مجلس النواب العراقي- جديدة
آخر انتخابات لمجالس المحافظات أجريت قبل نحو عقد- أرشيفية لمجلس النواب العراقي

لم تشهد الدورة الحالية لمجلس النواب العراقي حتى الآن، سوى عدد محدود من الاستضافات كاستضافة وزيري الداخلية والاتصالات، وهذا يعتبر قليلاً مقارنة بالدورات الأربع الماضية للبرلمان، التي شهدت الكثير من الاستضافات للوزراء.

يقول المحلل السياسي كتاب الميزان، لـ"ارفع صوتك"، إن "الدور الرقابي لمجلس النواب غائب لأسباب عديدة، منها أن عددا من أعضائه اتخذ منحى آخر ونسي دوره الرقابي، مثل تعقيب المعاملات وابتزاز الحكومات والسير بحسب نظام المحاصصة في الأماكن التنفيذية، إضافة إلى الخلافات السياسية داخل مجلس النواب والمجاملات السياسية بين الكتل والأحزاب".

ويرى أن "انعدام" الدور الرقابي للمجلس، "أثر بشكل كبير على المؤسسات التنفيذية وطريقة عملها ويسهم في انتشار الفساد بشكل أكبر".

يضيف الميزان: "هناك الكثير من القوانين المعطلة التي لها أولوية وتنعكس على الشارع العراقي مثل العفو العام، وقانون النفط والغاز. والضعف لا يشمل الدور الرقابي فقط، فحتى الدور التشريعي ضعيف، إذ تنتظر العديد من مشاريع القوانين تشريعها، اما أثر لذي إسلبا على الأداء الحكومي.

وكان رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، دعا خلال ترأسه اجتماعا موسعاً مع رؤساء الكتل النيابية في يوليو الماضي، إلى "ضرورة تعزيز الدور الرقابي للمجلس ولجانه النيابية".

لكن المجلس لم ينجح في استضافة العديد من المسؤولين حتى الآن، ويرفض النواب الإدلاء بأي تصريحات عن هذا الموضوع، إذ حاول "ارفع صوتك" عبر التواصل مع عدد من النواب الحصول على معلومات حول أسباب ضعف الدور الرقابي للمجلس، بينهم نائبان في لجنة النزاهة، لكن دون جدوى.

الاستضافة: توجيه دعوة عبر رئاسة البرلمان إلى مسؤول تنفيذي لغرض استجوابه بشأن قضية معينة، أو طرح مجموعة من الأسئلة عليه، ليجيب بدوره في جلسة من جلسات البرلمان. ويتم تقييمه على أثرها، وأحياناً قد يؤدي ذلك لإقالته. 

 

وبحسب معلومات حصل عليها "ارفع صوتك"، تحول "المجاملات والصفقات السياسية ما بين الكتل والأحزاب دون تنفيذ البرلمان لدوره الرقابي، بينما تستغل كتل سياسية تأخير تشريع العديد من القوانين لمكاسب خاصة وللضغط على الكتل والأطراف الأخرى لإرضاخها".

من جانبه، يؤكد الخبير في القانون الدستوري، وائل البياتي، أن هناك عدة عوامل تقف خلف غياب الدور الرقابي لمجلس النواب، منها "التركيبة الخاصة بالمجلس الحالي، حيث لا توجد معارضة فاعلة بواقع عدد كاف من النواب يستطيع أن يمارس الأدوار الرقابية من خلال توجيه الأسئلة والاستجوابات".

ويقول لـ"ارفع صوتك"، إن الدعوة إلى إجراء انتخابات مجالس المحافظات، "أحد الأسباب التي أدت إلى انشغال العديد من الكتل السياسية وأعضائها بالحملات الانتخابية ومن سيمثلها في هذه الانتخابات".

"من العوامل أيضاً، غياب الكتلة الصدرية والخوف من إثارة ملفات الرقابة فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية وإخفاء بعض مفاصلها لممارسة مهامها، ما قد يؤدي لقيام التيار الصدري باستكمال هذه المهمة، ما يُعتبر إخفاقا في الجانب السياسي باعتبار الحكومة لم تحقق المطلوب منها"، يتابع البياتي.

ويلفت إلى تدول معلومات حول حسم الإخفاقات التي تظهر في الجانب التنفيذي خارج مجلس النواب، عبر "تسويات سياسية وعدم الاعتماد على استخدام الأساليب الرقابية التي قد تؤدي إلى سحب الثقة عن الوزير أو صاحب السلطة التنفيذية الذي يخفق في أعماله، حتى لا يعد هذا من قبيل المنكفات بين أعضاء الحكومة والأحزاب المشكلة للحكومة" على حد قوله.

ما نتيجة هذا الغياب للدور الرقابي للبرلمان؟ يقول البياتي، إنه ذلك سيؤدي لـ"تلكؤ السلطة التنفيذية وعدم أدائها مهامها بشكل سليم، ما ينعكس بشكل واضح وسريع على الخدمات التي تقدمها للمواطنين، على الرغم من الوفرة المالية".

ويحذر من أن الفشل في تقديم الخدمات "سينعكس على المواطن العادي، ويزداد شعوره بالإحباط من التجربة الديمقراطية الحالية وجدوى المشاركة في العملية السياسية، وقد تتطور الأمور لضغط شعبي عارم كبير عليها في المرحلة القادمة".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.