Recovered antiquities are displayed at the Iraqi National Museum in Baghdad, Iraq, Wednesday, July 29, 2015. Nearly 400…
اسما "الديوانية"(القادسية سابقاً) و"ذي قار"(الناصرية سابقاً) في المتحف الوطني العراقي- تعبيرية

في العصر الحديث، تغيرت أسماء العديد من المدن والمحافظات العراقية. لعبت الأسباب المذهبية والسياسية والأيديولوجية والاقتصادية أدوراً مهمة في تلك التغيرات. ما هي أشهر المدن العراقية التي تم تغيير أسمائها في العقود الأخيرة؟ وكيف عبّرت تلك التغيرات عن الظروف المتقلبة التي شهدتها بلاد الرافدين؟

مدينة الصدر

تقع مدينة الصدر في الناحية الشرقية من بغداد، بجوار منطقة الرصافة. وتبلغ مساحتها ما يقرب من 13 كيلومتر مربع. بُنيت المدينة في ستينيات القرن العشرين في عهد الرئيس العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم. وكان أكثر سكانها في تلك الفترة من الريفيين الذين جاؤوا من جنوبي العراق وتم توطينهم في تلك المدينة الجديدة.

عُرفت المدينة في تلك الفترة باسم مدينة الثورة، وكان الهدف من تسميتها بهذا الاسم هو تخليد انقلاب 14 تموز 1958م. والذي نتج عنه الإطاحة بالنظام الملكي وتأسيس الجمهورية العراقية.

في سنة 1966م تم تغيير اسم المدينة لتصبح "حي الرافدين" تزامناً مع وقوع الانقلاب البعثي ووصول الرئيس عبد الرحمن عارف للسلطة. تغير الاسم للمرة الثالثة مع حكم الرئيس الأسبق صدام حسين. حملت المدينة اسم "مدينة صدام" تخليداً لذكرى الديكتاتور البعثي الذي قبض على السلطة في العراق لسنين طويلة.

في سنة 2003م، تغير اسم المدينة مرة أخرى بعد سقوط النظام. سُميت المدينة هذه المرة باسم "مدينة الصدر" تيمّناً بالمرجع الديني الشيعي محمد الصدر، والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. كان السبب في ارتباط اسم المدينة بالزعيم الشيعي الراحل دوره الرائد في الصحوة الإيمانية التي عاشتها المدينة في فترة التسعينيات من القرن الماضي.

مدينة الصدر كان أسمها مدينة صدام وكان بيها ثلاث فروع لحزب البعث العربي الاشتراكي في حين كل محافظات العراق بيهن فرع واحد...

Posted by ‎ألاخوه العراقية‎ on Thursday, November 26, 2020

كركوك

تقع محافظة كركوك في شمالي العراق، وتبلغ مساحتها ما يقرب من عشرة آلاف كيلو متر مربع. وتضم أربعة أقضية. تشتهر تلك المحافظة بكثرة الحقول النفطية الكبيرة الموجودة في أرضها. ويعيش فيها عدد كبير من السكان الموزعين بين العنصرين الكردي والعربي.

عُرفت تلك المحافظة قديماً باسم كركوك نسبةً إلى قضاء كركوك المعروف بذلك الاسم منذ فترة الحكم العثماني للعراق. في سبعينيات القرن العشرين تم تغيير اسم المحافظة ليصبح اسمها الجديد هو محافظة "التأميم". يمكن أن نفهم تغير اسم المحافظة في ضوء سببين رئيسين. السبب الأول هو قرار تأميم النفط في العراق في سنة 1972م. وهو القرار الذي أدى إلى تأميم الشركات الأجنبية العاملة في ميدان النفط العراق آنذاك. مما يعني أن اسم التأميم كان متفقاً مع المجريات الاقتصادية التي مرت بها تلك المحافظة في تلك الفترة. أما السبب الثاني فيتمثل في كون أراضي تلك المحافظة مُتنازع عليها بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان. وفي هذا السياق، حاول الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر أن يصبغ تلك المحافظة بالصبغة العربية. فنقل الكثير من سكانها الأكراد إلى السليمانية وأربيل في سنة 1977م. وأطلق اسم التأميم على المحافظة كاسم عربي من شأنه أن يقطع صلة المحافظة بماضيها وارثها الحضاري القديم، ولا سيما المرتبط باسمها الكردي الأول كركوك. احتفظت المحافظة باسم "التأميم" حتى سنة 2008م. وفي فبراير من هذه السنة، أقر مجلس النواب العراقي مشروع قانون تبديل اسم محافظة التأميم، إلى كركوك. الأمر الذي استحضر الإرث الكردي لتلك البقعة الجغرافية.

