لا تتوقف المنظمات الدولية عن التحذير من أثر تغيّر المناخ على العراق. الأمم المتحدة وضعته في العام 2022، على رأس قائمة التهديدات التي توجه البلاد، وذلك بعد أن سجل العراق مواسم جفاف هي الأسوأ منذ 40 عاماً.
أما منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزارعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي فصنفا العراق من أكثر دولة العالم تأثراً بالتبعات الناجمة عن تغير المناخ. وأشارتا في تقرير صادر عام 2022 إلى مخاطر الانخفاض المتواصل في إيرادات البلاد من المياه عبر نهري دجلة والفرات، إلى جانب تدنّي كميات الأمطار بشكل أدى إلى تدهور الأراضي الصالحة للزراعة.
وتصيب تبعات التغير المناخي المجتمعات الفقيرة بشكل أكثر عمقاً، فيما تصبح النساء أكثر المتضرّرين من تلك التأثيرات، كما تبيّن دراسة حديثة لرئيس المهندسين في وزارة الموادر المائية، أحمد الآلوسي، بعنوان: "التغيّرات المناخية والتصحّر وآثارها الاجتماعية على المرأة".
التبعات الأكثر قسوة للتغيّر المناخي تتجلى في اختيار الأسر للنزوح بسبب شحّ المياه، وهو السلوك الأكثر شيوعاً حيث يتم فيه الهرب من الموت والمصير المجهول إلى مصير قد لا يقل خطورة عن السابق.
وتشير الدراسة إلى أن المرأة تتعرض خلال النزوح إلى مظاهر العنف بكل أشكاله في البيئة الجديدة.
وحتى مارس الماضي، وثّقت منظمة الهجرة الدولية نزوح نحو 12 ألفاً و212 عائلة بسبب الجفاف في 10 محافظات عراقية في وسط وجنوب العراق، حيث توجهت 76 في المئة من العائلات إلى المناطق الحضرية.
الخطر المباشر للنزوح على المرأة يتمثل في حرمانها من التعليم، حيث غالباً ما تشهد مناطق النزوح قلّة في المدارس، ويكون الخيار الأكثر سهولة هو توجيه النساء والفتيات للعمل وترك التعليم للمساعدة في نفقات الأسر.
وكذلك، يصبح الزواج القسري للفتيات بعمر صغير أمراً شائعاً. وتشير الدراسة إلى أن لقمة العيش أو التنصل من المسؤولية يصبح حجة لتبرير هذا الزواج.
وتضيف: "الزواح القسري هو زواج غير متكافئ لم يُبنى على أسس حقيقية ربما يكون لإشباع رغبات الأغنياء والمتنفذين. وللأسف فإن الفتاة التي تنتمي إلى عائلة فقيرة هي من تدفع الثمن".
وإلى جانب ذلك، تبرز ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء في المجتمعات الجديدة عبر استغلال حاجتهن إلى مصدر للزرق.
وتوجه الدراسة نقداً للبنية الاجتماعية السائدة والتي تقوم على حرمان النساء من حق تملك الأراضي أو تسجيل عقود الاستصلاح الزراعي رغم مشاركتهن في أعمال الزراعة إلى جانب مهامهن الأسرية.
ولتجنيب النساء الأخطاء التي تلاحقهن نتيجة تداعيات التغير المناخي، تذهب الدراسة إلى ضرورة معالجة المشكلة من الجذور عبر تقليل حالة النزوح من خلال توفير قروض ميسرة لأغراض التشجيع على الزراعة بالطرق الحديثة وبناء سدود الحصاد المائي، ومنح أكبر ما يمكن من القروض للنساء وخاصة لتأسيس المشاريع الصغيرة لتلافي استغلال حاجتهن.
كذلك، تقترح سَن قوانين وتشريعات تدعم المرأة لمواجهة التغيّرات المناخية وتداعياتها، وتنظيم ورش تدريبية خاصة للمرأة، لغرض التوعية بالحقوق والتصدي للمشكلات.