لافتة طبعت عليها صورة الشاب الراحل صفاء السراي، أبرز نشطاء التظاهرات، إلى جانب أشهر عباراته
لافتة طبعت عليها صورة الشاب الراحل صفاء السراي، أبرز نشطاء التظاهرات، إلى جانب أشهر عباراته

في خريف 2019 خرج آلاف العراقيين في مظاهرات حاشدة، تمركزت في المدن الجنوبية ووسط العاصمة بغداد، يطالبون فيها بمحاسبة الفاسدين ومحاربة البطالة، التي سرعان ما تحوّلت إلى تغيير النظام السياسي الذي يحكم العراق منذ 2003، بما في ذلك إنهاء المحاصصة وتعيين حكومة تكنوقراط، في ثورة معلنة على الأحزاب التقليدية، والتبعيّة لإيران.

هذه الاحتجاجات حملت شعار "نريد وطن" في تعبير بسيط عن صعوبة الحياة في بلد يملك الكثير من الثروات، التي لا تنعكس على الحياة العامة والخدمات ومستويات الفقر والبطالة. 

وعلى الرغم من تمسّك المتظاهرين والنشطاء بسلمية التظاهرات، إلا أنهم لاقوا ردوداً عنيفة من الأجهزة الأمنية منذ اليوم الأول (1 أكتوبر)، الأمر الذي استمر أسبوعاً راح ضحيته حوالي 100 من المشاركين، في ما اعتُبر الموجة الأولى من الاحتجاجات، التي تجددت في الـ25 من الشهر نفسه، واتخذت بعدها زخماً واسعاً ومشاركة شعبية، لم تقتصر على فئة الشباب.

وحتى إعلان حظر التجوّل بسبب انتشار فيروس كورونا (آذار 2020)، كان لا يزال هناك العشرات من المتظاهرين الذين أصرّوا على الاحتجاج رغم الهدوء الذي طغى على الساحات، خصوصاً بعد استهداف العديد من النشطاء واضطرار الحيّ منهم إلى الفرار من بغداد والبصرة وغيرها، باتجاه إقليم كردستان.

ومنذ الأيام الأولى، شكلت أسماء ووجوه عديدة رموزاً لهذه الاحتجاجات، سواء لمشاركتها أو مواقفها الإنسانية والمؤثرة أو لشجاعتها، أو دعمها المتواصل للتظاهرات، خصوصاً أن أغلبهم قُتل أو تعرض للاغتيال خارج ساحات التظاهر، نذكر منهم:

 

دنيا بائعة المناديل

بعد انتشار فيديو لدنيا، وهي بائعة مناديل ورقية من بغداد، توزع المناديل مجاناً على المتظاهرين الذين تعرضوا للغاز المسيل للدموع، أبدى آلاف العراقيين في مواقع التواصل تعاطفاً كبيراً معها، ذلك أنها رغم حالتها البسيطة ورغم الخطر المحيط بها، آثرت أن تخفف عن هؤلاء الشباب بكل ما تملك، وهو مصدر رزقها.

ولأنها لم تتكلم خلال الفيديو، ساد اعتقاد بأنها بكماء، فأطلق عليها لقب "خرساء العراق"، ليتضح لاحقاً بعد أن التقى معها متظاهرون آخرون وصوروها، أنها تستطيع الكلام.

 

صفاء السراي

صفاء السراي، أو "ابن ثنوة" وصاحب العبارة التي أصبحت بعد مقتله من أشهر ما تغنّى به مناصروا الاحتجاجات والمشاركون فيها "محد يحب العراق بكدي" أي "لا أحد يحب العراق مثلي"، كان الضمير المستتر للتغطية الصحافية من قلب ساحات الاحتجاج للعالم الخارجي، وسط التضييق على وسائل الإعلام وملاحقة كل من يكشف عمليات القمع التي تجري داخل العراق، خصوصاً ساحة التحرير وسط بغداد.

درس علم الحاسوب، وكان شاعراً وموهوباً بالرسم، عرفته التظاهرات والاحتجاجات منذ سنة 2011، مرة ضد سوء الخدمات وأخرى ضد النظام وثالثة ضد المليشيات وموالاة إيران، حتى أنه ذهب لإحدى التظاهرات وحيداً وبقي وحده لساعات، فقط ليعبر عن رأيه ومعارضته السياسية، وتعرض مرات للاعتقال.

قتل صفاء أو كما يسميه رفاقه "صفاوي"، في الموجة الثانية من الاحتجاجات، يوم 28 أكتوبر 2018، عن عُمر 26 عاماً. وعلى الرغم من موته المبكر بالنسبة لعُمر الاحتجاجات، إلا أن اسمه ظلّ وقوداً محفزاً للشباب الثائر على تردّي الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في بلده، وصارت كلماته وصوره شعارات ولافتات يراها العراقيون في كل مكان.

