Christian clerics attend the funeral of people who died in a fire during a wedding ceremony in Hamdaniya, Iraq, Wednesday, Oct…
من تشييع ضحايا حريق العرس في بغديدا

تردّد اسم بلدة بغديدا في قضاء الحمدانية كثيراً في الأيام السابقة عقب اندلاع الحريق الكبير الذي أودى بحياة ما يزيد عن 110 شخصاً كانوا يشاركون في عرس تحوّل إلى مأتم. ماذا نعرف عن تلك البلدة؟ وكيف انتشرت فيها المسيحية؟ وما قصتها مع الأشوريين والعثمانيين؟

في العصور القديمة

تقع بلدة بغديدا/ قره قوش في محافظة نينوى شمالي العراق، على بعد 32 كيلومتر تقريباً جنوبي شرق مدينة الموصل و60 كيلومتراً غربي مدينة أربيل، على الضفة الشرقية لنهر دجلة.

يرجع تاريخ بغديدا إلى فترة زمنية موغلة في القدم. يذكر الكاتب عبد المسيح بهنام في كتابه "قره قوش في كفة التاريخ" أن الاستيطان الأول لبلدة بغديدا وقع في عصر الإمبراطورية الأشورية في الألف الأولى قبل الميلاد. في هذا السياق يرى العديد من الباحثين ان مدينة راسن التي ذُكرت في الحوليات الآشورية تقع في الموضع الذي توجد فيه بغديدا حالياً. يرى البعض أيضاً أن هناك عدداً من الحروب المهمة التي وقعت بالقرب من منطقة بغديدا في القرن السابع قبل الميلاد. دارت تلك الحروب بين البابليين والمصريين والأشوريين. وأسهمت بشكل كبير في إعادة رسم الخريطة السياسية لمنطقة الشرق الأدنى القديم.

يشهد التاريخ القديم لبغديدا على بعض الآثار الأشورية. ومنها على سبيل المثال ختم حجري اسطواني الشكل نُقشت على جوانبه صورة ملك آشوري يتعبّد للشمس. كما عُثر بالقرب من البلدة على الأثر المعروف ببوابات بلاوات، وهي عبارة عن ثلاث مجموعات من الأشرطة البرونزية المزخرفة التي كانت تزين الأبواب الرئيسية للعديد من المباني القديمة. يرجع تاريخ تلك البوابات إلى عهدي الملكين الأشوريين آشور ناصربال الثاني، وشلمنصر الثالث. من الجدير بالذكر أن الكثير من الآثار التي اُستخرجت من منطقة بغديدا وما حولها قد اُحتفظ بها في عدد من المتاحف العالمية، كالمتحف البريطاني ومتحف اللوفر.

التحول إلى المسيحية

دخلت المسيحية إلى بلدة بغديدا في فترة غير معروفة على وجه التحديد. من المُرجح أن البشائر الأولى للدين المسيحي قد وصلت لبغديدا في القرن الأول الميلادي. فيما بعد، تحول أهل البلدة في القرن الخامس الميلادي إلى اعتناق المذهب النسطوري. وهو المذهب الذي يُنسب إلى نسطوريوس الرافض لعقيدة مجمع أفسس المعقود سنة 431م. في القرن السابع الميلادي، تمكن الراهب ورجل الدين يوحنا الديلمي من تحويل أهل البلدة لاعتناق العقيدة الأرثوذكسية.

في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين، أصبحت بلدة بغديدا واحدة من أهم مراكز المسيحية السريانية في العراق. هاجر الكثير من المسيحيين إليها وعاشوا فيها. كما أضحت البلدة خلال تلك الفترة مقراً للبطريركية السريانية في شمال العراق.

بشكل عام، توجد العديد من الآثار المسيحية القديمة في أراضي بغديدا. على سبيل المثال توجد 7 من أقدم الكنائس في منطقة شمالي العراق. هذه الكنائس هي كنيسة الطاهرة القديمة، وكنيسة الطاهرة الكبرى، وكنيسة سركيس وباكوس، وكنيسة مار يعقوب المقطع، وكنيسة مار زينا، وكنيسة مار كوركيس، وكنيسة القديسة شموني. في السياق نفسه، تضم البلدة عدداً من الاديرة التاريخية المهمة. ومنها دير ناقورتايا، والذي يٌقال إنه: يحتوي على قبر يوحنا الديلمي. ودير مار قرياقوس، ودير مارت شموني.

