صورة تعبيرية لصحافي يرفع لافتة خلال احتجاج على القيود المفروضة على الصحافة
صورة تعبيرية لصحافي يرفع لافتة خلال احتجاج على القيود المفروضة على الصحافة

يصادف الثالث من مايو من كل عام اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يخصص للاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة وتقييم حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم، والدفاع عن وسائل الإعلام في مواجهة الاعتداءات على استقلاليتها، وإحياء ذكرى الصحافيين الذين خسروا حياتهم في أثناء ممارستهم مهنتهم.

لا يزال العراق يحافظ على مركز متأخر في مؤشر حرية الصحافة عالمياً، بحسب منظمة "مراسلون بلا حدود". ويحتل المركز 169 من أصل 180 دولة يشملها المؤشر، والوضع فيه مصنّف على أنه "شديد الخطورة".

وتشير المنظمة، في تقريرها السنوي الأخير، إلى أن الصحافيين العراقيين "يواجهون تهديدات من كل حدب وصوب في ظل ضعف الدولة ومؤسساتها التي تتقاعس عن دورها في حمايتهم".

وبحسب التقرير، فإن السنوات الأخيرة في العراق "شهدت مقتل العديد من الصحافيين على أيدي جماعات مسلحة، من تنظيمات جهادية أو مليشيات مقاتلة".

وتابع التقرير أن هذه الاغتيالات "تمرّ من دون أي عقاب، علماً أن التحقيقات النادرة التي تُفتح بشأنها لا تؤدي إلى أية نتائج مجدية"، كما أن عمليات الاختطاف والتهديد بالقتل "أصبحت أسلوباً شائعاً أيضاً لترهيب الصحفيين وإسكاتهم".

ويلاحظ التقرير أن التخويف كان يقتصر حتى عهد قريب على صحافيين مؤثرين معروفين، لكنه "بات اليوم يستهدف أيضاً حتى الفاعلين الإعلاميين المغمورين".

جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق رصدت، في تقريرها السنوي، 333 انتهاكاً بحق الصحافة والصحافيين في العراق في الفترة الممتدة بين الثالث من مايو 2023 حتى الثاني من مايو 2024، شملت صحافيين في مناطق بغداد وأربيل والبصرة.

وتضمنت الانتهاكات 53 عملية اعتقال واحتجاز، و12 هجوماً مسلحاً، و232 اعتداء بالضرب ومنع وعرقلة التغطية و22 دعوى قضائية وحكما ومذكرة قبض، و6 إصابات و8 انتهاكات غير محددة.

الجمعية رأت ان ما وثقته يكشف "تدهوراً خطيراً في الحريات بشكل عام في العراق، وقلقاً مضاعفاً جراء ارتفاع وتيرة الأحكام القضائية وأوامر القبض، والأحكام القضائية ضد الصحافيين وفقاً لقوانين موروثة من الحقبة الدكتاتورية السابقة بطريقة غير مسبوقة".

من جهته وثق منتدى الاعلاميات العراقيات، بالإضافة إلى الانتهاكات بحق الصحافيين والصحافيات، الكثير من الشكاوى التي وردت إلى "العيادة القانونية في المنتدى"، وتتعلق بـ"التمييز والمضايقات في المؤسسات الإعلامية".

وقد روت مجموعة من الإعلاميات في شهاداتهن للمنتدى عن "وجود تمييز بالمشاركة في الورش والمؤتمرات والمقابلات الرسمية وكذلك في تبوأ مراكز صنع القرار".

وسجل المنتدى استمرار بعض المؤسسات الإعلامية في تعزيز صورة نمطية للمرأة من خلال البرامج والدراما التي تنتجها، "بدلاً من إعلاء شأن المرأة وتعزيز مشاركتها والحد من العنف ضدها خاصة العنف الأسري وما يترتب عليه".

وذهبت بعض المؤسسات، بحسب المنتدى، إلى "إيقاف البرامج التي تعنى بالمرأة في شبكة الإعلام  العراقي مثل برنامجيّ "نخلة عراقية"، و"نطقت شهرزاد".

وأوصى المنتدى بضرورة "توفير مساحة جيدة للبرامج التي تعنى بالمرأة وعدم التمييز على أساس الجنس في إعداد وتقديم البرامج".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.