صادق البرلمان العراقي على تعديلات مثيرة للجدل على قانون "مكافحة البغاء" للعام 1988، حيث استبدل بـ "قانون مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي"، الذي يجرم العلاقات المثلية والتحول الجنسي بعقوبة تصل إلى السجن 15 عاما.
وأقر البرلمان، يوم السبت الماضي، القانون الذي كان محل انتقاد الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي إلى جانب منظمات حقوقية رأت فيه انتهاكاً خطيراً لحرية التعبير، فيما توسعت دائرة الانتقادات بعد إقراره.
وفي يونيو 2022، شرعت اللجنة القانونية في مجلس النواب بالتحرك لتعديل "قانون محافحة البغاء"، من خلال حملة لجمع التواقيع بهدف تشريع قانون يحظر المثلية الجنسية في العراق، قبل أن تقدم مقترحاً في العام الماضي لتعديل القانون متضمناً عقوبات تصل إلى الإعدام، وهو المشروع الذي أجل نتيجة للضغوط الدولية، قبل أن يصار إلى تعديله.
🚨⚡️رسمياً:
— الموجز الروسي | Russia news 🇷🇺 (@mog_Russ) April 27, 2024
العراق يعلن عقوبة العلاقات الجنسية المثلية تصل إلى السجن 15 عاما.
سيتم الحكم على الأشخاص المتحولين جنسياً بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات pic.twitter.com/uxIfY5BtaD
ويفرض القانون عقوبة تتراوح بين 10 و15 عاماً لكل من أقام علاقة مثلية، فيما يعاقب بالسجن 7 سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار لمن يروج للبغاء أو المثلية، التي وصفها نص القانون بالشذوذ، ويحظر نشاط أي منظمة تروج لهما.
كذلك، يفرض القانون عقوبة تتراوح بين سنة واحدة و3 سنوات لكل من ارتكب "ممارسة مقصودة للتخنث أو الترويج له"، والعقوبة ذاتها تفرض على من غير جنسه أو بدأ بذلك. ويعاقب الطبيب أيضا إذا أجرى عملية خلافاً لأحكام القانون.
ويمنع القانون تغيير الجنس الباثولوجي بناء على الرغبات والميول الشخصية ويستثني التداخل الجراحي لمعالجة التشوهات الخلقية لتأكيد جنس الشخص بعد صدور أمر قضائي، كذلك يحظر نشاط أي منظمة "تروج للبغاء" أو المثلية.
قلق دولي
عبرت السفيرة الأميركية في بغداد، إلينا رومانسكي، عن قلق بلادها العميق من تشريع القانون.
وقالت في تدوينة لها على منصة "إكس" إن التشريع "يهدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية المحمية دستورياً، ويهدد هذا الإجراء الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في المجتمع العراقي".

ورأت رومانسكي أن القانون "يمكن استخدامه لعرقلة حرية التعبير والتعبير الشخصي، وعرقلة أعمال منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العراق".
وأضافت: "يضعف (القانون) قدرة العراق على تنويع اقتصاده وجذب الاستثمارات الأجنبية"، مشددة على أن "احترام حقوق الإنسان والاندماج السياسي والاقتصادي أمر أساسي لأمن العراق واستقراره ورخائه".
بدوره، وصف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، التعديلات على قانون "البغاء" والمثلية الجنسية بأنها "خطيرة ومثيرة للقلق". وقال في تغريدة على منصة "إكس"، إنه "لا ينبغي استهداف أي شخص بسبب هويته. ونحن نشجع حكومة العراق على دعم حقوق الإنسان والحريات لجميع الناس دون تمييز".
تشعر الولايات المتحدة بقلق عميق إزاء التشريع الذي أقره مجلس النواب العراقي اليوم، والذي يهدد حقوق الانسان والحريات الأساسية المحمية دستوريًا. ويهدد هذا الإجراء الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في المجتمع العراقي، ويمكن استخدامه لعرقلة حرية التعبير والتعبير الشخصي، وعرقلة اعمال منظمات… pic.twitter.com/cUmpyCuZAS
— United States Ambassador to Iraq (@USAmbIraq) April 27, 2024
وفي تصريحات صحفية قالت رازاو صالحي، الباحثة في منظمة العفو الدولية: "لقد قنن العراق بالفعل التمييز والعنف الموجه منذ سنوات ضد أفراد المجتمع مع الإفلات التام من العقاب".
وفي السياق نفسه، قالت رشا يونس، وهي باحثة أولى في برنامج حقوق المثليين بمنظمة هيومن رايتس ووتش، إن إقرار القانون "يضع ختما مطاطيا على سجل العراق المروع في انتهاكات حقوق المثليين، ويشكل ضربة خطيرة لحقوق الإنسان الأساسية، بما فيها الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والخصوصية والمساواة وعدم التمييز".
واتهم تقرير، أصدرته المنظمة عام 2022، الجماعات المسلحة في العراق باختطاف واغتصاب وتعذيب وقتل المثليات والمثليين ومزدوجي التوجه الجنسي ومتحولي الجنس مع الإفلات من العقاب، كما اتهم الحكومة العراقية بالفشل في محاسبة الجناة.
وانضم العراق إلي أكثر من 60 دولة مثلية الجنس، في حين أن الممارسات المثلية قانونية في أكثر من 130 دولة، وفق بيانات "أور ورلد إن داتا".
رغم الضغوط..
بالمقابل، دافع عدد من السياسيين العراقيين على إقرار تعديلات "قانون البغاء والشذوذ الجنسي"، واصفين الأمر بأنه "شان داخلي". وأعلنوا رفضهم ما سموه "التدخلات الخارجية".
ورد السفير العراقي في لندن، جعفر الصدر، على وزير خارجية بريطانيا، قائلاً: "معالي الوزير الأجدر بكم أن تقلقوا على الإبادة الجماعية وانتهاك الإنسانية الذي يحصل في غزة، والخطر الحقيقي في نشر ما يخالف الطبيعة الإنسانية وكل الشرائع والأديان"، وتابع: "رجاءً احتفظوا بنصائحكم فنحن شعب لنا آلاف السنين من الحضارة والإنسانية".
النائب يوسف الكناني قال هو الآخر في تغريدة على منصة "إكس"، إنه تم التصويت على القانون: "رغم كل الضغوط من سفراء دول أجنبية، ورغم رضوخ قيادات سياسية لعدم إقراره".
في السياق نفسه، قال النائب، مصطفى سند إن 17 سفارة غربية ضغطت على العراق "بغرض عدم تشريع التعديل الأول الخاص بقانون مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي لدرجة أنه تم سحب القانون من جدول الأعمال، كذلك تم تأخير التصويت من قبل البرلمان العراقي بسبب زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن، خشية تعكير جدول الزيارة".
الضغوط الّتي مارستها سفارات (١٦) دولة أوربية + السفارة الأمريكية، ضغوط رهيبة، على المشرع العراقي وعلى القيادات العراقية، لغرض عدم تشريع التعديل الأول الخاص بقانون مكافحة البغــ.ــاء والشــ.ـــذوذ الجنسي، لدرجة تم سحب القانون من جدول الأعمال، كذلك تم تأخير التصويت من قبل البرلمان…
— مصطفى جبار سند (@m_j_sanad) April 27, 2024
أما الأمين العام لعصائب أهل الحق، المصنفة على قوائم الإرهاب، قيس الخزعلي، فقال في تدوينه على موقع "إكس" إن "تصويت البرلمان على تعديل قانون مكافحة البغاء خطوة ضرورية ومهمة لحماية البنية القيمية والهوية الثقافية والثوابت الإسلامية للمجتمع العراقي".