صورة من أرشيف انتخابات المجالس المحلية في العراق (أبريل 2013)- تعبيرية
صورة من أرشيف انتخابات المجالس المحلية في العراق (أبريل 2013)- تعبيرية

يتنافس 48 مرشحا من الأقليات العرقية والدينية في العراق، على نيل 10 مقاعد (الكوتا) في انتخابات مجالس المحافظات المقررة في 18 ديسمبر المقبل، تحت مسمى "المكونات" في قوائم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

وعدد المقاعد الكلي 285، تتوزع على 15 محافظة، 6 منها تحظى بتمثيل مرشحي الأقليات، هي: بغداد والبصرة ونينوى وكركوك وواسط وميسان.

والسؤال المطروح اليوم بين الناخبين، هل هؤلاء فعلاً "ممثلون حقيقيون لنا؟". يقول رئيس منظمة "ميثرا للتنمية والثقافة اليارسانية"، رجب عاصي كاكيي: "نحن متخوفون من سرقة ممثلي الأقليات من قبل أحزاب السلطة الحاكمة في العراق، أي ترشيح شخصيات من نفس الأقليات لكنهم تابعون لهذه الأحزاب".

ويعلّل مخاوفه لـ" ارفع صوتك"، بالقول "لا يوجد سجل خاص للناخبين المنتمين للأقليات، بالتالي ليست هناك ضمانات بأن يكون المرشح الفائز عن الأقليات أو الحائز على الكوتا عبر أحزاب السلطة ممثلا حقيقياً للأقليات".

ولحل هذه المشكلة برأي كاكيي، "يجب اتخاذ خطوتين من قبل المفوضية العليا للانتخابات في العراق، أولهما تخصيص سجل خاص لناخبي الأقليات، وثانيهما تأسيس محطات تصويت خاصة بهؤلاء الناخبين، يكون التصويت فيها حصرا لمرشحي الأقليات".

 

تمثيل المسيحيين

الكثير من مسيحيي العراق، لا يرون الكتلة النيابية في البرلمان التابعة لحركة "بابليون"، ممثلة عنهم، لذلك يخشون أن يتكرر السيناريو في انتخابات مجالس المحافظات.

وكانت الحركة استحوذت على أربع مقاعد من مجموع خمس مقاعد مخصصة لكوتا المسيحيين في انتخابات مجلس النواب العراقي، أكتوبر 2021. 

ويتنافس  16 مرشحا مسيحيا على أربع مقاعد موزعة على أربع محافظات في انتخابات المجالس، وهي الأولى منذ عام 2013.

في ذلك، يبين الناشط المسيحي ناطق قرياقوز، إن مخاوف المسيحيين من الانتخابات سببها "عدم وجود من يمثلهم بصورة حقيقية سواء في البرلمان أو مجالس المحافظات، إثر استحواذ الكتل الكبيرة على أصواتهم". 

ويقول لـ"ارفع صوتك": "لا وجود لشيء اسمه نظام الكوتا في الأنظمة الديمقراطية الحقيقية، لكن في العراق بسبب نظام المحاصصة والمذهبية والقومية والمناطقية والجغرافية والعشائرية، يصعب جدا على المكونات الحصول على المقاعد، لذلك يتم العمل بنظام الكوتا".

"ورغم الكوتا، لا تحصل المكونات على تمثيلها الحقيقي" يؤكد قراقوز، مردفاً "الحل الأمثل لنا كمسيحيين ولجميع المكونات، سنّ قانون ينص على أنه لا يحق لغير المسيحي أو المكونات الأخرى المشمولة بالكوتا التصويت لمرشح الكوتا".

 

"خيبة أمل"

مرّ أكثر من سبعة أعوام على تحرير مدن وبلدات سهل نينوى شرق الموصل (شمال العراق)، ونحو تسعة أعوام على تحرير سنجار غرب الموصل، من تنظيم داعش، إلا أن معظم هذه المناطق لا تزال تشهد نزوحا وتهجيرا لسكانها من الأقليات.

يرجع ذلك إلى تعدد القوات الماسكة للأرض، من بينها مليشيات موالية لإيران، والصراعات السياسية عليها، ونقص الخدمات الرئيسية وفرص العمل، عدا عن الدمار الذي يطغى على مختلف مفاصل الحياة. وجميعها تحول دون بروز تمثيل حقيقي للأقليات.

يقول مدير فرع "مركز لالش الثقافي والاجتماعي" في أربيل، عزيز شركاني، إن "الأقليات أصيبت بخيبة أمل كبيرة بسبب الظروف التي مرت بها خلال السنوات الماضية، وصعوبة العيش، وعدم تمكن جميع أفرادها من العودة إلى مناطقهم، بسبب الأوضاع غير المستقرة فيها".

ويحذر خلال حديثه لـ"ارفع صوتك" من "مغبّة أن يؤدي كل ذلك إلى تأثير سلبي على مشاركة الأقليات بشكل فاعل في انتخابات مجالس المحافظات".

يضيف شركاني، أن لهذه الانتخابات "أهمية خاصة" في المناطق المحررة من داعش شمال العراق، خصوصاً قضاء سنجار،  مبيناً: "العملية الانتخابية هي الخطوة الأولى نحو تأمين الحقوق الدستورية أو القانونية لسنجار في حصة محافظة نينوى من الموازنة، بالتالي العمل على إعادة إعمار سنجار".

"لذلك من المهم المشاركة الفعالة في هذه الانتخابات والتصويت للمرشحين الثقة الذين بإمكانهم إحداث تغيير إيجابي لأوضاع سكان هذه المناطق"، يتابع شركاني.

ويعتبر أن مشاركة الأحزاب الكبيرة ذات القاعدة الجماهيرية في مناطق الأقليات أمرا "مهم"، ولكن "بشرط مشاركتها في الانتخابات بمرشحين أكفّاء من مكونات تلك المناطق، وأن يكونوا أصواتا ومدافعين عن حقوق هذه المناطق وسكانها".

ويدعو شركاني إلى تثبيت حق النقض (الفيتو) لقضايا الأقليات، "فدون ذلك لا أرى أهمية لنظام كوتا الأقليات، بسبب عدم قدرة ممثل الأقلية سواء في البرلمان أو مجلس المحافظة على الاعتراض على قوانين وقرارات خاصة بحقوق المكون الذي ينتمي إليه"، بحسب قوله.

ويؤكد أن "وجود ممثلي الأقليات في المجالس شكلياً لا يسهم في حماية حقوقهم".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.