في العصر الإسلامي

سيطر المسلمون على شمالي العراق في النصف الأول من القرن السابع الميلادي. ولم يتم اجبار أهل بغديدا على التحول إلى الإسلام. وبالتالي تمكن السكان من الاحتفاظ بهويتهم الدينية المسيحية لقرون متتابعة. يدل على ذلك ما كتبه الجغرافي المسلم الشهير ياقوت الحموي في القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي عندما تحدث عن بلدة بغديدا في كتابه الشهير "معجم البلدان" فقال واصفاً إياها: "باخديدا: بضم الخاء المعجمة، وفتح الدال، وياء ساكنة، ودال أخرى مقصور: قرية كبيرة كالمدينة من أعمال نينوى في شرقي مدينة الموصل، والغالب على أهلها النصرانية".

رغم ذلك، أثّر تغير السلطات السياسية الحاكمة لمنطقة الموصل في تغيير اسم البلدة في مرحلة لاحقة. حدث ذلك عندما سُميت البلدة بقرقوش أو قراقوش. وهي لفظة تركية تعني "الطير الأسود".

تحدث الكاتب بشير يوسف فرنسيس في كتابه "موسوعة المدن والمواقع في العراق" عن سبب تلك التسمية فقال إنه "من المُحتمل أن تلك التسمية أُطلقت على البلدة في القرن الخامس عشر الميلادي في زمن الدولة التركمانية الأقيونلية". وقيل إنها -أي تلك الكلمة- حُرفت عن الأصل الآرامي "باديتا" بمعنى بيت الحدآة. فلمّا كانت الحدأة طائر أسود اللون. فإن التركمان لمّا فرضوا سيطرتهم على البلدة استخدموا المعنى نفسه لوصف المدينة، ولكنهم لجأوا إلى الحرف التركي فسموها قره قوش.

من جهة أخرى، من المُرجح أن سكان بلدة بغديدا ارتبطوا بعلاقات وطيدة بالسلطنة العثمانية. مما يشهد على ذلك أن أهل تلك المدينة اختاروا أن يدافعوا عن بلدتهم ضد الجيش الفارسي الذي بعث به نادر شاه الإفشاري للسيطرة على منطقة الموصل في سنة 1743م. بحسب فرنسيس، حافظ أهل البلدة على ولائهم للعثمانيين ورفضوا تسليم البلدة للجيش الفارسي. وبعد فكّ الحصار المفروض على البلدة، قام والي الموصل حسين باشا الجليلي بإرسال ابنه محمد أمين باشا على رأس وفد إلى العاصمة استنبول "فأثنى السلطان العثماني محمود الأول على الخدمات التي أداها الوالي الجليلي وقادته، وأرسل إليه هدية خاصة تتألف من سيف مجوهر وروب عثماني...".

من الملامح المميزة لبلدة بغديدا في العصر العثماني أنها كانت واحدة من أهم محطات البريد في السلطنة العثمانية. يذكر ياسين بن خير الله الخطيب العمري في كتابه "منية الأدباء في تاريخ الموصل الحدباء" أن "قره قوش: كبيرة أهلها نصارى، فيها خيل البريد وهي مرحلة عن الموصل". كما يذكر الكاتب عطا الله بهنام في دراسته المسماة "بخديدا، محطة للبريد في العهد العثماني" أن بغديدا/ قره قوش كانت أولى المحطات البريدية التي ينقل البريد منها إلى بغداد، حيث كان ناقل البريد يتخذ الساحل الأيسر من نهر دجلة طريقاً سهلاً للبريد، لأنه يمر على السناجق التي تتبع ولاية الموصل، فضلاً عن كونه صالحاً للمسير أكثر من الجانب الأيمن، وتكون المحطات متقاربة ويتوفر فيه الماء طوال أيام السنة، حيث يسلك ناقل البريد طريق ديار بكر ومنها إلى استنبول.