الديوانية

تقع محافظة الديوانية في منطقة الفرات الاوسط. يحدها من الشمال محافظتا بابل وواسط، ومن الشرق محافظتا ذي قار وواسط، ومن الجنوب محافظة المثنى، ومن الغرب محافظة النجف. وتزيد مساحتها عن ثمانية آلاف كيلومتر مربع.

كانت منطقة الديوانية تابعة للواء الحلة في بدايات النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ويقال إنها اشتقت اسمها من الديوان/ دار الضيافة الذي شيده أحد زعماء العشائر العربية. في سنة 1969م، وبموجب هيكلة التنظيم الإداري في العراق جرت تسمية منطقة الديوانية بمحافظة الديوانية، وصارت واحدة من المحافظات العراقية الستة عشر.

في سنة 1973م، قام حزب البعث الحاكم بتغيير اسم الديوانية إلى القادسية. كان صدور هذا القرار متزامناً مع رغبة البعث في إضفاء الصبغة العربية الخالصة على أسماء المدن العراقية. في السياق نفسه، أشار الاسم الجديد للمدينة لمعركة القادسية التي وقعت بين العرب والفرس في سنة 15ه. انتهت تلك المعركة بانتصار العرب. واُعتبرت أهم المعارك التي خاضها المسلمون على الجبهة الفارسية في حقبة الخلافة الراشدة. احتفظت المحافظة باسمها الجديد لما يزيد عن الأربعة عقود. وفي فبراير سنة 2018م، أقر مجلس النواب العراقي مشروع قانون تبديل اسم المحافظة إلى الديوانية مرة أخرى.

ذي قار

تقع محافظة ذي قار في جنوب العراق على بعد 370 كم جنوب العاصمة بغداد. وتعد رابع أكبر محافظة عراقية من حيث التعداد السكاني. فيما تصل مساحتها إلى ما يقرب من ثلاثة عشر ألف كيلومتر مربع.

عُرفت تلك المنطقة باسم لواء المنتفق في أواخر العصر العثماني. كان السبب في ذلك أنها -أي تلك المنطقة- كانت خاضعة لحكم إمارة المنتفق، وهي إمارة عشائرية فرضت نفوذها العسكري والسياسي على جنوب العراق في الفترة ما بين القرن السادس عشر والربع الأول من القرن العشرين الميلاديين. بعد سقوط الملكية وتأسيس الجمهورية، تم تغيير اسم المنطقة ليصبح الناصرية. نسبةً إلى مدينة الناصرية التي تقع في هذه المنطقة، والتي سُميت بهذا الاسم نسبةً لمؤسسها الأمير ناصر الأشكر باشا السعدون أمير قبائل إمارة المنتفق في سنة 1870م.

في سبعينيات القرن العشرين، وبالتزامن مع حملة تغيير أسماء المحافظات التي قادها حزب البعث، تم تغيير اسم المحافظة من الناصرية إلى ذي قار. ومن المعروف أن ذي قار هو اسم لواحدة من المعارك الشهيرة التي دارت رحاها بين العرب والفرس قُبيل البعثة النبوية. حقق العرب انتصاراً ساحقاً في تلك المعركة، فيما اُعتبر ارهاصاً مبكراً بحركة التوسعات العسكرية الإسلامية التي ستتم في القرن السابع الميلادي.

