أجريت آخر انتخابات لمجالس المحافظات عام 2013، لتستمر المنتخبة منذ ذلك الحين في العمل، حتى عام 2019- تعبيرية
أجريت آخر انتخابات لمجالس المحافظات عام 2013، لتستمر المنتخبة منذ ذلك الحين في العمل، حتى عام 2019- تعبيرية

عوائق عديدة تواجه إجراء انتخابات مجالس المحافظات في العراق، المقررة نهاية العام الحالي، بعضها قانوني وآخر سياسي.

وأجريت آخر انتخابات لمجالس المحافظات عام 2013، لتستمر المجالس المنتخبة منذ ذلك الحين في العمل، حتى اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، حيث صوّت مجلس النواب العراق على حلّها.

وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أعلن في 19 يونيو الجاري، أن الحكومة ماضية في الاستعداد لإجراء انتخابات مجالس المحافظات.

ونقل المكتب الإعلامي للسوداني قوله خلال لقائه الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، إن "الحكومة ماضية في ملفّ التهيئة للانتخابات، وشرعت في توفير كامل متطلبات إنجاح الاستحقاقات الانتخابية القادمة لمجالس المحافظات".

 

3 معيقات

 

تعليقاً على ما سبق، يرى الخبير القانوني وائل البياتي وجود عدد من عوامل تعيق إجراء الانتخابات في موعدها المحدد. 

يوضح لـ"ارفع صوتك": "العائق الأول يتعلق بالطعن الذي قدمه عدد من النواب، بعدم دستورية نصوص معينة في قانون الانتخابات، من بينها ما يتعلق باستبدال الأعضاء وأيضا إعطاء حق بتقديم ضعف عدد المرشحين، وغيرها من المواد التي لم تبت المحكمة الاتحادية لحد الآن في مدى دستوريتها".

ويعتبر البياتي مسألة عدم إعلان التيار الصدري نيته المشاركته في الانتخابات بشكل صريح "عائقاً آخر، لأنه يعني أن الوضع سيبقى غير مستقر".

ويبيّن أن "عدم مشاركة التيار يعني أن جمهوراً أساسياً ومهماً لكيان سياسي مؤثر في العراق مقاطع ولا يشارك في العملية السياسية. وهذا ينعكس سلباً على استقرار وعمل وأداء هذه المجالس في حال أجريت الانتخابات".

"والعائق الثالث يتعلق بتحديث سجلات الناخبين، حيث لا يزال نحو 10 ملايين شخص يحق لهم الانتخاب لم يحدثوا أو لم يستلموا البطاقة البيومترية طويلة الأمد، أو أنهم حدثوها لكن لم يستلموها لغاية الآن"، يقول البياتي.

ويتابع: "يعني هذا أن حوالي 44% من سجل الناخبين لا يحق لهم المشاركة في الانتخابات إذا أجريت في ديسمبر المقبل، يضاف إليهم ناخبو الخارج، الذين يجب معالجة مسألة مشاركتهم، باعتبار أن القانون اشترط ألا تتم مشاركة أي ناخب لا يحمل البطاقة البيومترية".

ويتوقع البياتي أن تؤدي هذه المعوقات بمجملها أو بعض منها إلى تأجيل موعد إجراء الانتخابات حتى مطلع العام المقبل. 

 

"لا عوائق"

 

الثلاثاء الماضي، أعلنت الحكومة العراقية،  تأجيل الموعد المحدد لإجراء انتخابات المجالس من 6 نوفمبر 2023 إلى 18 ديسمبر 2023. وذكر بيان لمجلس الوزراء أن القرار "جاء التزاماً بالمنهاج الوزاري الذي تبنته الحكومة، وأقره مجلس النواب في أكتوبر الماضي".

وعلى العكس من البياتي، يستبعد الحقوقي هاني البصري، وجود أية معيقات لإجراء الانتخابات المحلية في موعدها، عدا مسألة انتهاء المدة القانونية للمفوضية الحالية، وضرورة تشكيل مفوضية أخرى.

ويقول لـ"ارفع صوتك": "إذا لم تتمكن الحكومة من إجراء هذه الانتخابات في موعدها الذي حددته من دون حدوث ظروف قاهرة، سيؤثر ذلك على مصداقيتها ويضعف موقفها".

ويمنح الدستور العراقي صلاحيات واسعة لمجالس المحافظات، فهي لا تخضع لسيطرة أي وزارة وتمتلك صلاحيات إدارية ومالية واسعة، ما يجعلها مركزا مهماً تتصارع الأطراف السياسية على الاستحواذ عليه.

ويسند الدستور لمجالس المحافظات مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة الذين يمتلكون صلاحيات واسعة، تتمثل في الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة.

يقول الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر، لـ"ارفع صوتك"، إن "الجميع مع إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، لذلك لا توجد على الأرض أية عوائق لحد الآن، إلا إذا حصلت في المستقبل بعض التحركات المتعلقة بالحراك السياسي أو احتجاجات، لكن اذا استمرت الأوضاع بهذا الشكل فلا عوائق".

ويرى  أن الحكومة "لا تريد أن تحدث أي أزمة ممكن أن تنعكس على ما وعدت به الشارع العراقي"، مردفاً أن "إجراء الانتخابات يمثل إرادة حكومية قوية ورغبة جامحة لتحقيق تطلعات العراقيين، خصوصا أن السوداني لن يكون شريكاً في هذه الانتخابات وفق المعطيات، بالتالي سوف تمرر تلك الانتخابات في الموعد المحدد".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.