تعرضت القواعد العسكرية في العراق وسوريا لـ 41 هجوماً، غالبيتها بطائرات مسيرة مفخخة شنتها مليشيات عراقية موالية لإيران، خلال أقل من شهر، على أثر الحرب الجارية بين إسرائيل وفصائل فلسطينية مسلحة، أبرزها "كتائب القسام" التابعة لحركة حماس، في قطاع غزة.
هذا الإحصائية ارتفعت، الأربعاء والخميس الماضيين، لنحو 44 هجوماً، بعد تعرض قاعدتي الشدادي شمال شرق سوريا وحرير شمال مدينة أربيل في كردستان العراق لهجمات بطائرات مسيرة مفخخة.
يثير هذا التصعيد في هجمات المليشيات حفيظة السياسيين والخبراء العسكريين العراقيين من انعكاساتها على الاستقرار والأمن في العراق، وعلى العلاقات بين بغداد وواشنطن.

يقول السياسي العراقي المستقل، مثال الألوسي، إن "الحقيقة المؤلمة تتمثل في ارتداء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، سترة واقية للرصاص خلال زيارته إلى بغداد في 5 نوفمبر الحالي، وهو وزير خارجية دولة تجمعها والعراق اتفاقيات إستراتيجية".
"ظهور بلينكن بهذا الشكل يمثل رسالة أميركية واضحة مفادها أن مطار بغداد كالعاصمة تحت سيطرة الإرهاب الإيراني، وهي رسالة إلى طهران وأتباعها في البرلمان والحكومة العراقية، أن طفح الكيل والعصا لمن عصا، وإعلان أميركي واضح بعدم شرعية الحكومة ما لم تفرض القانون وتحمي مصالح المواطنين والتزامات الدولة"، يبين الألوسي لـ"ارفع صوتك".
وتتبنى في كل مرة مجموعة "المقاومة الإسلامية في العراق" المسؤولية عن هذه الهجمات. وتمثل هذه المجموعة بحسب معهد واشنطن للدراسات، "مجموعة من الفصائل المسلحة تنفذ عمليات وطنية وأخرى عابرة للحدود، ما يسمح لمليشيات المقاومة العراقية بشن هجمات ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا تحت مظلة واحدة دون تحمل أي منها المسؤولية بشكل مباشر".
يرى الخبير الإستراتيجي، علاء النشوع، أن ازدياد الهجمات على القواعد العسكرية الأميركية في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها المنطقة، "أعطت الفرصة السانحة لإيران في تحريك أدواتها، بعد أن كان سلاح الجو الإسرائيلي يقصف كل الموالين لإيران في سوريا والعراق".
ويضيف لـ"ارفع صوتك"، أن "هجمات المليشيات العراقية وما تظهره من عداء لأميركا، ليست سوى مناورات غير مباشرة لإيران، التي تريد أن تقول إن هذه الفصائل ستخوض حرب الوكالة والنيابة عنها في مواجهة أميركا والتحالف الدولي، كي تتخلص طهران من أي عمل عسكري يجعلها في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة".
ويشير النشوع إلى "وجود أوراق كثيرة ستلجأ لها إيران لحماية مصالحها على حساب الكثير من الدول وأمنها القومي ومنها العراق"، ويتوقع أن يصبح العراق "مسرحا للأحداث التي سَتُعجل في انهيار الوضع الأمني، خاصة المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيات الولائية".
"بالتالي ستقوض خطوات إيران وميلشياتها الاستقرار في العراق، ولن تستطيع المؤسسة العسكرية العراقية أن تقوم بأي دور يمكن أن يعالج هذا الانهيار في حالة مواجهة المليشيات مع القوات الأميركية وتحالفها الدولي"، يؤكد النشوع.

في السياق نفسه، يوضح الكاتب والباحث السياسي، شاهو قرداغي: "من المفترض أن تلتزم كافة الأجهزة والمؤسسات والأذرع التابعة للدولة العراقية بهذه السياسة. المليشيات ولكونها مرتبطة بإيران ومنظومة الحرس الثوري وبحزب الله اللبناني فهي أكدت مجددا أنها لا تلتزم بسياسات الدولة العراقية، بل لديها سياسة خاصة وتوجيهات خاصة تأخذ الأوامر من هذه الجهات لتنفيذ هجمات معينة داخل العراق لتزج به في النزاعات والصراعات".
ويعتقد قرداغي أن "سمعة العراق تأثرت إقليميا ودولياً بسبب الهجمات التي تنفذها هذه المليشيات ضد القواعد الأميركية"، قائلا لـ"ارفع صوتك"، إنها "تعطي نظرة سلبية بأن الدولة العراقية غير قادرة على فرص السيادة، وهناك جماعات تستطيع أن تقوض الاستقرار الهش الذي تحقق خلال الفترة الماضية".
ويتابع: "لم يتعاف العراق من الحرب على الإرهاب وما زال بحاجة إلى الاستشارة وإلى الأطراف الدولية لمساعدته في الجانب الاقتصادي والتنموي والسياسي، لذلك فإنه لا يتحمل عواقب قطع العلاقة معها، خاصة أميركا".
والولايات المتحدة "ليست صديقة للعراق فقط"، بحسب قرداغي، فهي أيضاً "أشرفت على تأسيس هذه المنظومة، والعلاقات معها تجارية وأمنية وسياسية"، بالتالي، فإن "أي إضرار بهذه العلاقة سينعكس سلباً على العراق كدولة"، وفق تعبيره.