تعتبر الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك، أن انخفاض الإنتاج السمكي للبلاد، ناتج عن ردم وزارة الموارد المائية للأحواض السمكية غير المرخصة، ضمن خطة الوزارة لمواجهة شح المياه وانعكاسات التغيير المناخي.
وكثفت الوزارة منذ نهاية مايو الماضي عمليات إزالة وردم بحيرات الأسماك غير المرخصة في كافة المحافظات عدا إقليم كردستان، ضمن خطتها لمواجهة الموسم الخامس من الجفاف الذي يعصف بالعراق.
وأعلنت عبر بيان لها في 23 مايو الماضي، أن عمليات إزالة بحيرات الأسماك "تأتي من أجل ضمان وصول الحصص المائية لجميع المستفيدين وبعدالة، والحفاظ على هذه الثروة المائية ومواجهة آثار الشح المائي".
ويشكل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وارتفاع نسبة الملوحة وانعدام الغطاء النباتي والعواصف الرملية، أبرز التحديات المناخية التي يشهدها العراق منذ نحو خمس سنوات، ما يعمّق من التحديدات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية التي تواجهها البلاد.
وتسببت هذه المشاكل، في الهجرة الداخلية من القرى إلى المدن، ومن المدن التي تشهد تغيرا مناخيا ألى مدن أخرى لم تصل فيها التغيرات درجة الخطورة بعد.
وشهد العراق ارتفاعا كبيرا في أسعار الأسماك التي تنتجها البحيرات خلال الأشهر الماضية، حيث كان سعر الكيلو غرام الواحد من السمك ما بين 5500 – 6000 دينار عراقي مطلع العام الحالي، ليصل اليوم إلى 10 آلاف دينار، فيما تحذر الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك من أن السعر سيرتفع إلى 15 ألفاً أو 20 دينار خلال الفترة المقبلة.
وكشف رئيس الجمعية، إياد الطالبي، في تصريح لقناة العراقية الرسمية أن "إنتاج العراق من الأسماك انخفض من مليون طن سنويا إلى 190 ألف طن، وهو إنتاج البحيرات المرخصة والأقفاص العائمة فقط، بعد عمليات إزالة وردم بحيرات الأسماك غير المرخصة، التي تنفذها وزارة الموارد المائية".
وأضاف أن "مليوني عراقي يعملون في مجال زراعة وإنتاج الأسماك وبيعها سيتضررون بشكل مباشر من هذه العمليات وسيضطرون مستقبلا بعد فقدانهم العمل في هذا المجال باتجاه المدن".
وبحسب إحصائيات الجمعية، يشكل ناتج بحيرات تربية الأسماك غير المرخصة في العراق نحو 75% من إنتاج البلاد من الأسماك، وانحسارها تسبب في ارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق المحلية.
حاول موقع "ارفع صوتك" التواصل مع وزارة الموارد المائية لمعرفة تفاصيل خطتها في مجال إزالة بحيرات الأسماك والأضرار التي لحقت بالثروة السمكية، لكن المتحدث باسم الوزارة اعتذر عن التصريح موضحا "أنه غير مخوّل" بذلك حالياً، وحاولنا الاتصال بمسؤولين آخرين في الوزارة، دون جدوى.
من جانبه يرى الخبير في مجال المياه، تحسين الموسوي، أن الوضع المائي في العراق وصل إلى مراحل "حرجة جدا"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن تحميل الحكومة كامل المسؤولية، لأن ملف المياه ملف تراكمي" لكنه لا يعفي الحكومة من المسؤولية أيضا.
يضيف لـ"ارفع صوتك"، أن "الحكومة الحالية تمتلك موازنة كبيرة وعلاقات خارجية جيدة، وهناك هدوء سياسي نسبي نوعا ما، لكن الخطوات الفعلية ليست بمستوى الحدث".
"نحن أمام تلوث بيئي خطير، حيث انعدم التنوع الأحيائي أو البيولوجي للأسماك في العراق، ونلاحظ نفوق الأسماك بسبب قلة الأوكسجين وانقطاع المياه، وخرجت الأهوار عن الخدمة، فيما يحتضر حوضا النهرين، ونحاول إسعافهما من منخفض الثرثار لكنه غير صالح للاستهلاك، ويستخدم منه الجزء الميت"، يتابع الموسوي.
ويؤكد أن "وزارة الموارد المائية في متاهة كبيرة والوضع مفجع للغاية، والأمور سوف تصبح أصعب مع ارتفاع درجات الحرارة وازدياد نسبة التبخر".
كما يحذر الموسوي من خطورة تداعيات وانعكاسات أزمة الجفاف والتغير المناخي التي ستؤدي إلى نزاعات مجتمعية تصل إلى المحافظات وتشكل تهديدا للسلم المجتمعي، على حد تعبيره.
ويقول في ختام حديثه "الأزمة لا تتعلق بالحكومة فقط، بل تحتاج إرادة وطنية وتدخل الجهات المؤثرة في الشارع العراقي لاحتوائها".