في العصر الحديث

مثلها مثل باقي المدن التاريخية العريقة التي تعود جذورها إلى آلاف السنين، تمازجت الأصول العرقية لسكان بلدة بغديدا بسبب تعاقب الحضارات والثقافات المختلفة على تلك المنطقة الجغرافية. في هذا السياق يقول الأب بهنام سوني في دراسته المسماة "قومية ولغة سكان بغديدا" إن سكان بغديدا القديمة هم: "مزيج من قوميات عديدة لكونها جسراً مرت عليه عبر الأجيال شعوب عديدة".

يتحدث سكان بغديدا إحدى اللهجات المتفرعة من اللغة الآرامية القديمة. تُعرف تلك اللهجة بالآرامية السريانية السوادية (السورث) بحسب دراسة الأب سوني. تُعدّ تلك اللهجة مشتركة بين السريان الشرقيين والسريان الغربيين. وهي أقرب لهجة إلى الآرامية التي تكلم بها السيد المسيح. أيضاً، تتضمن لغة أهل بغديدا العديد من المفردات الأكادية والأشورية القديمة التي تم استخدامها في مناطق شمالي العراق منذ آلاف السنين. في السياق نفسه، اعتاد أهل بغديدا على دراسة اللغة السريانية القديمة في المدراس المنتشرة بالبلدة.

في سبعينات القرن العشرين، قام النظام البعثي بتغيير اسم بغديدا رسمياً باسم آخر وهو الحمدانية استناداً إلى أسرة بني حمدان الذين حكموا الموصل في القرن التاسع الميلادي. توافق ذلك التغيير مع سياسة النظام السابق التي استهدفت إبراز الهوية العربية. وتهميش باقي الهويات القومية والدينية في شتى أنحاء العراق. بحسب ذلك التغيير صارت بلدة بغديدا/ قره قوش مركزاً لقضاء الحمدانية، وهو أحد الأقضية الخمسة لمحافظة الموصل.

في السادس من أغسطس سنة 2014م، استولى تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش) على بلدة بغديدا. وتعرضت البلدة للنهب. مما اضطر معظم سكانها للهجرة خارج البلدة. في السياق نفسه، قامت عناصر داعش بتخريب العديد من الكنائس والأديرة الأثرية. في التاسع عشر من أكتوبر سنة 2016م، تم تحرير البلدة مرة أخرى ودخلت قوات الجيش العراقي إلى بغديدا عقب تطهيرها من عناصر داعش. تدريجياً، عادت بعض العائلات المسيحية إلى منازلها في بغديدا مرة أخرى. بينما فضل الكثيرون البقاء خارجها. في سنة 2021م، زار البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان بلدة بغديدا وذلك خلال جولته التاريخية في العراق.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

فقد تنظيم داعش مصدر تمويله الرئيسي، النفط، بعد خسارته لأراضيه في سوريا والعراق.
فقد تنظيم داعش مصدر تمويله الرئيسي، النفط، بعد خسارته لأراضيه في سوريا والعراق.

يبدو تنظيم داعش، عندما يتعلق الأمر بالتمويل والبحث عن مصادر دخل تنعش موارده المتدهورة، أشبه بكيان متمرس في عالم المافيا والجريمة المنظمة. الكثيرون، بمن فيهم أمراء كبار، انشقوا عنه حينما صدمتهم هذه الحقيقة. 

قيادة التنظيم نفسها تدرك جيدا أن تسليط الضوء على هذا الجانب من نشاطات التنظيم يقوض الصورة التي رسمها لنفسه أمام أتباعه وأنصاره. لذلك لم يتبنَّ يوما أي عملية قتل أو تخريب قام بها باسم جباية ما يسميها "الكلفة السلطانية" رغم أن جزءا من جهوده، لا سيما في شرق سوريا، مكرس لهذا النشاط الشنيع.

 

الكلفة السلطانية

 

منذ خسارة التنظيم للمساحات الشاسعة التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، وما نجم عن ذلك من فقدانه لما تدره عليه المعابر وحقول النفط من موارد مالية كبيرة، فَعّل التنظيم عددا من "الخطط الاقتصادية" البديلة كان من بينها جباية ما يسميها "الكلفة السلطانية".

