تتكرر في العراق، من حين إلى آخر، أخبار عن اعتقال عراقيين بتهمة "تمجيد" صدّام حسين أو نظامه أو حزب البعث.
وتستند السلطات الأمنية والقضائية في الاعتقالات إلى "قانون حظر حزب البعث" الذي أقرّه مجلس النواب في العام 2016، والذي يعود بدوره إلى مرسوم صادر في 12 مايو 2003 عن سلطة التحالف المؤقتة برئاسة بول بريمر بشأن "اجتثاث البعث" من المجتمع العراقي.
يمنع هذا القانون، بحسب الخبير القانوني علي التميمي، "كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير وخاصة تمجيد حزب البعث الصدّامي في العراق ورموزه".
ويشرح التميمي في مقابلة مع "ارفع صوتك" أن الأسباب الموجبة لهذا القانون استندت إلى المادة السابعة من الدستور الاتحادي.
وتقول المادة السابعة: "يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الارهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت أي مسمى كان".
يؤكد هذا، حسب التميمي، أن المنع لا يشمل حزب البعث فقط ككيان سياسي بل "يطال رموز النظام البائد ويمنع تمجيدهم". وهذا ما يفسر ملاحقة من يمجّدون الرئيس السابق صدام حسين الذي يعدّ من أبرز رموز حزب البعث.
ويعاقب القانون المذكور في المادة الثامنة بالحبس مدة تصل إلى على عشر سنوات "كل من انتمى إلى حزب البعث المحظور أو روج لأفكاره وآرائه بأية وسيلة أو هدد أو كسب أي شخص للانتماء إلى الحزب".
ويوضح التميمي أن "محاكم جنايات متعددة في العراق طبقت المادة الثامنة من هذا القانون على أفراد قاموا بمدح صدام حسين أو حزب البعث".
ويجري الاستناد في الملاحقات أحياناً، كما يشرح التميمي، "إلى قانون هيئة المساءلة والعدالة رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٨ والتي طبقت هذا القانون على أعوان النظام السابق".
وبالنسبة إلى التميمي، فإن تجريم تمجيد "البعث الصدّامي" مفهوم، وذلك "بسبب الجرائم الهائلة التي ارتكبها أزلام هذا النظام وهي جرائم ضد الإنسانية وإبادات جماعية تمت محاكمتهم وفقها في المحكمة الجنائية العراقية".

مرسوم "اجتثاث البعث" الذي صدر في العام 2003 أثار مرارا موجة من النقاشات والاعتراضات. "ورأى أعضاء من المجموعة العربية السنية أن تطبيق هذا القانون جاء على نحو مفرط وتعسّفي واعتباطي، واستخدم في أحيان كثيرة لإسكات أي معارضة لهيمنة الأحزاب الشيعية والكردية على الحكومة"، كما يقول الباحث العراقي سعد ناجي جواد في كتابه "العراق بعد الغزو".
وينقل جواد عن المعترضين على هذا المرسوم قولهم "إنه في الديمقراطيات يجب أن لا يحرم أي فرد في المجتمع من حقوقه بسبب آرائه السياسية".
أما عالم الاجتماع العراقي الفرنسي عادل بكوان، وهو مدير "المركز الفرنسي للأبحاث والدراسات العراقية"، فيرى في كتابه الصادر حديثاً، "العراق قرن من الإفلاس"، في معرض نقد مرسوم "اجتثاث البعث"، أن "الحيازة على بطاقة حزب البعث لا يرافقها بالضرورة الالتزام النضالي والاقتناع السياسي به".
ويرى بكوان أن "عملية استئصال البعث وضعت الجميع عند المستوى نفسه وتستثني جماعياً، من دون تمييز، حاملي البطاقة وكأنّهم يشكّلون فئة العراق اللعينة".
وينتقد بكوان أيضا حلّ الجيش العراقي وتسريح ما يقارب 400 ألف جندي بدون رواتب أو موارد، وهو ما دفعهم إلى أن يكونوا "قاعدة اجتماعية متينة لحركات المقاومة، وكذلك للجماعات التي اختارت الإرهاب سلاحاً قتالياً".
أما التميمي فيعتبر أن "حزب البعث صفحة سوداء في تاريخ العراق وأبشع من دمر شعبه عبر التاريخ، وهو مرفوض من كل الشعب العراقي"، على حدّ تعبيره.

ولا يزال حزب البعث العربي الاشتراكي، بنسخته السورية، يحكم في سوريا، كما أن هناك فروعا من هذا الحزب في الأردن ولبنان.
وفي هذا السياق يقول التميمي لـ"ارفع صوتك" أن "أحزاب البعث الموجودة في بلدان عربيه أخرى هي شأن داخلي لتلك الدولة ويحق للعراق الاعتراض عليها إذا شكلت تدخلاً في شوؤن العراق حيث أن هذا التدخل يخالف ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للعراق الشكوى على هذه الدول.