FILE - In this Jan. 13, 2020 file photo, U.S. Soldiers stand at a site of Iranian bombing at Ain al-Asad air base in Anbar,…
جنود أميركيون يقفون بمحاذاة قاعدة عين الأسد في الأنبار- من الأرشيف

ألقت الأحداث في غزة بظلالها على التطورات الأمنية والسياسية في العراق خلال الشهر الماضي، لتشكل عودة استهداف القواعد الأميركية وقوات التحالف الحدث الأبرز بعد هدنة غير معلنة أعقبت تشكيل الحكومة العراقية قبل أكثر من عام.

وعلى الصعيد الرسمي وفي السابع من أكتوبر، اعتبرت الحكومة العراقية، في بيان، أن العملية العسكرية لحركة حماس في مستوطنات إسرائيلية، "نتيجة طبيعية للقمع الممنهج" تجاه الفلسطينيين.

ونقل البيان عن المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي قوله، إن العراق يؤكد "وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني في تحقيق تطلعاته ونيل كامل حقوقه المشروعة، وأن الظلم واغتصاب هذه الحقوق لا يمكن أن ينتج سلاماً مستداماً".

وقال رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني،  إن سكان غزة "واجهوا سجناً كبيراً طيلة عقود أمام مرأى ومسمع العالم الصامت الذي لم يحرك ساكنا على الرغم من المواثيق الدولية. كما فشل المجتمع الدولي في الإيفاء بواجباته والتزاماته تجاه أهالي غزة".

وطالب في أكثر من مناسبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، والعمل على فتح الممرات الإنسانية وإرسال المساعدات للأهالي وجمع التبرعات لإغاثة الفلسطينيين.

القوات الأميركية وحلفاؤها في سوريا والعراق تعرضت لنحو 14 هجوما منذ 17 أكتوبر - صورة أرشيفية.
تحذيرات و"نوايا خبيثة".. أبعاد تصاعد الهجمات ضد القوات الأميركية بالعراق
منذ السابع عشر من أكتوبر الماضي لم تهدأ هجمات الميليشيات المدعومة من إيران ضد مناطق انتشار القوات الأميركية، سواء في القواعد الموجودة بالعراق أو في شمال وشرق سوريا، وتشير سلسلة تحذيرات وتقارير لوسائل إعلام عربية إلى أن المنحى التصاعدي "يهدد بحدوث مواجهة بين واشنطن وطهران".

قلق أميركي

منذ السابع من أكتوبر أصبح العراق ضمن الدول المحورية التي تقلق الولايات المتحدة من تداعيات الحرب على غزة فيها، لوجود قواعد لها في العراق تستضيف 2500 جندي أميركي، فيما يتمركز نحو 900 آخرين في سوريا التي تقع ضمن مرمى الفصائل العراقية المسلحة.

وتوجد القوات الأميركية في ثلاثة مواقع رئيسة: قاعدة "عين الأسد" في محافظة الأنبار، وقاعدة "حرير" في إقليم كردستان، ومعسكر "فيكتوريا" المجاور لمطار بغداد.

وتتمركز قوة صغيرة مكلفة بالحماية في سفارة الولايات المتحدة وسط العاصمة بغداد.

وكانت الفصائل المسلحة في العراق وامتداداتها في سوريا تستهدف مواقع القوات الأميركية وقوات التحالف بالطائرات المسيرة وصواريخ الكاتيوشا بصورة منهجية، تصاعدت بعد غارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي أدت إلى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس مطلع يناير 2020.

ومنذ تشكيل الإطار التنسيقي للحكومة الحالية برئاسة السوداني، توقف استهداف تلك القواعد في ظل اتفاق بين القوى السياسية على توفير الاستقرار اللازم لإنجاح الحكومة.

وفي العاشر من أكتوبر الماضي، أي بعد ثلاثة أيام من هجوم حماس، هددت "كتائب حزب الله" الفصيل الأكثر قوة في العراق، باستهداف القواعد الأميركية داخل البلد وخارجه، في حالة تدخلها في الحرب بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.

لاحقاً، أكدت "كتائب سيد الشهداء" جاهزيتها للمشاركة في الحرب ضد إسرائيل، مهددة بأن أي تدخل أميريي في الحرب ستكون نتيجته استهداف للقواعد والمصالح الأميركية في العراق والمنطقة.

