انتخابات العراق

مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات العراقية، تتحدث مجموعة مرشحات عن تحديات وصعوبات تعترضهن، تتعلق بقدرتهن على مواجهة "عادات وتقاليد المجتمع" وعدم قدرتهن على خوض الانتخابات باستقلالية في ظل هيمنة أحزاب كبيرة على الشاراع.

ومن المقرر أن تجري الانتخابات في 18 ديسمبر الحالي، سيتنافس خلالها ستة آلاف مرشح، منهم 1664 مرشحة. وبحسب مفوضية الانتخابات، فإن نسبة الإناث بين المرشحين تصل إلى 35%، أي أنها أكثر من نسبة  الكوتا التي حددها الدستور العراقي بـ25%.

ويحق لأكثر من 23 مليون مواطن عراقي التصويت في انتخابات المجالس المحلية، التي يشترك فيها أكثر من 296 حزباً سياسياً توزعت على 50 تحالفاً سياسياً.

وتتألف مجالس المحافظات العراقية من 275 مقعداً، 75 مخصصة لكوتا النساء وعشرة مقاعد للمكونات، 4 للمسيحيين و2 للكورد الفيلية والصابئة المندائيين، ولكل من الإيزيديين والشبك مقعداً واحداً.

"هيمنة الكتل الكبيرة"

 

في مقدمة التحديات التي تواجهها المرشحات العراقيات "النظرة الاجتماعية السائدة والتقاليد المتعلقة بقوامة الرجل، وعدم حصولها على مواقع قيادية، لأن ذلك يتقاطع مع قوامة الرجل عليها"، كما تقول المرشحة نهاد المياحي، من النجف.

وتضيف لـ"ارفع صوتك"، أنها تترشح لأول مرة في الانتخابات بعد حصولها على شهادة عليا في العلوم السياسية، مؤكدة أن "حجم التنافس كبير جداً، لوجود عدد كبير من المرشحين، وسط هيمنة واضحة للكتل الكبيرة التي لها سنوات طويلة في العمل السياسي ولديها تاريخ على الساحة العراقية".

وتبين: "على الرغم من التطور الكبير في عمل المرأة السياسي، إلا أننا لغاية الآن غير قادرات على الترشح بشكل منفرد ونحتاج إلى أن نكون ضمن كتلة سياسية".

"حتى المرشحة المستقلة تبقى بحاجة إلى أن تكون جزءا من كتلة كبيرة تضمن لها الحصول على عدد كبير من الأصوات، خصوصاً إذا ما كانت تعمل في المجال الإنساني ومعروفة في محافظتها مثل مديرة لمنظمة مجتمع مدني أو مؤسسة لرعاية الأيتام"، تتابع المياحي.

460 مرشحة في بغداد

 

المرشحة زينب الجبوري التي ستخوض الانتخابات في بغداد، تقول لـ "ارفع صوتك"، إن "أكبر التحديات التي تواجه المرشحات اليوم، كثرة المنافسة، خاصة في بغداد، حيث وصل عدد المرشحات فيها إلى 460 تقريباً، ما يقلل من حظوظ المستقلات بالفوز".

وتضيف لـ"ارفع صوتك": "بالنتيجة، يضطر المرشح إلى الانتماء لكتلة أو تحالف لزيادة فرصه في الانتخابات، بسبب العمل بنظام سانت ليغو الانتخابي".

في السياق ذاته، تقول المرشحة كولشان كمال، إنها "صُدمت بأن الساحة مفتوحة فقط للقوى السياسية الكبيرة التي لها باع طويل في السياسة".

وتوضح لـ"ارفع صوتك": "ننافس قوى كبرى تحتل الشارع دون أن تكون لنا الإمكانيات المالية التي تتمتع بها هذه القوى لعقد المؤتمرات والندوات، إضافة لقدرتها على تقديم الوعود للمواطنين بتوفير الوظائف أو الحصول على رواتب الرعاية الاجتماعية، وهي أمور لا يمكن إعطاء الوعود بتقديمها إلا بعد الفوز بالانتخابات".

"أثر ذلك بشكل سلبي على الشخصيات المستقلة الراغبة بالتغيير بشكل عام وعلى المرأة بشكل خاص كمرشحة في الانتخابات، وقلل من دورها حتى على المستوى الدعائي بسبب المنافسة القوية من القوى الكبيرة"، بحسب كمال.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.