لقطة من فيلم "أوروبا" للمخرج العراقي حيدر رشيد، الذي حاز على جوائز دولية عدة- IMDP
لقطة من فيلم "أوروبا" للمخرج العراقي حيدر رشيد، الذي حاز على جوائز دولية عدة- IMDP

أنتجت السينما العراقية أكثر من 100 فيلم، إضافة لمئات المسرحيات والمسلسلات والبرامج التلفزية المتنوعة، ومع هذه الإنتاجات برز العديد من المخرجين الذين أثروا هذه التجربة وحققوا إنجازات محلية ودولية.

في هذا المقال، نستعرض محطات من حياة أبرز هؤلاء المخرجين وأهم أعمالهم على مرّ السنين.

 

حيدر العمر

ولد حيدر العمر في منطقة الأعظمية بمدينة بغداد عام 1924. حفظ القرآن في صغره في الكتّاب ثم تابع دراسته الابتدائية والثانوية في مدارس بغداد. في 1946 قام  بافتتاح ستوديو للتصوير في سوق الأعظمية، واشتغل بعدها موظفاً في الإذاعة العراقية لفترة.

عام 1953 حفر العمر اسمه في تاريخ السينما العراقية، عندما أخرج فيلم "فُتنة وحسن" وكان أول فيلم عراقي يتم تنفيذه بجهود عراقية خالصة.

وفي 1958 أقدم على تجربته السينمائية الثانية عبر فيلم "ارحموني"، من بطولة المغني رضا علي والمطربة هيفاء حسين.

بحسب دراسة "أساليب المخرجين السينمائيين العراقيين الرواد"، المنشورة على موقع كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد، فإن أسلوب إخراج العمر تميز بالعديد من النقاط الإيجابية،  كـ"استخدامه الواسع لأحجام اللقطات العامة التي يتجسد بها المكان بتلقائية وعفوية ومن خلال مستوياته البصرية الثلاث، التي أسهمت بشكل ما إلى خلق نوع من الحميمة بين المستوى البصري المتحقق للمشاهد والأحداث الدرامية التي تدور داخل هذا المستوى البصري".

في عام 1968، توفي العمر عن عمر ناهز 44 عاماً.

 

خليل شوقي

ولد خليل شوقي في مدينة بلدروز التابعة لمحافظة ديالى شرقي العراق عام 1924. درس التمثيل في معهد الفنون الجميلة ببغداد، وبدأ حياته الوظيفية بعدها في دائرة السكك الحديدية، حيث أخرج العديد من الأفلام الوثائقية والإخبارية.

تميز شوقي في مجال الإخراج المسرحي. ففي 1947 أسس "الفرقة الشعبية للتمثيل"، وعام 1964 أسس فرقة مسرحية أخرى حملت اسم "جماعة المسرح الفني"، وقام بإخراج العديد من المسرحيات المهمة، مثل "النخلة والجيران" و"الإنسان الطيب" و"كان يا ما كان"، و"الينبوع".

على صعيد الأفلام الروائية الطويلة، لم يخرج شوقي إلا فيلماً واحداً، وهو فيلم "الحارس" في عام 1967، ولاقى تقديراً كبيراً في الأوساط السينمائية الدولية، كما فاز بالجائزة الفضية في مهرجان قرطاج السينمائي عام 1968.

كما أخرج شوقي العديد من الأعمال الدرامية التلفزيونية المهمة، مثل "الأحفاد وعيون المدينة" و"جذور وأغصان" و"الكنز" و"بيت الحبايب" و"الواهمون".

بعد سنوات طويلة من الإبداع الفني، هاجر شوقي إلى هولندا. وظل هناك حتى توفي عام 2015.

 

جعفر علي

ولد جعفر علي في بغداد عام 1933، ودرس الأدب الإنجليزي في جامعة بغداد، بعدها سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية وحصل على درجة الماجستير في السينما والتلفزيون، وحين عاد إلى العراق تولى وظيفة مدرس للإلقاء في معهد الفنون الجميلة، ودرّس فن التمثيل أيضاً.

بدأ حياته العملية بالمساعدة في إخراج بعض الأفلام المميزة، ثم قام بإخراج العديد من الأعمال المهمة في مجالي المسرح والسينما، مثل مسرحية "الغريب" عام 1970، و"عروس بالمزاد" عام 1973.

في عام 1968 أخرج علي فيلمه السينمائي الأول "الجابي"، ثم تبعه بفيلم "المنعطف" الذي عُرض في العديد من المهرجانات العربية والمحلية والدولية من ضمنها مهرجان موسكو السينمائي لسنة 1975.

كما أخرج فيلم "سنوات العمر" عام 1976، وفيلم "نرجس عروس كردستان" في 1991.

شغل علي العديد من المناصب الإدارية والأكاديمية في العراق، وكان مديراً للإذاعة والتلفزيون. وفي سنة 1998 توفي عن عمر ناهز 65 عاماً.