تعد " الكلفة السلطانية" نشاطا مدرا للدخل إلى جانب نشاطات أخرى ضمن "اقتصاد الحرب" تضخ في خزينة التنظيم أموالا طائلة، مثل التهريب، والاختطاف، وتجارة الآثار، والسطو على البنوك ومحلات الصرافة، واستحواذه على احتياطات العملة الصعبة والذهب في المدن التي اجتاحها، ونهب ممتلكات الطوائف الأخرى وغيرها.

تزامنت ثورة مواقع التواصل الاجتماعي مع الصعود السريع لتنظيم داعش عام 2013.
"داعش".. خلافة رقمية يطوقها مارد الذكاء الاصطناعي
الشركات التكنولوجية الكبيرة شرعت منذ 2017 في الاعتماد كليا على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لرصد وحذف المواد التي تروج للتطرف العنيف على منصاتها، بينما اقتصر دورها في السابق على تكميل جهود فرق بشرية يقع على عاتقها عبء هذه العملية برمتها.

لعدة سنوات ظل التنظيم يجمع " الكلفة السلطانية" لاسيما في مناطق الشرق السوري، حيث تنتشر حقول النفط، والمساحات الزراعية، وممرات التهريب، والمتاجر ومحلات الصرافة. لكنه لم يكن يتحدث عن ذلك لا في إعلامه الرسمي ولا الرديف، بل وتحاشى الاشارة إليها حتى في مراسلاته الداخلية، لأنه يدرك أن جدلا محموما سينتج عن ذلك، وسيحتاج إلى فتاوى دينية وجهود دعائية كبيرة لإقناع أتباعه بـ"وجاهة" أفعاله، وقد خرج أعضاء سابقون في التنظيم ونشروا على قنواتهم الرقمية "أن إرغام المسلمين غصبا وبحد السيف على إعطاء جزء من حلالِهم لثلة من المفسدين في الأرض هو عمل عدواني لا يقوم به إلا أهل البغي وقطاع الطرق".

 

ضريبة على رعايا الخليفة!

 

ينبغي التفريق هنا بين ما ينهبه التنظيم ممن يعتبرهم "كفارا ومرتدين" والذي يسميه ب"الفيء" و"الغنيمة" وبين ما يجبيه باسم "الكلفة السلطانية". فالكلفة السلطانية هي ضريبة يؤديها "المسلمون ورعايا الخليفة" بالقوة والإكراه، أي أن المستهدفين بها هم في عرف التنظيم من المسلمين الذين "لا تحل أموالهم ودماؤهم" ولا تدخل "الكلفة السلطانية" أيضا ضمن الزكاة الواجبة التي تتم جبايتها قسرا من المسلمين من طرف أمنيي التنظيم.

وبعد انكشاف أمر عمليات السطو والنهب هذه لم يجد التنظيم بدا من الحديث عنها في مراسلاته الداخلية، وانتداب أحد شرعييه لصياغة فتوى لتسويغها من الناحية الدينية.

صاغ أبو المعتصم القرشي، وهو أحد كوادر "المكتب الشرعي" لـ"ولاية الشام" فتوى مطولة في 12 صفحة، وحشد فيها مجموعة من النصوص الدينية والقواعد الأصولية التي اعتبرها "أدلة شرعية" على جواز نهب أموال المسلمين بالقوة والإكراه!.

عَرّف القرشي الكلفة السلطانية بأنها " الأموال التي يطلبها الإمام من الناس لأجل مصلحة شرعية". ولعجزه عن إيجاد نصوص قطعية من الكتاب والسنة لتبرير هذه "البدعة الداعشية"، فقد لجأ إلى القواعد الأصولية من قبيل" يُتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام" و" درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، و" تفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما"، و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".

يعني هذا ببساطة أن مصلحة استمرار عمليات التنظيم والحفاظ على قوته ومقدراته مقدمة على مصالح الناس الأخرى، وأن تواصل عمليات التنظيم باعتبارها "جهادا مقدسا"  إذا لم يتم إلا بالسطو على أموال الناس فيجب السطو عليها.

