لم تشهد الدورة الحالية لمجلس النواب العراقي حتى الآن، سوى عدد محدود من الاستضافات كاستضافة وزيري الداخلية والاتصالات، وهذا يعتبر قليلاً مقارنة بالدورات الأربع الماضية للبرلمان، التي شهدت الكثير من الاستضافات للوزراء.
يقول المحلل السياسي كتاب الميزان، لـ"ارفع صوتك"، إن "الدور الرقابي لمجلس النواب غائب لأسباب عديدة، منها أن عددا من أعضائه اتخذ منحى آخر ونسي دوره الرقابي، مثل تعقيب المعاملات وابتزاز الحكومات والسير بحسب نظام المحاصصة في الأماكن التنفيذية، إضافة إلى الخلافات السياسية داخل مجلس النواب والمجاملات السياسية بين الكتل والأحزاب".
ويرى أن "انعدام" الدور الرقابي للمجلس، "أثر بشكل كبير على المؤسسات التنفيذية وطريقة عملها ويسهم في انتشار الفساد بشكل أكبر".
يضيف الميزان: "هناك الكثير من القوانين المعطلة التي لها أولوية وتنعكس على الشارع العراقي مثل العفو العام، وقانون النفط والغاز. والضعف لا يشمل الدور الرقابي فقط، فحتى الدور التشريعي ضعيف، إذ تنتظر العديد من مشاريع القوانين تشريعها، اما أثر لذي إسلبا على الأداء الحكومي.
وكان رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، دعا خلال ترأسه اجتماعا موسعاً مع رؤساء الكتل النيابية في يوليو الماضي، إلى "ضرورة تعزيز الدور الرقابي للمجلس ولجانه النيابية".
لكن المجلس لم ينجح في استضافة العديد من المسؤولين حتى الآن، ويرفض النواب الإدلاء بأي تصريحات عن هذا الموضوع، إذ حاول "ارفع صوتك" عبر التواصل مع عدد من النواب الحصول على معلومات حول أسباب ضعف الدور الرقابي للمجلس، بينهم نائبان في لجنة النزاهة، لكن دون جدوى.
الاستضافة: توجيه دعوة عبر رئاسة البرلمان إلى مسؤول تنفيذي لغرض استجوابه بشأن قضية معينة، أو طرح مجموعة من الأسئلة عليه، ليجيب بدوره في جلسة من جلسات البرلمان. ويتم تقييمه على أثرها، وأحياناً قد يؤدي ذلك لإقالته.
وبحسب معلومات حصل عليها "ارفع صوتك"، تحول "المجاملات والصفقات السياسية ما بين الكتل والأحزاب دون تنفيذ البرلمان لدوره الرقابي، بينما تستغل كتل سياسية تأخير تشريع العديد من القوانين لمكاسب خاصة وللضغط على الكتل والأطراف الأخرى لإرضاخها".
من جانبه، يؤكد الخبير في القانون الدستوري، وائل البياتي، أن هناك عدة عوامل تقف خلف غياب الدور الرقابي لمجلس النواب، منها "التركيبة الخاصة بالمجلس الحالي، حيث لا توجد معارضة فاعلة بواقع عدد كاف من النواب يستطيع أن يمارس الأدوار الرقابية من خلال توجيه الأسئلة والاستجوابات".
ويقول لـ"ارفع صوتك"، إن الدعوة إلى إجراء انتخابات مجالس المحافظات، "أحد الأسباب التي أدت إلى انشغال العديد من الكتل السياسية وأعضائها بالحملات الانتخابية ومن سيمثلها في هذه الانتخابات".
"من العوامل أيضاً، غياب الكتلة الصدرية والخوف من إثارة ملفات الرقابة فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية وإخفاء بعض مفاصلها لممارسة مهامها، ما قد يؤدي لقيام التيار الصدري باستكمال هذه المهمة، ما يُعتبر إخفاقا في الجانب السياسي باعتبار الحكومة لم تحقق المطلوب منها"، يتابع البياتي.
ويلفت إلى تدول معلومات حول حسم الإخفاقات التي تظهر في الجانب التنفيذي خارج مجلس النواب، عبر "تسويات سياسية وعدم الاعتماد على استخدام الأساليب الرقابية التي قد تؤدي إلى سحب الثقة عن الوزير أو صاحب السلطة التنفيذية الذي يخفق في أعماله، حتى لا يعد هذا من قبيل المنكفات بين أعضاء الحكومة والأحزاب المشكلة للحكومة" على حد قوله.
ما نتيجة هذا الغياب للدور الرقابي للبرلمان؟ يقول البياتي، إنه ذلك سيؤدي لـ"تلكؤ السلطة التنفيذية وعدم أدائها مهامها بشكل سليم، ما ينعكس بشكل واضح وسريع على الخدمات التي تقدمها للمواطنين، على الرغم من الوفرة المالية".
ويحذر من أن الفشل في تقديم الخدمات "سينعكس على المواطن العادي، ويزداد شعوره بالإحباط من التجربة الديمقراطية الحالية وجدوى المشاركة في العملية السياسية، وقد تتطور الأمور لضغط شعبي عارم كبير عليها في المرحلة القادمة".