 

محمد شكري جميل

ولد محمد شكري جميل في بغداد عام 1937. درس فن السينما في المعهد العالي للسينما في المملكة المتحدة، وبدأ حياته العملية في عام 1953 بإنتاج بعض الأفلام الوثائقية لوحدة الإنتاج السينمائي في شركة نفط العراق.

بعدها سافر وعمل في بعض الأفلام العالمية، ثم عاد مرة أخرى إلى العراق وعمل كمخرج مساعد لعدة أفلام عراقية في أوائل الستينيات مثل فيلم "أبو هيلة" للمخرج جرجيس يوسف، و"نبوخذ نصر" من إخراج كامل العزاوي.

بحسب الناقد العراقي مهدي عباس في كتابه "محمد شكري جميل... عرّاب السينما العراقية"، فإن جميل بدأ عمله كمخرج عام 1968 في فيلم "شايف خير"، بعدها توالت أفلامه المهمة، كـ"الظامئون" 1973، و"الأسوار" 1979، و"المسألة الكبرى" 1982.

وقال إن أعمال جميل "لاقت استحسان العديد من السينمائيين العالمين. على سبيل المثال قال له المخرج البريطاني ديفيد لِين الذي قابلهُ في مهرجان لندن السينمائي في سنة 1984 أثناء عرض فيلم المسألة الكبرى (أهنئك مرتين، الأولى لأنكَ أخرجت فيلماً جيداً، والثانية لأنك أخرجته في العراق)".

يُعدّ جميل واحداً من أكبر وأهم المخرجين العراقيين، بتجربة سينمائية امتدت قرابة 60 عاماً، أخرج فيها 13 فيلماً روائياً، وفيلمين قصيرين، و45 فيلماً وثائقياً، فضلاً عن أربع مسلسلات تلفزيونية.

 

فائق الحكيم

ولد فائق محمد علي الحكيم عام 1940. درس الحكيم الدراما والأدب الألماني في العراق، ثم سافر إلى ألمانيا لمتابعة دراساته العليا، فحصل على درجة الماجستير  وبعدها الدكتوراة  لينتقل لاحقاً إلى العمل في أميركا كأستاذ للغة الألمانية في إحدى جامعات ولاية كاليفورنيا.

عاد الحكيم إلى العراق في 1975 وعمل أستاذًا لتاريخ المسرح في كلية الفنون الجميلة كما بدأ عمله في مجال الإخراج من خلال تقديم العديد من الأعمال الفنية الموجهة إلى الأطفال، التي أثرت بشكل عميق في تشكيل الوجدان الجمعي لأجيال متتابعة من العراقيين، مثل "الدمية المفقودة" و"بيت الحيوانات" و"افتح يا سمسم" و"الرجل الحديدي" و"حول العالم في 80 يوماً".

في سبتمبر 2023، توفي الحكيم عن عمر ناهز 83 سنة.

 

محمد يوسف الجنابي

ولد محمد يوسف الجنابي عام 1940. درس الإخراج السينمائي، ثم بدأ حياته العملية في تلفزيون بغداد، فعمل مخرجاً لبعض البرامج، قبل أن يسافر إلى ألمانيا ليتابع دراسته الاحترافية في مجال الإخراج، وعاد مرة أخرى بعد سنوات بعد أن تحصل على شهادة الدكتوراة.

وأشرف الجنابي على إخراج العديد من المسلسلات الشهيرة التي تنوعت بين الكوميديا والدراما الاجتماعية والرومانسية، من أهمها مسلسل "الست كراسي"، و"أعماق الرغبة"، الذي يُعدّ أول مسلسل ملّون في تاريخ التلفزيون العراقي، بالإضافو لمسلسل "جنوح العاطفة" "أبو البلاوي".

من جهة أخرى، كتب الجنابي سيناريوهات بعض المسلسلات، وأخرج بعض الأفلام القصيرة.

 

إبراهيم البدري

ولد إبراهيم فرحان البدري في حي سوق الشيوخ بالناصرية عام 1945. درس الفنون المسرحية في بغداد.

خطا البدري أولى الخطوات في مسيرته الوظيفية عام 1972 عندما عُين مخرجاً في تلفزيون بغداد.

كان أول عمل مسرحي من إخراجه "أشجار الطاعون" للكاتب العراقي نور الدين فارس.

عمل البدري مع العديد من المخرجين المصريين المعروفين أمثال إبراهيم الصحنوكرم مطاوع. وأخرج الكثير من المسلسلات التلفزيونية التي لاقت حظوظاً مختلفة من النجاح والشهرة، منها برنامج "سيرة وذكريات" الذي تناول العشرات من الشخصيات العراقية البارزة، وبرنامج "العلم للجميع"، و"أحاديث في الأدب العربي".

في السياق التثقيفي، أخرج البدري العديد من الأفلام الوثائقية عن حضارة العراق القديم، وعن الفلكلور العراقي، كما أخرج بعض البرامج الخاصة بتعليم اللغة المندائية.

كُرم البدري في العديد من المحافل الفنية. وفي عام 1974 حصل على جائزة "بطل إنتاج" من المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون.

