أعلنت وزارة النفط العراقية في بيان (5 نوفمبر الحالي)، إنجاز ملاكاتها الفنية في شركة خطوط الأنابيب النفطية مشروع مد أنبوب نقل "الغاز الجاف 16 عقدة" المغذي لمحطة كهرباء كركوك الغازية من حقول كورمور بطول 1050 مترا وعلى مرحلتين.
وقالت في بيان، إن الأنبوب سيؤمن نقل كمية 100 مليون متر مكعب من الغاز يومياً لتغذية المحطة وزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية.
وأوضحت الوزارة أن "أعمال تنفيذ الأنبوب تمت بالتنسيق مع مديرية الكهرباء في محافظة كركوك وشركة غاز الشمال وشركة نفط الشمال ومديرية المرور والطرق والجسور والاتصالات"، دون الإشارة إلى الاتفاق مع حكومة إقليم كردستان، حيث يقع حقل كورمور الغازي ضمن مناطق سلطتها.
هذه الخطوة، أثارت حفيظة وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان. وقالت في بيان، إن "الأنبوب المذكور في وسائل الإعلام يعود إلى الثمانينيات واستخدمته شركة دانة غاز في وقت سابق لنقل المكثفات"، وأنها أبلغت "دانة غاز" في اجتماع عقد أوائل أكتوبر الماضي، بعدم جواز تصدير غاز حقول الإقليم إلى أي مكان في الداخل والخارج دون الحصول على موافقة الوزارة.
يعلق الخبير في قطاع النفط والغاز، كوفند شيرواني، على هذه المسألة بالقول: "أنبوب الغاز الذي يتم توصيله من حقل كورمور إلى حقل جمبور من ثم إلى إحدى محطات الطاقة في كركوك، يدخل ضمن اتفاق وتعاقد سابق لوزارة النفط العراقية، التي اتفقت لشراء الغاز من شركة الهلال الإماراتية وهي إحدى الشركات المشاركة في استثمار حقل كورمور الغازي".
ويؤكد شيرواني لـ"ارفع صوتك"، أن هذه الشركات تستثمر في حقل "كورمور" بموجب عقد مع وزارة الثروات الطبيعية في حكومة كردستان، "ولم يكن هناك أي تأكيد في العقد على الجزء المتمثل بربط محدود لكميات محدودة من الغاز الى محطات الطاقة من قبل وزارة الثروات الطبيعية".
ويستبعد أن تكون هناك دوافع سياسية خلف عملية مد أنبوب الغاز، مستدركاً: "سيكون هناك كلام على جزء منها ولو لم يصرح بشكل واضح عن ذلك في بيان حكومة الإقليم".
ويلفت شيرواني إلى أنه في قانون النفط العراقي الذي باتت مسودته جاهزة، لا وجود لإشارة كبيرة إلى الغاز الطبيعي، لأن الاستثمارات في العراق متأخرة جدا على الرغم من وجود احتياطي ضخم يصل إلى 132 ترليون قدم مكعب قياسي، وهذا الاحتياطي يجعل العراق في المرتبة 13 أو 14 على مستوى العالم.
وتستخدم كردستان الغاز المستخرج من حقل "كورمور" لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية، حيث تعمل نحو 80% من هذه المحطات على الغاز، فيما تسعى حكومة الإقليم إلى تشغيل الـ20% المتبقية من المحطات بالغاز بعد رفع الإنتاج من الغاز، المتوقع في العام المقبل، فيما يبلغ إنتاج الحقل حالياً نحو 500 مليون قدم مكعب، بحسب شيرواني.
يتابع: "الغاز الطبيعي لم يكن موضوع بحث في غالبية الاتفاقات أو المفاوضات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، لكن الاهتمام بهذا الملف سيفتح مجالا واسعا للتعاون بين الجانبين".
ويبين شيرواني: "كانت هناك عقود لاستثمار الغاز الطبيعي خلال جولات التراخيص الأخيرة الخامسة والسادسة، وهناك مشاريع محددة لعزل الغاز عن النفط في جنوب العراق، وفي حال اكتمالها بالموازاة مع التنسيق مع حقل أو حقلي الغاز في الإقليم، من الممكن أن يصل العراق إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، بالتالي يستغني عن استيراد الغاز الطبيعي وحتى الكهرباء من دول الجوار".
ولم يشهد قطاع الغاز الاهتمام خلال العقدين الماضيين، حيث ركزت الحكومات المتعاقبة على قطاع النفط، وما زال العراق غير قادر على استغلال الغاز الطبيعي.
ويحرق العراق سنويا أكثر من 18 مليار مكعب من الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط، في وقت تعتمد البلاد على إمدادات الغاز الإيراني لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية. ورغم العقوبات الدولية المفروضة على إيران، يحصل العراق بشكل متواصل على إعفاء من الولايات المتحدة لاستيراد الغاز منها.
ونقلت قناة "الحرة"، الأربعاء، إعلان مسؤولين كبيرين في الخارجية الأميركية، أن أنتوني بلينكن، وقع، الثلاثاء الماضي على قرار تمديد إعفاء العراق من العقوبات المفروضة على إيران، لمدة 120 يوما.
وأوضح المسؤولان أن هذا التمديد هو الحادي والعشرين منذ 2018، ولا يمكن لإيران "استخدام الأموال المقيدة في البنوك العراقية، إلا في المعاملات الإنسانية وغيرها من المعاملات غير الخاضعة للعقوبات".
من جهته، يقول الحقوقي، هاني البصري، إنه من الصعب تحديد قانونية الإجراءات الحكومية في التعامل مع ملف النفط والغاز في ظل عدم تشريع قانون النفط والغاز الذي ينظم المادة ١١٢ من الدستور الخاصة بإدارة حقول النفط والغاز بين الحكومة المركزية والاقليم والمحافظات المنتجة للنفط أو الغاز.
ويضيف لـ"ارفع صوتك"، أن "المواد الدستورية تذكر الخطوط العامة، لذلك هي غير كافية لتحديد الالتزامات المتبادلة".
أما القوانين المنظمة لهذه المواد، فتخوض في أدق التفاصيل، لذلك يعتبر تشريع قانون النفط والغاز هو "الفيصل" في تحديد الالتزامات المتبادلة بين المركز والإقليم، من ضمنها حقل "كورمور"، كما يقول البصري.