في الآونة الأخيرة، تعالت بعض الأصوات المطالبة بتغيير اسم المحافظة مرة أخرى اعتماداً على الماضي العريق لها. يرى البعض أن الشعوب العراقية المتحضرة القديمة مثل السومريين والأكاديين عاشت في تلك المنطقة. وبالتالي فإن تغيير اسم المحافظة ليصبح "أور" -وهو اسم إحدى المدن السومرية القديمة- سيصب في مصلحة تنشيط السياحة بالمحافظة، كما سيساعد في اشتهارها على المستوى العالمي.

بابل

تُعدّ محافظة بابل إحدى المحافظات الواقعة في وسط العراق جنوبي العاصمة بغداد. تغير اسم تلك المحافظة لأكثر من مرة عبر تاريخها. عُرفت في العصر العثماني باسم لواء الحلة نسبةً لمدينة الحلة التي بناها صدقة بن منصور أمير إمارة بني مزيد في سنة 1101م. في سبعينيات القرن العشرين، قام النظام البعثي بتغيير اسم المحافظة إلى بابل. ربما كان السبب الأهم في ذلك الارتباط التاريخي القائم بين مدينة الحلة والتشيع.

عُرفت المحافظة منذ ذلك الوقت بمسماها الجديد. كانت بابل قاعدة لإمبراطورية عراقية قوية قديماً. كما ضمت حدائق بابل المعلقة والتي تُعدّ من عجائب الدنيا السبع. ومن هنا كان اختيار اسم بابل مناسباً لطموحات القومية العراقية التي تمادت ووصلت للذروة في تلك الفترة التاريخية.

في سنة 2016م، وبالتزامن مع زيادة التوترات الطائفية المذهبية في العراق. قامت حملة لتغيير اسم المحافظة من بابل إلى "الإمام الحسن"، وهو الإمام الثاني في التقليد الشيعي الإمامي الإثني عشري. تزعمت العتبات المقدسة في كربلاء تلك الحملة. وذكر بعض رجال الدين وقتها إن "المطالبة بتغيير اسم محافظة بابل جاء بناء على دعوة كان قد وجهها المرجع الشيعي الأسبق السيد محسن الحكيم في زمانه بأن تسمى كل محافظة من محافظات العراق باسم أحد أئمة الشيعة، من أبناء وأحفاد الإمام علي بن أبي طالب". من جهتها ذكرت العتبة الحسينية في بيان لها إن "اختيار اسم الإمام الحسن لمدينة بابل جاء بناء على الكرم الذي عُرف به أبناء تلك المحافظة، واستقبالهم للملايين الزاحفة من مختلف أصقاع العالم لزيارة الإمام الحسين، باعتبار محافظة بابل البوابة الرئيسة باتجاه محافظة كربلاء".

على الجهة المقابلة، لاقت تلك الحملة رفضاً واسع النطاق من جانب العديد من المؤسسات والجهات السنية والعلمانية على حد سواء. على سبيل المثال، نظم ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة واسعة لمناهضة تغيير اسم محافظة بابل. واعتبروه اسماً تاريخياً يعبر عن ثقافة بلاد الرافدين القديمة. وأطلقوا هاشتاغاً موحداً بعنوان "#اسمي بابل". بعد جدل طويل بين الفريقين احتفظت محافظة بابل باسمها القديم.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

نيجيرفان بارزاني
نيجيرفان بارزاني (أرشيف)

يشارك كبار المسؤولين في حكومة إقليم كردستان العراق، الذين يتعاملون مع أزمة مالية حادة في الداخل، بمؤتمر المناخ "كوب28" التابع للأمم المتحدة، والمنعقد في دبي، على أمل الحصول على دعم دولي كافٍ لمكافحة تغير المناخ في منطقتهم، بسبب "الجفاف الشديد"، وفقا لما ذكر موقع "صوت أميركا" الإخباري.

وسافر رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، ورئيس الوزراء مسرور بارزاني، الخميس، إلى دبي للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28". 

وفي حديثه إلى إذاعة صوت أميركا، قال رئيس قسم تغير المناخ في مجلس البيئة الإقليمي الكردستاني، هفال أحمد، إن حكومته "ترغب في مناقشة خططها لمكافحة تغير المناخ"، موضحا أن "التكيف مع المناخ مهم للغاية بالنسبة لإقليم كردستان".

