أثار المرجع العراقي فاضل المالكي الجدل في الأوساط العراقية بعد إفتائه بوجوب مقاطعة مجالس العزاء الحسينية التي يقيمها السياسيون، معتبرا إياها "محاولة للتغطية على فسادهم وعمالتهم وتلميع صورتهم".
وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها المرجع المالكي الجدل في الأوساط الشعبية والدينية، فقد سبق له أن أفتى بحرمة الاشتراك في الانتخابات، ورفض التدخل الإيراني في الشأن العراقي معتبرا أن الحوزة الدينية يجب أن تقتصر على رجال الدين العرب دون الجنسيات الأخرى.
وتترأس الحوزة الشيعية في العراق مرجعيات من أصول غير عراقية، على رأسها المرجع الديني الأعلى علي السيستاني ذي الأصول الإيرانية، وبشير حسين النجفي الذي تعود أصوله إلى إقليم البنجاب في الهند، ومحمد إسحاق الفياض ذي الأصول الباكستانية.
المرجع الديني الشيخ "فاضل المالكي" يُفتي بحرمة حضور مجالس عزاء الفاسدين التي يستغلونها للتغطية على فسادهم وعمالتهم وتلميع صورتهم وحرمة الأكل والشرب معهم.
— سلام الحسيني (@salamAJ5) August 8, 2023
يُذكر أن أبرز السياسيين الذين أقاموا مجالس العزاء لحد الآن هم (الحكيم-المالكي-العامري) pic.twitter.com/p5kAduHL0I
وكان المرجع المالكي رد، أول أمس، على استفتاء ورد إلى مكتبه عن "حكم مشاركة الخطيب أو الرادود أو المستمع في المجالس الحسينية التي يقيمها السياسيون الفاسدون في العراق وحكم الأكل والشرب فيها".
وأجاب المالكي بالقول إن "على الشعب العراقي مقاطعة هؤلاء السياسيين وعدم تكثير سوادهم، ولو بحضور مجالس العزاء الحسينية التي يقيمها هؤلاء، حتى في المناسبات الدينية التي يستغلونها للتغطية على فسادهم وعمالتهم وتلميع صورتهم".
وأضاف المالكي أن "الحضور في هذه المجالس هو دعم للفساد ومساهمة في استمراره، ويجب على الشعب العراقي أن يرفض ذلك ويقاطع هذه المجالس".
رفض المراجع غير العراقيين
ولد فاضل المالكي عام 1954 في قضاء الهندية المعروف بقضاء طويريج (مسقط رأس رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي) في محافظة كربلاء، والتحق بالدراسة الحوزوية في مدينة النجف عام 1968 بعد إنهاء المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في مسقط رأسه.
خلال مسيرته الدراسية حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الإسلامية والقانون، قبل أن ينال درجة الماجستير في القانون الإداري الإسلامي.
ويعتبر المرجع فاضل المالكي، المقيم في مدينة "قم" الإيرانية منذ ثمانينات القرن الماضي، من أكثر الشخصيات الدينية انتقادا لتدخل إيران في الشأن العراقي. ففي العام 2008 انتقد، في مقابلة صحافية، تدخل مراجع دينية إيرانية مقيمة في النجف في صياغة الوضع السياسي العراقي.
ودعا رجال الدين المشاركين في حكومة العراق لـ"خلع زيهم الديني إذا أرادوا الاستمرار بالعمل السياسي"، كما انتقد العمليات العسكرية التي جرت في البصرة ذلك العام وقال إنها "انتهاك للحريات وحرب مفتوحة ضد العراقيين تنفذها الحكومة".
وأفتى المالكي بأنه "لا يجوز لمرجع غير عراقي الأصل أن يتدخل في الشأن السياسي العراقي سواء كان في قم أو في النجف".
وأعلن أيضا رفضه أن تكون للعراق حكومة دينية معتبرا أن البلد "لا تصلح له حكومة دينية طائفية أبدا، ولا حكومة علمانية مضادة للدين، وإنما حكومة مدنية تقوم على معايير الأصالة العراقية والاعتدال".
مقاطعة الانتخابات
في العام 2018، أصدر المالكي بيانا طالب فيه الناخبين بمقاطعة الانتخابات بهدف الضغط على الذين وصفهم "بأنهم جعلوا من الدين جسرا للاستحواذ على سدة الحكم، وفصلوا قانون الانتخابات كي يستمر بقاؤهم في السلطة".
كما حمل المرجع العراقي فاضل المالكي الطبقة السياسية مسؤولية اجتياح داعش للعراق "كي تكون ذريعة لدخول أسيادهم إلى العراق"، بحسب تعبيره في بيان قال فيه أيضا إن "هذه الانتخابات كسابقاتها ستجلب الحيتان الطائفية الكبيرة بمكرها وسحر كهنتها".
ووصف المالكي الطبقة السياسية الحاكمة بالطائفية والتطرف وقتل مخالفيها بالتفجيرات والمسدسات الكاتمة، كما اتهمها بالضلوع في تفجير قبة الإمامين العسكريين في سامراء، عام 2006. وهو التفجير الذي أدى إلى اندلاع حرب طائفية في العراق.
وتبنى تنظيم القاعدة حينها هذا التفجير. ولاحقا تم القبض على المتهم بتنفيذ العملية وإعدامه.
تذهيب المساجد
في العام 2021، وردا على سؤال ورد إلى مكتبه حول حكم "تزيين المساجد والمشاهد الشريفة وتذهيبها"، قال المالكي إن ذلك مبالغة.
وجاء هذا السؤال بعد ظهور الرادود الحسيني العراقي الأشهر "باسم الكربلائي" في إحدى الحسينيات وهو يجلس على منبر مطعم بالذهب ويرتدي تاجاً ذهبياً قُدم له هدية في إحدى المناسبات الدينية.

واعتبر المالكي أن تذهيب المجالس الحسينية "ضرب للأولويات الشرعية عرض الجدران بذريعة تعظيم الشعائر، فهو ضرب من تزيين الشيطان، ولهو ولعب بأحكام الديان وإسراف غير مبرر".
وفضل المالكي في معرض رده على السؤال "إنفاق تلك الأموال على مرضى السرطان ونحوه، أو الجرحى في العراق وغيره وعلى من لا سكن لهم، أو يسكنون المقابر وأكواخ القمامة، أو على من لا قوت لهم ولا رأسمال يؤمن معاشهم ويقيهم الكفر والجريمة، ولا مبلغ زواج يحصنون به أنفسهم من الانحراف".