة. كذلك كان الطاقم الفرنسي في إجازة فلم يتواجد منهم داخل المفاعل إلا واحد مات خلال الغارة.

بعد هذه الواقعة بعشر سنوات، سيقابل دييك تشيني وزير الدفاع الأمريكي ديفي إيفري المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية وقائد القوات الجوية لحظة ضرب المفاعل. في كلمته، قال تشيني "مع الشُكر والتقدير للوظيفة الرائعة التي قام بها مع البرنامج النووي العراقي عام 1981، ما جعل مهمتنا أكثر سهولة في عاصفة الصحراء".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.