صورة أرشيفية لأحد عناصر الحشد الشعبي
صورة أرشيفية لأحد عناصر الحشد الشعبي

توشك هيئة الحشد الشعبي، على الانتهاء من تشكيل لواء جديد تابع لها، يضم الآلاف أهالي قضاء سنجار غرب، للمباشرة بمهام قتالية وأخرى أمنية، ضمن خطة لتوسيع رقعة انتشار ناصر الحشد في القضاء التابع لمحافظة نينوى شمال العراق.

وتنتشر أفواج تابعة للحشد الشعبي مكونة من فصائل متعددة منذ عام 2017، وسط مدينة سنجار وأطرافها خاصة في الجانب الغربي. وعززت تواجدها بقطعات وأسلحة ثقيلة عام 2021.

كما توجد فصائل مسلحة أخرى، بعضها يتبع "كتائب حزب الله العراقي" و"النجباء" و"عصائب أهل الحق"، تتمركز جميعها على أطراف سنجار وقرب جبل سنجار، واتخذت من مبانٍ حكومية وبيوت فارغة معسكرات لها.

وأعلنت في حينها هذه الفصائل، أن تعزيز الانتشار جاء بهدف مواجهة أي توغل بري تركي في المدينة، إثر التهديدات التركية باجتياح المدينة، لملاحقة مسلحي حزب العمال الكردستاني الذين يتواجدون في جبل سنجار ووسط المدينة.

وبحسب معلومات حصل عليها "ارفع صوتك" من مصادر داخل قيادة اللواء الجديد، فضلت عدم الكشف عن اسمها، سيضم اللواء الجديد "أكثر من 3600 مسلح من أهالي سنجار حصراً. وبدأت هيئة الحشد بتسجيل أسماء الراغبين في الانضمام إليها منذ منتصف مارس الماضي، ومن المقرر أن تنتهي عملية التشكيل قريباً على أن تباشر هذه القوة مهامها بعد تشريع قانون الموازنة العامة للبلاد".

ويثير تشكيل هذه القوة مخاوف أهالي سنجار، خصوصاً أن قرابة 80% منهم تعيش في مخيمات النزوح وداخل بلدات ومدن إقليم كردستان منذ عام 2014، الذي شهد سيطرة تنظيم داعش على سنجار وتنفيذه حملة إبادة جماعية ضد الأيزيديين الذين يشكلون غالبية سكانها.

يقول الناشط الإعلامي فيصل علي، لـ"ارفع صوتك"، إن "الصراعات الداخلية بين القوى العسكرية المختلفة المنتشرة في سنجار تسببت حتى الآن بعدم استقرار الأوضاع فيها".

ويضيف: "نحن كأهالي سنجار نريد قوة من أهالي المدينة مكونة من لواء أو لواءين تشكلهما وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع في الحكومة الاتحادية، وهذا لا يعني أننا نعترض على هيئة الحشد الشعبي، لكن لدينا علامة استفهام، ونخشى من فصائل تابعة للحشد الشعبي موالية لإيران ولدول أخرى، وتقدم هذه الفصائل أيضا الدعم للمجموعات المسلحة القادمة من سوريا تركيا التي تتمركز في سنجار، وهذا مرفوض بالنسبة لنا".

وتتعدد القوى العسكرية المتواجدة على الرقعة الجغرافية لسنجار، وتتمثل بفصائل الحشد الشعبي ووحدات مقاومة سنجار الموالية لحزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا، وقوات حماية إزيدخان التابعة لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان، إلى جانب الشرطة المحلية والشرطة الاتحادية وقطعات من الجيش العراقي.

يتابع علي: "نخاف من تصارع هذه القوى على أراضينا، وهو ما حدث في مايو الماضي عندما نزحنا مجددا إلى المخيمات بسبب التصادم بين الجيش العراقي وحزب العمال الكردستاني، لذلك نحن معرضون لتكرار نفس الأحداث فيما إذا لم تنفذ بنود اتفاقية سنجار".

"ونطالب أن يسلم الملف الأمني في المدينة للشرطة المحلية من أبناء سنجار وأن يقتصر واجب الجيش العراقي والقوات القتالية الأخرى على حماية الحدود"، يقول علي.

في الوقت نفسه، يؤكد مسؤول في لواء سنجار (الحشد الشعبي) فضل عدم الكشف عن اسمه، أن اللواء "سيكون جزءا رئيسيا من عملية استباب الأمن والاستقرار في سنجار".

ويبين لـ"ارفع صوتك": "يشكل لواء سنجار (اللواء 47) عبر دمج 4 أفواج تابعة للحشد في سنجار مع بعضها، فوجان من الأيزيديين الذين انضموا لصفوف الحشد الشعبي منذ تحرير سنجار وفوجان من شيعة سنجار".

ويخالف تشكيل هذا اللواء وتعزيز تواجده في سنجار بنود "اتفاقية سنجار" التي وقعتها الحكومة الاتحادية في بغداد مع حكومة إقليم كردستان في أكتوبر 2020، بإشراف دولي لتطبيع الأوضاع في سنجار، التي تنص على إخلائها من كافة المجموعات المسلحة، في مقدمتها حزب العمال الكردستاني والفصائل التابعة للحشد الشعبي، وتسليم ملفها الأمني للشرطة المحلية؛ تمهيدا لإعادة النازحين إليها والبدء بإعادة الإعمار كي تعود أوضاعها إلى ما كانت عليه قبل عام 2014.

ورغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على إبرام الاتفاقية، إلا الفصائل التابعة للحشد وحزب العمال الكردستاني، بحسب مصادر حكومية عراقية وأخرى في حكومة إقليم كردستان، تعيق تطبيقها وتصر على البقاء في المدينة. 

في نفس السياق، يوضح النائب العراقي عن سنجار، محما خليل، إن "اتفاقية سنجار مهمة جدا دستوريا وقانونيا، لكنها ما زالت حبرا على ورق، ولم تطبق أي فقرة منها رغم أن الأوضاع السياسية مهيأة والأرضية مناسبة لتطبيقها".

ويعرب عن مخاوفه من تشكيل اللواء التابع للحشد في سنجار،  قائلا لـ"ارفع صوتك": "نخشى من أن تتسبب هذه القوة بزعزعة الوضع في سنجار، وتعزيز صراع القوى المتواجدة على الأرض حول  عسكرة المجتمع".

كما يخشى خليل من أن يعطي تشكيل لواء سنجار "فرصة لتدخّل قوى أخرى" في المنطقة.

ويشير  إلى أن "اتفاقية سنجار نصت في بنودها الأمنية على توظيف 2500 عنصر من أهالي سنجار في سلك الشرطة لمسك الملف الأمني على أن يساندها جهازا الأمن الوطني والمخابرات".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.