وفي الأول من نوفمبر الجاري، وجه أكرم الكعبي، زعيم "حركة حزب الله النجباء" المدعومة من إيران، تهديداً مباشراً للقوات الأميركية، عندما قال "المقاومة الإسلامية العراقية قررت تحرير العراق عسكرياً وحسم الأمر، والقادم أعظم".

Iraqi Prime Minister Mohammed Shia al-Sudani meets with U.S. Secretary of State Antony Blinken, in Baghdad
علاقات إستراتيجية على المحك.. هل ينجح العراق في التوازن بين أميركا وإيران؟
نجحت الحكومة العراقية بشكل لافت في بناء علاقات خارجية مستقرة بفضل ميلها إلى خلق توازن في العلاقات مع الولايات المتحدة من جهة ودول الخليج وإيران من جهة أخرى. لكن، مع الاضطرابات التي تشهدها المنطقة يعتقد مختصون أن بغداد ستواجه صعوبة في الحفاظ على هذا النهج.

انتهاء الهدنة

ما إن وصلت أخبار قصف مستشفى "المعمداني" في غزة (17 أكتوبر الماضي)، حتى عاد القصف ضد مقرات القوات الأميركية وقوات التحالف في العراق، وأعلنت مجموعة أطلقت على نفسها اسم "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن الاستهداف.

تمثل هذه المجموعة بحسب معهد واشنطن للدراسات، "مجموعة من الفصائل المسلحة تنفذ عمليات وطنية وأخرى عابرة للحدود، ما يسمح لمليشيات المقاومة العراقية بشن هجمات ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا تحت مظلة واحدة دون تحمل أي منها المسؤولية بشكل مباشر".

ووصل عدد الهجمات ضد القوات الأميركية في الفترة بين (17-24) أكتوبر، 23 استهدافاً موزعاً إلى 14 هجوماً في العراق وتسع هجمات في سوريا باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ، وفق وزارة الدفاع الأميركية التي صرّحت بأنه تم إحباط معظم تلك الهجمات.

وأعلنت القيادة المركزية الأميركية عن إصابة أكثر من 20 عسكرياً أميركياً في هجمات متكررة على قواعدهم في الشرق الأوسط، ولكن لم ترد القوات الأميركية على تلك الهجمات.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، إن الولايات المتحدة "سترد في الوقت الذي نختاره وبالطريقة التي نختارها".

على الرغم من موقف السوداني المؤيد للقضية الفلسطينية، إلا أن الحكومة العراقية أعلنت رفضها لـ"الهجمات التي تستهدف القواعد العراقية وتضم مقرات مستشاري التحالف الدولي المتواجدين في العراق".

وقالت في بيان، إن السوداني وجّه الأجهزة الأمنية كافة للقيام بواجباتها وتنفيذ القانون وتعقب وتتبع العناصر المنفذة لتلك الهجمات، ما أدى إلى توجيه نقد حاد ضده، عبر بيان غاضب لحركة النجباء (فصيل مسلح منشق عن عصائب أهل الحق ومقرب من إيران).

واتهمت الحركة الحكومة، بـ"تبرير وشرعنة وجود الاحتلال إعلامياً، وإبراز صورة تخالف الواقع المرير، وعدم وجود الجدية في إخراج القوات المحتلة، وإنهاء وجودهم بالعراق كما تعهدت الحكومة بذلك قبل تشكيلها".

 

موقف التيار الصدري

تعددت مواقف التيار الصدري خلال شهر من أحداث غزة، ففي الأسبوع الأول دعا زعيم التيار، مقتدى الصدر، أتباعه من جميع المحافظات إلى الخروج بتظاهرة مليونية في ساحة التحرير وسط بغداد في أول جمعة بعد أحداث السابع من أكتوبر.

تلتها دعوة في خطاب متلفز للشعوب العربية والإسلامية، إلى القيام باعتصام على الحدود مع إسرائيل "من جانب مصر وسوريا ولبنان والأردن من دون أي سلاح، غير الأكفان، احتجاجاً على ما يجري في قطاع غزة ومناصرة الشعب الفلسطيني"، بحسب تعبير الصدر.

وطالب أتباعه بـ"البقاء لحين فك الحصار، وإيصال بعض المعونات الطبية والغذائية شمال غزة وجنوبها".