وفي أوائل الشهر الماضي، حذر العلماء في منظمة "المجموعة العالمية لنسب الطقس" (World Weather Attribution Group) من أن الجفاف الذي دام 3 سنوات في العراق، والذي ضرب أيضا مناطق بإيران وسوريا، أصبح أكثر "حدة" بسبب تغير المناخ وتفاقم ظروف الجفاف الطبيعي، مما ينذر بأوضاع إنسانية صعبة.

ووجد العلماء في دراستهم التي صدرت في 8 نوفمبر، أن حالات الجفاف الشديدة ستكون "أكثر شيوعا" في المستقبل بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.

وقالت فريدريك أوتو، عالمة المناخ في معهد غرانثام في الكلية الإمبراطورية في لندن، وأحد مؤلفي الدراسة: "إن هذا يلامس بالفعل حدود ما يستطيع بعض الناس التكيف معه".

وبالنسبة للمسؤولين في كردستان العراق، فإن التكيف مع التغيرات "سيتطلب موارد مادية تفوق طاقة الإقليم". 

ولم تتمكن الحكومة الكردية من دفع رواتب موظفيها منذ 3 أشهر، بسبب خلافاتها المالية مع الحكومة المركزية العراقية.

وفي يونيو، عقد نائب رئيس وزراء الإقليم، قباد طالباني، اجتماعاً مع 16 مبعوثاً قنصلياً ودبلوماسياً في إقليم كردستان، لطلب مساعدتهم "قبل فوات الأوان".

وتقول المنظمات البيئية المحلية إن ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات في هطول الأمطار، أدت إلى جفاف إمدادات المياه وزيادة الفيضانات القاتلة، وهي قضية تتحدى خطة الحكومة الكردية لتحويل تركيزها من الطاقة إلى الزراعة.

وقال معروف مجيد، رئيس منظمة أيندا (المستقبل) لحماية البيئة في إقليم كردستان، إن تهديدات التغير المناخي على بيئة الإقليم "خطيرة ويجب أن تؤخذ على محمل الجد".

وأضاف مجيد لإذاعة صوت أميركا خلال مكالمة هاتفية، أن "إقليم كردستان يبلغ عدد سكانه حوالي 6 ملايين نسمة، لكن هناك أكثر من 2,150,000 مركبة خاصة، ووسائل النقل العام سيئة للغاية"، في إشارة إلى تأثير مخلفات تلك الآليات على زيادة نسب التلوث.

وتابع: "حسب بياناتنا، فمن أصل 2.5 مليون فدان من أراضي الغابات، تم تدمير 50 بالمئة منها في السنوات القليلة الماضية".

العراق.. الجفاف يلتهم مهد الحضارات والعمل البيئي يأتي بثمن
بعد 10 سنوات قضاها في المملكة المتحدة عند فراره بسبب الحرب الأهلية في إقليم كردستان، عاد نبيل موسى إلى موطنه العراق ليبقى بالقرب من عائلته. لكن بعد عودته إلى موطنه السليمانية، وجد موسى مدينته مختلفة تماما عن تلك التي تركها قبل الغربة.

واعتبر مجيد أن انخفاض الموارد المائية هو الأكثر إثارة للقلق، مشيراً إلى عاصمة المنطقة أربيل، كمثال.

وزاد: "في معظم أنحاء أربيل، لم يعد الناس يجدون المياه الجوفية، حتى بعد حفر 700 متر تحت الأرض. ومما يثير القلق أيضًا، انخفاض منسوب المياه في نهري الزاب الصغير والزاب الكبير (رافدان لنهر دجلة)، ونهر سيروان، بسبب الجفاف أو احتجازها من قبل البلدان المجاورة"، على حد تعبيره.

ويلقي المسؤولون العراقيون باللوم في تضاؤل تدفق المياه من شمالي البلاد، على العديد من السدود التي بنتها تركيا وإيران. 

ويتدفق مصدرا المياه الرئيسيان في العراق (نهرا دجلة والفرات) من تركيا، مما يضع المياه في قلب العلاقات التركية مع العراق.