صورة أرشيفية لطالبة مدرسة في العراق
صورة أرشيفية لطالبة مدرسة في العراق - ا ف ب

يؤكد مختصون في مجال مكافحة المخدرات في العراق على ضرورة إدراج التوعية من مخاطرها في المناهج الدراسية، كوسيلة لتحصين الطلبة والشباب والحد من انتشارها.

ولا تكاد تتضمن المناهج الدراسية من المرحلة الابتدائية حتى الإعدادية دروسا توعوية تتناول خطورة المخدرات وتأثيراتها على المجتمع وكيفية الوقاية منها، على الرغم من أن العراق شهد خلال السنوات القليلة الماضية انتشارا ملحوظاً لأنواع عديدة من المواد المخدرة، خاصة بين الشباب.

وفي نوفمبر الماضي، صرّح الناطق باسم وزارة الداخلية، العميد مقداد الموسوي، خلال مؤتمر صحافي إن عدد المعتقلين بجرائم المخدرات عام 2022 بلغ 17 ألفاً و249 شخصاً، بينهم 121 تاجر مخدرات دوليا.

 

التوعية الطلابية

بالنسبة للمناهج المدرسية، تؤكد الباحثة النفسية والتربوية، إيناس كريم، وهي رئيسة مؤسسة "نقاهة" للمعالجة من الإدمان، على "ضرورة إدراج مواد توعوية تحذيرية حول المخدرات، تكون مدروسة بصورة صحيحة من مختصين في مناهج المرحلتين الابتدائية والإعدادية، على أن يدرسها ويمتحن بها الطالب وتكون لديه ردة فعل تتسبب بخوفه من مخاطر المخدرات".

وتبيّن كريم لـ"ارفع صوتك" أن بإمكان المدارس "تفعيل النشاطات الطلابية كالرسم والخياطة، ومشاركة الطلبة أنفسهم بتوعية بعضهم في نشاطات توعوية تحذيرية، كما في دول الخليج، حيث تنظم بعض مدارسها نشاطات مثل الرسم التوعوي، وهو غير موجود في مدارسنا، سواء الأهلية أو الحكومية".

وتعتبر أن سبب غياب مثل هذه الأنشطة في المدارس العراقية "الاعتقاد الخاطئ بأن تداول الموضوع سيدفع الطالب إلى البحث عنها وتعاطيها".

وبحسب مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في العراق، بينها "نقاهة"، تعتبر فئة الشباب وطلبة المدارس الأكثر استهدافاً من قبل تجار ومروّجي المخدرات.

يقول مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية، قاسم حسين صالح: "لا توجد أي تأثيرات نفسية سلبية لإدراج التوعية بأضرار المخدرات، شرط أن يتم إعدادها من قبل علماء نفس متخصصين يجيدون تضمين المنهج بلغة بسيطة تناسب مستوى الطالب أو التلميذ".

ويتفق مع كريم في "الحاجة الماسة للتوعية من المخدرات لتجنيب جيل كامل منها، خاصة بعد وصولها  أطفال المرحلة الابتدائية".

ولمعرفة خطط الوزارة وإمكانية إدراج مناهج خاصة بالتوعية والتحذير من مخاطر المخدرات في المناهج الدراسية، تواصل موقع "ارفع صوتك" مع وزارة التربية، لكن الوزارة لم ترد على أسئلة الموقع.

ويرى عضو الفريق الوطني لمكافحة المخدرات في مستشارية الأمن القومي، حيدر فيصل القريشي، أن واقع التوعية المدرسية للحد من انتشار المخدرات والمؤثرات العقلية "دون مستوى الطموح".

ويعدّد أسباب ذلك لـ"ارفع صوتك" قائلا:  "عدم توعية الباحثين الاجتماعيين الموجودين في المدارس، وعدم توعية الكوادر التدريسية بهذه المخاطر، وانعدام معرفتهم بكيفية التصرف في حال وجود طالب متعاط ولو للمرة الأولى".

ويضيف: لا يوجد أيضا تواصل بين إدارات المدارس وعوائل الطلبة"، معتبراً أن التوعية بمخاطر المخدرات لطلبة المرحلة الابتدائية "سيف ذا حدين".

ويوضح: "إذا أُدرجت بصورة علمية ستكون لها آثار إيجابية، لكن إذا كانت عشوائية، ستكون النتائج كارثية، فقد يقوم الطالب من باب الفضول بتجربة أي من أنواع المخدرات".  

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.