أكد القرشي في نص فتواه جواز استخدام العنف والقوة لجباية الأموال، قائلا: "لا شك أن المال عصب الجهاد، والإعداد لا يكون إلا به، فتحصيله وتوفيره واجب على الإمام ولو بالقوة والإكراه"، ومن امتنع عن أداء "الكلف السلطانية جاز للإمام أو من ينوب عنه أن يعزره بشكل يكون رادعا له ولغيره حتى يؤدي ما عليه من الحقوق المالية في هذا الشأن".

أما الفئات الاجتماعية المستهدفة بهذه الضريبة، فقد قدم أبو المعتصم سردا طويلا بأصحاب المهن والمحلات التجارية والأطباء والصرافين والفلاحين والمدارس والكليات وتجار الدجاج والبيض وتجار المواشي والمستشفيات. ولم يترك أي نشاط مدر للدخل إلا وأشار إليه ضمن الذين فرض عليهم دفع "الكلف السلطانية"، ولم يستثن سوى أصحاب البسْطات على الأرصفة.

أخطر ما في الفتوى هو أن الممتنع عن أداء ما يطلبه التنظيم من أموال سيكون مصيره القتل والحكم عليه بالردة، و" طريقة استخدام القوة تتفاوت حسب المعاندة والممانعة بين التهديد، والإتلاف لبعض المال، أو التعزير، أو التغريم المالي وحتى الجسدي، ثم القتل إذا استعان الممتنع بشوكة الكفار والمرتدين على المجاهدين فعندها يُطبق عليه حكم الردة" حسب تعبير أبي المعتصم القرشي.

 

معاناة الناس في شرق سوريا

 

في شرق سوريا، يتم استخلاص هذه الضريبة بعد توجيه رسائل تهديد بأرقام دولية عبر تطبيق واتساب إلى المعنيين، وتخييرهم بين دفع "السلطانية" أو مواجهة خلايا الاغتيال، بعد تخريب ممتلكاتهم وتقويض مشاريعهم التجارية والاستثمارية.

وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد ارتفعت هذا العام نسبة تلك الضرائب إلى حد كبير جداً مقارنة بالسنوات الفائتة، حتى بلغت نحو 616 ألف دولار من تجار النفط والمستثمرين.

وحصل المرصد على إفادة من أحد العاملين في شركة مستثمرة في قطاع النفط في المنطقة الشرقية (دير الزور) تقول بأن الشركة رفضت دفع كامل المبلغ المطلوب منها تحت مسمى "الكلفة السلطانية"، والتي قدرها التنظيم بنصف مليون دولار أميركي، ودفعت بدلها 300 ألف دولار، لكن التنظيم هدد سائقي صهاريج المحروقات التي تعمل لصالح الشركة بالاستهداف إذا لم يتم دفع المبلغ كاملا في غضون أسابيع، ولم يعد لدى الشركة خيار آخر سوى تدبير ما تبقى من المبلغ.

مستثمر آخر في قطاع النفط توصل برسالة عبر تطبيق الواتساب من رقم دولي مفادها بأن عليه دفع "الكلفة السلطانية" البالغ قدرها 75 ألف دولار، وعدم إخبار أي جهة تابعة لقسد أو التحالف الدولي بذلك ووجهت له تهديدات في حال التبليغ أو عدم دفع المبلغ خلال أسبوع، وأن خلايا التنظيم ستقوم بزرع عبوة في سيارته أو حرق بئر النفط الذي يعود له.

ولفت المرصد إلى أن خلايا داعش في بادية ريف دير الزور الشرقي تفرض ضرائب تتراوح بين 1000 و3500 دولار، في مناطق ذيبان وحوايج ذيبان وجديد بكارة، على المستثمرين الذين يعملون على توريد المحروقات إلى "سادكوبى" التابعة للإدارة الذاتية في دير الزور.

يعمد التنظيم أيضا إلى حرق المحاصيل الزراعية التي تعود للفلاحين الذين رفضوا الرضوخ لابتزازه ودفع الأموال التي يطلبها منهم، ورمي القنابل اليدوية على منازل الأثرياء، وعيادات الأطباء، وقد هرب عدد من الأطباء من المنطقة الشرقية بعدما أثقل التنظيم كاهلهم بالضرائب و"المكوس"، ولا سيما وقد وضعهم في رأس قائمة أهدافه لأنهم -حسب اعتقاده- يجنون الأموال أكثر من غيرهم.