ملصق فيلم "عليا وعصام" الذي يعتبر أول فيلم من انتاج عراقي
السينما العراقية بين "حرية" أفلام "الأسود والأبيض" وقمع "ألوان" البعث
الملصق بالأبيض والأسود، يظهر فيه اسم الفيلم "عليا وعصام"، وأسماء ثلاثة ممثلين، هم إبراهيم جلال وسليمة مراد وعزيمة توفيق، كما يظهر عصام محتضناً عليا. وفي أعلاه عبارة "ستوديو بغداد للأفلام يقدّم"، وفي الأسفل شعار "ستوديو بغداد للأفلام والسينما"، وهي الشركة التي أنتجت الفيلم.

 

مهند أبو خمرة

ولد المخرج مهند أبو خمرة عام 1983 في محافظة بابل. بعد فترة قصيرة، انتقل مع أسرته إلى بغداد، وهناك تلقى تعليمه في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية، ثم انتقل للعيش في دولة الإمارات العربية حيث أسس مع أخيه المنتج علي أبو خمرة شركة "إيتانا" للإنتاج التلفزيوني والسينمائي.

عُرف أبو خمرة بإخراجه للعديد من المسلسلات الكوميدية والكارتونية المتميزة، واشتهرت أعماله بحصد إعجاب الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي. من أشهرها فوازير "زنود الست" عام 2009، ومسلسل "كناري" عام 2010، ومسلسل "العتاك"، الذي يُعدّ أول مسلسل رسوم متحركة في العراق، بالإضاف للمسلسل الكوميدي "الريس" عام  2012.

حصد العديد من الجوائز المهمة في المهرجانات العربية، من أهمها جائزة أفضل عمل كوميدي في مهرجان القاهرة للإعلام العربي عام 2012 عن مسلسل "أكبر كذاب".

 

حيدر رشيد

ولد حيدر رشيد لأب مهاجر عراقي وأم إيطالية عام 1985 في مدينة فلورنسا الإيطالية. درس الإخراج السينمائي لفترة قبل أن يُقدم على تأسيس شركة "بلوسان فيلمزفاز" للإنتاج السينمائي في لندن، ليخرج بعدها العديد من الأفلام القصيرة والوثائقية.

حاز فيلمه الأول "المحنة" على الجائزة الثانية في مهرجان الخليج السينمائي عام 2010، كما فاز فيلمه "مطرٌ وشيك" بالجائزة الثانية في مهرجان الخليج السينمائي عام 2012.

في 2021 أخرج رشيد أهم أفلامه على الإطلاق عندما قدم فيلم "أوروبا"، الذي تناول فيه مشكلة الهجرة إلى الغرب، من خلال استعراض ثلاث قصص مأساوية من حياة شاب عراقي يحاول الوصول إلى أوروبا سيراً على الأقدام عبر الحدود التركية البلغارية، إلا أنه يقع فريسة لشرطة الحدود والجماعات المناهضة للمهاجرين.

حظي الفيلم بإعجاب النقاد والسينمائيين، وعُرض للمرة الأولى في مهرجان كان السينمائي داخل قسم "أسبوع المخرجين"، ثم نال جائزة أفضل مخرج في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ورشحه العراق لتمثيلها بشكل رسمي في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.

 

سعد العصامي

يُعدّ سعد العصامي واحداً من أبرز المخرجين العراقيين الحاضرين على الساحة السينمائية في الوقت الحالي، درس فن الإخراج في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، كما درس الصحافة في كلية الآداب.

تميز في حقل الأفلام القصيرة التي تتحدث عن المهمشين وتتناول الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعيشها الشعب العراقي في السنوات الأخيرة.

من أبرز أفلامه "الشيخ نويل" 2017، الذي يحكي عن قصة شيخ مسلم يعيش مع حفيده في المناطق المحررة من داعش شمالي العراق. وفيلم "آخر السعاة" 2022، وتدور قصته حول ساعي بريد يُفصل من مهنته بعد تطور وسائل الاتصال فيبدأ بعدها رحلة البحث عن أحد أصدقائه القدامى.

حظيت أعمال العصامي بإشادة العديد من النقاد. على سبيل المثال وصفه الناقد السينمائي مهدي عباس بأنه "مخرج مثابر وواعد تستطيع أن ترى لمساته واضحة في كل شيء".

وفازت أعماله بجوائز عدة، منها جائزة أفضل فيلم من "مهرجان بابل السينمائي الدولي الثالث" عن فيلم "الفرصة"، والجائزة الأولى لفيلم "بائعة البخور" من مهرجان "إيراتو" السينمائي الدولي في ليبيا. كما فاز فيلمه "آخر السعاة" بجائزة النخلة الذهبية في مهرجان السعودية للأفلام،  وفاز  الفيلم نفسه أيضاً بجائزة خاصة في مهرجان قازان للسينما الإسلامية الذي يُقام سنوياً في عاصمة جمهورية تتارستان.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.