نتيجة لتلك الدعوة، لبّى أتباع التيار النداء وتوجه المئات منهم إلى الحدود العراقية الأردنية، ونصبوا الخيام عند "معبر طريبيل"، ما أدى إلى قلق الحكومة الأردنية، خصوصاً بعد منع صهاريج النفط من عبور الحدود إلى الأردن.

وبالتزامن مع إعلان الحكومة العراقية عن زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، دعا الصدر من جديد للتوجه "فوراً" إلى ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية والتنديد بتلك الزيارة.

كما طالب الصدر بغلق سفارة الولايات المتحدة الأميركية في العراق "نصرة للفلسطينيين". جاء ذلك في منشور على صفحة الصدر في موقع إكس، مؤكداً في الوقت نفسه أنه في حالة التصويت على القرار فمن الضرورة "حماية أفرادها الدبلوماسيين، وعدم التعرض لهم من قبل الميليشيات الوقحة، التي تريد النيل من أمن العراق وسلامته"، على حدّ قوله.

وهدد "إن لم تستجب الحكومة والبرلمان، فلنا موقف آخر سنعلنه لاحقاً".

استجابة لدعوة الصدر، أعلن عضو مجلس النواب العراقي برهان المعموري عن الشروع بحملة لجمع التواقيع من أجل التصويت على غلق السفارة الأميركية، ونجح في جمع تواقيع 32 برلمانياً من أصل 329.

هذا الأمر قوبل بمعارضه القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، الذي صرّح للصحافة المحلية، بأن "الإطار التنسيقي لديه تحفظات وتقاطعات مع الولايات المتحدة الأميركية كقوات احتلال عسكرية، وليس ضد أي بعثة دبلوماسية سواء كانت أميركية أو غيرها من كافة دول العالم الأوروبي والعربي وغيرها، خصوصاً أن العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها مطلوبة مع كل دول العالم".

"منظمة بدر"

لفت موقف زعيم منظمة "بدر"، هادي العامري، الانتباه خلال الشهر الماضي، عندما حذر عقب السابع من أكتوبر قائلا: "إذا تدخل الأميركيون في المعركة مع حماس، فسوف نهاجم جميع الأهداف الأميركية".

وتأسست منظمة "بدر" في ثمانينيات القرن الماضي في إيران، وتركز نشاطها في أعقاب الحرب على الإرهاب في المقام الأول على الأنشطة السياسية والاقتصادية، ولعبت دورا مهما بالإضافة إلى "عصائب أهل الحق" و"دولة القانون" في تشكيل حكومة الإطار التنسيقي التي تقود العراق منذ أكثر من عام شهد هدنة غير معلنة بين الفصائل المسلحة والقوات الأميريكية في العراق.

وصعّد العامري من خطابه أواخر أكتوبر حين أصدر بيانا قال فيه: "حان الوقت لخروج قوات التحالف الدولي من العراق".

وطالب الحكومة العراقية بـ "تحديد جدول زمني جدي ومحدد وقصير الأمد لخروج هذه القوات". مردفاً "ما دامت قوات التحالف الدولي موجودة، فلا يتوقع أحد بناء القدرات العسكرية للجيش العراقي وباقي المؤسسات الأمنية الأخرى".

وأشار العامري في البيان، إلى أنه "بعد فترة زمنية من الهدوء، عاد استهداف تواجد القوات الأميركية في قاعدتي عين الأسد وحرير من قبل فصائل المقاومة الإسلامية في العراق"، معتبراً أنها "ردة فعل طبيعية تجاه انحياز أميركا وبعض الدول الأوروبية إلى جانب الكيان الصهيوني الغاصب"، على حدّ تعبيره.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

نيجيرفان بارزاني
نيجيرفان بارزاني (أرشيف)

يشارك كبار المسؤولين في حكومة إقليم كردستان العراق، الذين يتعاملون مع أزمة مالية حادة في الداخل، بمؤتمر المناخ "كوب28" التابع للأمم المتحدة، والمنعقد في دبي، على أمل الحصول على دعم دولي كافٍ لمكافحة تغير المناخ في منطقتهم، بسبب "الجفاف الشديد"، وفقا لما ذكر موقع "صوت أميركا" الإخباري.

وسافر رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، ورئيس الوزراء مسرور بارزاني، الخميس، إلى دبي للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28". 

