ضربة أميركية أدت إلى مقتل أبو باقر الساعدي مسؤول عمليات كتائب حزب الله في سوريا
ضربة أميركية أدت إلى مقتل أبو باقر الساعدي مسؤول عمليات كتائب حزب الله في سوريا

سلط تقرير لوكالة أسوشيتد برس، الضوء على العلاقة التي تربط الحكومة العراقية بالميليشيات الموالية لإيران التي تشن هجمات على القوات الأميركية منذ عدة أسابيع.

يقول التقرير إن الضربة الأميركية الأخيرة التي قتل فيها قيادي بارز في ميليشيا كتائب حزب الله ببغداد أعاد الأنظار إلى "الحالة الإشكالية" للفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران في البلاد والتي يعمل بعضها تحت مظلة قوات الأمن الرسمية وفي الوقت نفسه خارج سيطرة الدولة.

ويضيف التقرير أن هذا الأمر وضع حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في موقف حساس، في الوقت الذي تحاول تحقيق التوازن بين علاقاتها مع الولايات المتحدة ومع الجماعات المسلحة العراقية التي تدخل في بعض الأحيان في صراع مباشر مع القوات الأميركية.

من بين هذه الجماعات، ميليشيا كتائب حزب الله، التي وصفها التقرير بأنها واحدة من أقوى الجماعات المسلحة في العراق وهي جزء كذلك من منظومة الحشد الشعبي.

ومع ذلك، يقول التقرير إن كتائب حزب الله وبعض الجماعات الأخرى التي تشكل جزءا من قوات الحشد الشعبي شنت هجمات متكررة على القوات الأميركية في العراق.

صنفت الولايات المتحدة كتائب حزب الله جماعة إرهابية، وفي يناير من عام 2020، قتلت غارة جوية أميركية مؤسس الميليشيا، أبو مهدي المهندس، رفقة قائد فيلق القدس الإيراني السابق الجنرال قاسم سليماني.

ويوم الأربعاء الماضي، أدت ضربة أميركية إلى مقتل وسام محمد صابر الساعدي، المعروف باسم أبو باقر الساعدي، الذي كان مسؤولا عن عمليات كتائب حزب الله في سوريا. 

وقالت الولايات المتحدة إنه مسؤول عن "التخطيط المباشر والمشاركة في الهجمات" على القوات الأميركية.

العلاقة بين المجموعات شبه العسكرية والدولة العراقية؟

في عام 2016، صنفت الحكومة العراقية قوات الحشد الشعبي على أنها "تشكيل عسكري مستقل" داخل القوات المسلحة العراقية.

ومع ذلك، فإن بعض المجموعات التي تشكل قوات الحشد الشعبي هي أيضا جزء مما يعرف باسم "المقاومة الإسلامية في العراق" التي تضم مسلحين في فصائل موالية لإيران شنت حوالي 170 ضربة ضد قواعد تضم قوات أميركية في العراق وسوريا خلال الأشهر الأربعة الماضية. 

أدانت الحكومة العراقية الضربات التي استهدفت القوات الأميركية، وفي الوقت ذاته أدانت في كثير من الحالات الرد الأميركي، "لا سيما عندما وقع في بغداد أو استهدف فصائل من قوات الحشد الشعبي لم يكن لها دور واضح في الهجمات على القوات الأميركية"، بحسب التقرير.

ينقل التقرير عن الباحث البارز في مركز تشاتام هاوس ريناد منصور القول إن قوات الحشد الشعبي هي في الواقع ذراع للحكومة العراقية.

ويضيف منصور: "إنهم يعتبرون أنفسهم يحمون الدولة، سواء من خلال القتال ضد داعش أو من خلال قمع المتظاهرين المناهضين للحكومة".

بدورها ترى الباحثة المتخصصة في الشأن العراقي في مجموعة الأزمات الدولية لهيب هيجل إن بعض الجماعات المسلحة في قوات الحشد الشعبي لها دور مزدوج.

وتشير هيجل إلى أن هؤلاء "لديهم وظيفة يومية، وهي عملهم في قوات الحشد الشعبي، ولهم دور آخر وهو القيام بعمليات المقاومة ضد الوجود الأميركي".

ما الذي سيحدث في المستقبل؟

يقول منصور إنه بينما تتصاعد التوترات، "لا يوجد أي طرف يريد في الواقع مواجهة شاملة، أو حربا مباشرة، في العراق".

ويرى أنه بدلا من ذلك، من المرجح أن تستمر الولايات المتحدة والعراق في العمل نحو خروج قوات التحالف والتحرك نحو إقامة علاقات ثنائية بين البلدين.

بدورها تعتقد هيجل أن من المرجح أن تضغط الفصائل المتحالفة مع إيران على الحكومة العراقية من أجل وضع جدول زمني سريع للإنهاء التدريجي لوجود قوات التحالف.

وتضيف أن "الولايات المتحدة لن تغادر تحت التهديد وبمسدس مصوب نحو رأسها، إذا جاز التعبير، لذا فإن الأمر شبه مستحيل".

وتتابع قائلة "أنت بحاجة إلى وقف التصعيد من أجل إجراء تلك المحادثات والتوصل فعليا إلى بعض النتائج".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.