يتنافس 48 مرشحا من الأقليات العرقية والدينية في العراق، على نيل 10 مقاعد (الكوتا) في انتخابات مجالس المحافظات المقررة في 18 ديسمبر المقبل، تحت مسمى "المكونات" في قوائم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وعدد المقاعد الكلي 285، تتوزع على 15 محافظة، 6 منها تحظى بتمثيل مرشحي الأقليات، هي: بغداد والبصرة ونينوى وكركوك وواسط وميسان.
والسؤال المطروح اليوم بين الناخبين، هل هؤلاء فعلاً "ممثلون حقيقيون لنا؟". يقول رئيس منظمة "ميثرا للتنمية والثقافة اليارسانية"، رجب عاصي كاكيي: "نحن متخوفون من سرقة ممثلي الأقليات من قبل أحزاب السلطة الحاكمة في العراق، أي ترشيح شخصيات من نفس الأقليات لكنهم تابعون لهذه الأحزاب".
ويعلّل مخاوفه لـ" ارفع صوتك"، بالقول "لا يوجد سجل خاص للناخبين المنتمين للأقليات، بالتالي ليست هناك ضمانات بأن يكون المرشح الفائز عن الأقليات أو الحائز على الكوتا عبر أحزاب السلطة ممثلا حقيقياً للأقليات".
ولحل هذه المشكلة برأي كاكيي، "يجب اتخاذ خطوتين من قبل المفوضية العليا للانتخابات في العراق، أولهما تخصيص سجل خاص لناخبي الأقليات، وثانيهما تأسيس محطات تصويت خاصة بهؤلاء الناخبين، يكون التصويت فيها حصرا لمرشحي الأقليات".
تمثيل المسيحيين
الكثير من مسيحيي العراق، لا يرون الكتلة النيابية في البرلمان التابعة لحركة "بابليون"، ممثلة عنهم، لذلك يخشون أن يتكرر السيناريو في انتخابات مجالس المحافظات.
وكانت الحركة استحوذت على أربع مقاعد من مجموع خمس مقاعد مخصصة لكوتا المسيحيين في انتخابات مجلس النواب العراقي، أكتوبر 2021.
ويتنافس 16 مرشحا مسيحيا على أربع مقاعد موزعة على أربع محافظات في انتخابات المجالس، وهي الأولى منذ عام 2013.
في ذلك، يبين الناشط المسيحي ناطق قرياقوز، إن مخاوف المسيحيين من الانتخابات سببها "عدم وجود من يمثلهم بصورة حقيقية سواء في البرلمان أو مجالس المحافظات، إثر استحواذ الكتل الكبيرة على أصواتهم".
ويقول لـ"ارفع صوتك": "لا وجود لشيء اسمه نظام الكوتا في الأنظمة الديمقراطية الحقيقية، لكن في العراق بسبب نظام المحاصصة والمذهبية والقومية والمناطقية والجغرافية والعشائرية، يصعب جدا على المكونات الحصول على المقاعد، لذلك يتم العمل بنظام الكوتا".
"ورغم الكوتا، لا تحصل المكونات على تمثيلها الحقيقي" يؤكد قراقوز، مردفاً "الحل الأمثل لنا كمسيحيين ولجميع المكونات، سنّ قانون ينص على أنه لا يحق لغير المسيحي أو المكونات الأخرى المشمولة بالكوتا التصويت لمرشح الكوتا".
"خيبة أمل"
مرّ أكثر من سبعة أعوام على تحرير مدن وبلدات سهل نينوى شرق الموصل (شمال العراق)، ونحو تسعة أعوام على تحرير سنجار غرب الموصل، من تنظيم داعش، إلا أن معظم هذه المناطق لا تزال تشهد نزوحا وتهجيرا لسكانها من الأقليات.
يرجع ذلك إلى تعدد القوات الماسكة للأرض، من بينها مليشيات موالية لإيران، والصراعات السياسية عليها، ونقص الخدمات الرئيسية وفرص العمل، عدا عن الدمار الذي يطغى على مختلف مفاصل الحياة. وجميعها تحول دون بروز تمثيل حقيقي للأقليات.
يقول مدير فرع "مركز لالش الثقافي والاجتماعي" في أربيل، عزيز شركاني، إن "الأقليات أصيبت بخيبة أمل كبيرة بسبب الظروف التي مرت بها خلال السنوات الماضية، وصعوبة العيش، وعدم تمكن جميع أفرادها من العودة إلى مناطقهم، بسبب الأوضاع غير المستقرة فيها".
ويحذر خلال حديثه لـ"ارفع صوتك" من "مغبّة أن يؤدي كل ذلك إلى تأثير سلبي على مشاركة الأقليات بشكل فاعل في انتخابات مجالس المحافظات".
يضيف شركاني، أن لهذه الانتخابات "أهمية خاصة" في المناطق المحررة من داعش شمال العراق، خصوصاً قضاء سنجار، مبيناً: "العملية الانتخابية هي الخطوة الأولى نحو تأمين الحقوق الدستورية أو القانونية لسنجار في حصة محافظة نينوى من الموازنة، بالتالي العمل على إعادة إعمار سنجار".
"لذلك من المهم المشاركة الفعالة في هذه الانتخابات والتصويت للمرشحين الثقة الذين بإمكانهم إحداث تغيير إيجابي لأوضاع سكان هذه المناطق"، يتابع شركاني.
ويعتبر أن مشاركة الأحزاب الكبيرة ذات القاعدة الجماهيرية في مناطق الأقليات أمرا "مهم"، ولكن "بشرط مشاركتها في الانتخابات بمرشحين أكفّاء من مكونات تلك المناطق، وأن يكونوا أصواتا ومدافعين عن حقوق هذه المناطق وسكانها".
ويدعو شركاني إلى تثبيت حق النقض (الفيتو) لقضايا الأقليات، "فدون ذلك لا أرى أهمية لنظام كوتا الأقليات، بسبب عدم قدرة ممثل الأقلية سواء في البرلمان أو مجلس المحافظة على الاعتراض على قوانين وقرارات خاصة بحقوق المكون الذي ينتمي إليه"، بحسب قوله.
ويؤكد أن "وجود ممثلي الأقليات في المجالس شكلياً لا يسهم في حماية حقوقهم".