أمجد الدهامات

برصاص سلاح كاتم للصوت، يوم 6 نوفمبر 2019، غاب صوت الناشط المدني البارز في احتجاجات العمارة بمحافظة ميسان، أمجد الدهامات، بعد أن كان عائداً لمنزله وعائلته المكونة من زوجته وأبنائه الأربعة: ولدان وبنتان، وأمّه وأبيه.

ولد أمجد في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان جنوب شرق العراق، وعمل آخر سنوات حياته في التدريس، بعد أن كان منسقاً للمنظمات في مكتب محافظ ميسان، ومستشاراً لرئيس مجلس المحافظة لشؤون المنظمات.

قضى حياته العملية كلها بين الأدب وحقوق الإنسان والتدريب المدني في موضوعات عدة، أبرزها القيادة والتنمية البشرية وحقوق المرأة وحل النزاعات. كما كان عضواً في اتحادات داخل محافظة ميسان، مثل اتحاد الكتاب والموسيقيين وعدد من اللجان البيئية وحقوق الطفل والمياه والطوارئ وإزالة الألغام، وغيرها من المراكز الثقافية والمدنية الفاعلة داخل المحافظة.

وشارك أمجد في عدة فعاليات دولية وأممية داخل محافظة ميسان، تتعلق بمشاريع تنموية ونهضوية، وأخرى في مجال حقوق الإنسان ومتابعة شؤون النازحين، كان في بعضها مدرباً وبعضها الآخر مشاركاً ومنسقاً. 

وكتب أمجد في عدة وسائل إعلام محلية مقالات سياسية في معظمها، كان ينشرها على صفحته العامة أيضاً، آخرها في الأول من نوفمبر 2019، بعنوان "العراق: نظام رئاسي أم برلماني؟".

هذا التوسّع في نشاطه المدني داخل المحافظة، جعله معروفاً بين عشرات الشباب والنشطاء والحقوقيين والمؤسسات الدولية الفاعلة في ميسان، إذ ترك بصمة لدى الكثيرين، ومثل اغتياله صاعقة بالنسبة لهم.

حسين عادل وسارة طالب

نشط الزوجان حسين وسارة في التظاهرات التي شهدتها محافظة البصرة جنوب العراق. الرسام الكاريكاتيري حسين عادل شارك بقوة في التظاهرات بجانب زوجته التي انخرطت في المسيرات النسائية وفي جهود إسعاف المصابين.

تعرّض الزوجان لتهديدات بالقتل قبل عامٍ كامل من اغتيالهما فاضطرا للسفر إلى تركيا، لكنهما عادا بسبب ظروفهما المالية الصعبة.

وفي 2 أكتوبر 2019، وبعد عودتهما من إحدى التظاهرات، اقتحم مسلحون مجهولون منزلهما وقتلوهما رمياً بالرصاص، وكانت سارة حاملاً.

فور وقوع الجريمة نظّم عددٌ من النشاط المدنيين وقفات احتجاجية ضد اغتيال الزوجين أعربوا خلالها أن "سارة وحسين سيكونان مصدراً دائماً لإزعاج السُلطة".

 

زهراء علي سلمان

في مقابلة مع قناة محلية من بيت العزاء للقتيلة زهراء علي سلمان (19 عاماً)، قال والدها علي القصاب، إنها اختطفت قرب بيتهم، ودام اختطافها 8-10 ساعات قبل أن يُلقى بجثتها وتلفظ آخر نفس لها في المستشفى.

وقبل قتلها، تعرضت الطالبة زهراء للتعذيب من خلال الضرب بأدوات معدنية أدى لتكسير عظامها، بالإضافة للصعقات الكهربائية.

وكانت زهراء تشارك برفقة أبيها في التظاهرات، وأكد أنه تعرض للتهديد بسبب ذلك، لكن ما حدث معهم لم يكن متوقعاً أبداً بالنسبة له.

وزهراء هي الابنة الكبرى، لديها أخت وأخ أصغر منها، كانت تعيش معهم ووالديها، كما أنهم من أقلية الأكراد الفيليين التي تسكن بغداد.

إيهاب الوزني

عمل رئيساً للجنة التنسيقية للاحتجاجات في كربلاء، اغتاله مجهولون قُرب منزله في مايو 2021 مستهدفاً بمسدسات كاتمة للصوت.

أسفرت هذه العملية عن اندلاع تظاهرات احتجاجية عديدة في كربلاء والديوانية والناصرية كما تجمهر المحتجون أمام القنصلية الإيرانية في كربلاء، وأحرقوا أمامها إطارات وبعض الأكشاك الخشبية المنصوبة قرب المبنى.

قبل عامين من مقتله، نجا الوزني من عملية اغتيال مماثلة في ديسمبر 2019، حين أطلق مسلحون يمتطون درّاجات نارية الرصاص عليه لكنهم أخطأوه وقتلوا صديقه الناشط السياسي فاهم الطائي.

يأتي هذا التردّي الأمني رغم الإعلانات الحكومية المتكررة بالتعهد بالتوصل إلى القتلة ومحاسبتهم جنائياً، وهي الحالة التي انتقدها الوزني في خطابٍ وجّهه لرئيس الوزراء عبر صفحته قائلا "هل تعلم أنهم يخطفون ويقتلون أم أنك تعيش في بلد آخر غيرنا؟".