وفي حديثه إلى إذاعة صوت أميركا، قال رئيس قسم تغير المناخ في مجلس البيئة الإقليمي الكردستاني، هفال أحمد، إن حكومته "ترغب في مناقشة خططها لمكافحة تغير المناخ"، موضحا أن "التكيف مع المناخ مهم للغاية بالنسبة لإقليم كردستان".

وفي أوائل الشهر الماضي، حذر العلماء في منظمة "المجموعة العالمية لنسب الطقس" (World Weather Attribution Group) من أن الجفاف الذي دام 3 سنوات في العراق، والذي ضرب أيضا مناطق بإيران وسوريا، أصبح أكثر "حدة" بسبب تغير المناخ وتفاقم ظروف الجفاف الطبيعي، مما ينذر بأوضاع إنسانية صعبة.

ووجد العلماء في دراستهم التي صدرت في 8 نوفمبر، أن حالات الجفاف الشديدة ستكون "أكثر شيوعا" في المستقبل بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.

وقالت فريدريك أوتو، عالمة المناخ في معهد غرانثام في الكلية الإمبراطورية في لندن، وأحد مؤلفي الدراسة: "إن هذا يلامس بالفعل حدود ما يستطيع بعض الناس التكيف معه".

وبالنسبة للمسؤولين في كردستان العراق، فإن التكيف مع التغيرات "سيتطلب موارد مادية تفوق طاقة الإقليم". 

ولم تتمكن الحكومة الكردية من دفع رواتب موظفيها منذ 3 أشهر، بسبب خلافاتها المالية مع الحكومة المركزية العراقية.

وفي يونيو، عقد نائب رئيس وزراء الإقليم، قباد طالباني، اجتماعاً مع 16 مبعوثاً قنصلياً ودبلوماسياً في إقليم كردستان، لطلب مساعدتهم "قبل فوات الأوان".

وتقول المنظمات البيئية المحلية إن ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات في هطول الأمطار، أدت إلى جفاف إمدادات المياه وزيادة الفيضانات القاتلة، وهي قضية تتحدى خطة الحكومة الكردية لتحويل تركيزها من الطاقة إلى الزراعة.

وقال معروف مجيد، رئيس منظمة أيندا (المستقبل) لحماية البيئة في إقليم كردستان، إن تهديدات التغير المناخي على بيئة الإقليم "خطيرة ويجب أن تؤخذ على محمل الجد".

وأضاف مجيد لإذاعة صوت أميركا خلال مكالمة هاتفية، أن "إقليم كردستان يبلغ عدد سكانه حوالي 6 ملايين نسمة، لكن هناك أكثر من 2,150,000 مركبة خاصة، ووسائل النقل العام سيئة للغاية"، في إشارة إلى تأثير مخلفات تلك الآليات على زيادة نسب التلوث.

وتابع: "حسب بياناتنا، فمن أصل 2.5 مليون فدان من أراضي الغابات، تم تدمير 50 بالمئة منها في السنوات القليلة الماضية".

العراق.. الجفاف يلتهم مهد الحضارات والعمل البيئي يأتي بثمن
بعد 10 سنوات قضاها في المملكة المتحدة عند فراره بسبب الحرب الأهلية في إقليم كردستان، عاد نبيل موسى إلى موطنه العراق ليبقى بالقرب من عائلته. لكن بعد عودته إلى موطنه السليمانية، وجد موسى مدينته مختلفة تماما عن تلك التي تركها قبل الغربة.

واعتبر مجيد أن انخفاض الموارد المائية هو الأكثر إثارة للقلق، مشيراً إلى عاصمة المنطقة أربيل، كمثال.

وزاد: "في معظم أنحاء أربيل، لم يعد الناس يجدون المياه الجوفية، حتى بعد حفر 700 متر تحت الأرض. ومما يثير القلق أيضًا، انخفاض منسوب المياه في نهري الزاب الصغير والزاب الكبير (رافدان لنهر دجلة)، ونهر سيروان، بسبب الجفاف أو احتجازها من قبل البلدان المجاورة"، على حد تعبيره.

ويلقي المسؤولون العراقيون باللوم في تضاؤل تدفق المياه من شمالي البلاد، على العديد من السدود التي بنتها تركيا وإيران. 

ويتدفق مصدرا المياه الرئيسيان في العراق (نهرا دجلة والفرات) من تركيا، مما يضع المياه في قلب العلاقات التركية مع العراق.