ريهام يعقوب

على الرغم من عدم حضورها اللافت في تظاهرات 2019، إلا أن صيت طالبة الدكتوراة والمدربة الرياضية صاحبة النادي الرياضي "Dr Fit" في البصرة، جعل منها أيقونة نسائية للاحتجاجات، بعد اغتيالها.

وكانت ريهام شاركت في احتجاجات عام 2018، ولاحقاً عرفت بنشاطها الصحي التوعوي الموجه لنساء البصرة، وقيادتها مجموعات ضمت عشرات النساء للمشي في شوارع المدينة، من أجل نشر ثقافة المشي والرياضة، التي لا تتعارض مع العادات والتقاليد الاجتماعية المحافِظة كما كانت تؤكد في مقابلاتها الإعلامية.

اغتيلت رهام (30 عاماً)،  في 19 أغسطس 2020،  برصاص مجهولين أثناء تواجدها في سيارتها. يقول أحد أفراد عائلتها لـ"ارفع صوتك": "كانت عائدة من الجيم (النادي الرياضي الذي تُديره) برفقة أختها وصديقتها، خارجة من شارع الجزائر باتجاه حيّ الرضا لإيصال صديقتها، أختها أصيبت في يدها بزجاج السيارة المتكسر، بينما أصابت رصاصة يد الدكتورة معها".

ثائر الطيب

في ديسمبر 2019 استُهدف المحامي والناشط الحقوقي بعبوة ناسفة قتلته بعد خروجه من ساحة التحرير في بغداد.

أسفر الحادث عن موجة غضب بين المتظاهرين دفعتهم لقطع الطرق الرئيسية والهجوم على مقرات لفصائل "عصائب أهل الحق" و"بدر" ومقر تيار الحكمة الشيعي.

هذه المرة كانت العاقبة مختلفة إذ نجحت قوات الأمن في تحديد قاتل ثائر، لم تصفح وزارة الداخلية عن هوية المجرم مكتفية بأول حرفين من اسمه (ك. ك)، إلا أن وسائل إعلام محلية أكدت أن اسمه هو كفاح الكريطي وكان يحمل لقب "أبو درع الديوانية"، الذي عمل قيادياً سابقاً في جماعة "سرايا السلام".

من جانبها، تبرأت الميليشيا الشيعية من "أبو درع" وأكدت عدم انتسابه له. وتم تقديمه للمحاكمة واعترف أمامها بتورطه في تنفيذ سلسلة اغتيالات لنشاطي تشرين فأصدرت حكمها عليه بالإعدام.

والد علي جاسب

في 8 أكتوبر 2019، اختطف المحامي علي جاسب (29 عاما)، في اليوم الثاني لمولد ابنه مرتضى، من مكان قرب جامع الراوي وسط مدينة العمارة في محافظة ميسان.

ومنذ ذلك الحين حتى العاشر من مارس 2021، واظب والده أحمد الهيلجي،  على المشاركة في كل تظاهرة واعتصام ودعم لأهالي المغيبين وقتلى التظاهرات، ليلقى حتفه في النهاية برصاص مجهولين، ما اعتبره النشطاء ومتابعو قضية ابنه المختطف اغتيالاً بسبب عدم استسلامه في المطالبة بمعرفة مصير ابنه.

ولغاية نشر هذا التقرير، بقي مصير المحامي الشاب مجهولاً، فلا دليل يؤكد مقتله ولا آخر يخبر أنه ما زال على قيد الحياة.

وفي مقابلة سابقة مع "ارفع صوتك"، قال والد علي، إن سبب خطف ابنه "مشاركته في التظاهرات في بداية أكتوبر الماضي، ثم تطوّعه مع مجموعة من المحامين للدفاع عن المعتقلين من المتظاهرين لدى السلطات العراقية، ونشره في صفحته على فيسبوك حول هذا الموضوع".

والدة مهند القيسي

الصوت الجريء والمطالب بحق ابنها ومحاكمة قاتليه، جعل من والدة الشاب مهند القيسي أيقونة عراقية للاحتجاجات، خصوصاً بعد استمرارها بالاعتصام والتعبير عن رأيها في مقابلات وفيديوهات رغم الحملات التحريضية ضدها في مواقع التواصل، خصوصاً من أتباع التيار الصدري وموالي زعيمه مقتدى الصدر.

وقتل مهند يوم 6 فبراير 2020 في الهجوم المسلح على خيم الاعتصام في النجف. وظهر قبل مقتله في مقابلة مصورة قال فيها: "دم الشهداء هو فقط ما يمثلنا.. مطالبنا واضحة تغيير النظام بصورة جذرية لأن النظام كلّه فاسد".

وكان آخر رسائله عبر "Stories" الإنستاغرام "أنا رايح الساحة ابرولي الذم"، في إشارة إلى أنه قد يتعرض للقتل.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.