تطالب حكومة إقليم كردستان العراق الحكومة الاتحادية في بغداد بحماية حقل خورمور الغازي في الإقليم جواً للحدّ من الهجمات المتتالية التي يتعرض لها، وأسفر آخرها (26 أبريل الماضي) عن مقتل 4 عمال يمنيين وإصابة ثمانية آخرين.
وتعرض حقل خورمور للغاز الواقع في محافظة السليمانية بكردستان العراق إلى تسع هجمات منذ عام 2022، نفذت ثمانية منها بصواريخ بينما نفذ الهجوم الأخير ولأول مرة بطائرة مسيرة مفخخة.
بدوره، دعا وزير الكهرباء في حكومة كردستان كمال محمد خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده في أربيل مع نظيره في الحكومة الاتحادية زياد علي فاضل، الأسبوع الماضي، إلى تنصيب منظومة دفاع جوي لحماية الحقل جواً من الهجمات المتكررة.
وقال محمد إن اللجنة التي أوفدها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للتحقيق في الهجوم وتقديم تقريرها خلال 48 ساعة، كان من ضمن توصياتها توفير نظام جوي مضاد للطائرات المسيرة في الحقل لحمايته.
ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الهجمات التي تعرض لها الحقل خلال العامين الماضيين، إلا أن مصادر أمنية وعسكرية تشير إلى تورط مليشيات موالية لإيران، بهدف إبعاد العراق عن الاعتماد على غازه بدلا من استيراد الغاز الإيراني لتوليد الطاقة الكهربائية.
بحسب معلومات حصل عليها "ارفع صوتك" من مصادر خاصة في الأجهزة الأمنية، نفذ الهجوم الأخير من منطقة الفراغ الأمني الواقع بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة، ولطالما استغلت المليشيات منذ نهاية عام 2017 هذه المناطق التي تقع في مواقع متنازع عليها بين أربيل وبغداد، في استهداف حقل خورمور واستهداف مدن كردستان تارة بالصواريخ وتارة بالطائرات المسيرة المفخخة.
يقول الخبير الأمني والإستراتيجي علاء النشوع، إن تواجد المليشيات في مناطق الفراغ الأمني "يتيح لها كافة المعلومات عن خورمور بما فيها نقاط الضعف والقوة أمنيا ومداخل ومخارج حقل الغاز وحجم القوة التي تحميه، وهذا يمكّنها من خرق كل دفاعاته دون أن تكون هناك أي إجراءات دفاعية تعالج هذه الخروقات.
ولحماية الحقل من الهجمات والخروقات التي يتعرض لها، يقترح النشوع في حديثه مع "ارفع صوتك" أن يتم أولاً "إبعاد هذه المليشيات إلى مسافة لا تقل عن 60 كم من منطقة حقل خورمور، لمنع استهدافه من المدفعية الثقيلة والصواريخ الميدانية ".
ويوضح: "ينبغي على القوات الماسكة للحقل إخراج دوريات على مدار 24 ساعة لمعالجة الأخطار والخروقات قبل حدوثها، وهذه الدوريات عليها التوغل إلى مسافات لا تقل عن 40-50 كم لتنفيذ الكمائن والمراقبة وتغيير مسارات هذه الدوريات وفق خطط مرسومه، وضمن الجبهات والجهات غير الآمنة والمتوقع منها العمليات الإرهابية التي تستهدف الحقل".
كما يدعو النشوع إلى "تشديد المراقبة عن طريق الكاميرات الحرارية والطائرات المسيرة الخاصة بالاستكشاف والمتابعة والمراقبة، ضمن غرفة حركات تستطيع إصدار الأوامر فوريا لقوة الحماية المسؤولة عن حقل الغاز باتخاذ الجراءات الضرورية والسريعة الحاسمة".
كذلك، يعتقد أن "ما يحتاجه الحقل جوا، هو نظام دفاع جوي فعال يستطيع المواجهة والمجابهة مع كل أشكال الخروقات الجوية والمقذوفات الأرضية وهذه المواصفات لا تتواجد إلا في منظومة (سيرام" C-RAM) الأميركية".
وتتسبب الهجمات التي يتعرض لها حقل خورمور في تعليق الإنتاج بشكل مؤقت في الحقل لنحو أسبوع، ما ينعكس على إنتاج الكهرباء في الإقليم، حيث يوفر الغاز المنتج من الحقل نحو 67% من كهرباء كردستان، وما ينتجه يوميا نحو 4200 ميغاواط، يستخدم الإقليم منها 2800 ميغاواط، فيما تحصل محافظتا كركوك ونينوى على البقية.
ويقدر احتياطي الغاز في حقل خورمور بنحو 8 تريليون و200 مليار قدم مكعب، وتديره حكومة كردستان منذ عام 2003، وتعمل فيه شركتا "دانة غاز" و"الهلال" الإماراتيتان.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي نبيل التميمي أن أهداف الهجمات المتواصلة على حقل خورمور "مرتبطة باستثمار الغاز، واستمرار إصرار العراق بشكل عام وكردستان خاصة على إنتاج الغاز، الذي سيكون في المستقبل القريب أهم سلاح اقتصادي".
ويقول لـ"ارفع صوتك" إن عدم وجود ظهير واضح لمساندة كردستان لا من الحكومة الاتحادية ولا من الجانب الدولي أو الإقليمي وعدم وجود غطاء حامٍ لكردستان، من شأنه أن يؤدي لمجموعة من الاستعراضات أو التهديدات الأمنية من خلال هذه الهجمات والاستهدافات والخروقات التي تشهدها أراضيه أو في سمائه.
كما أن هذه التهديدات من الممكن أن تكون رسائل لتقويض بعض الأطراف داخل كردستان أو لتقويض كردستان وحكومتها ووجود الإقليم، بحسب التميمي.
والحل كما يقول في أن "يتكئ الإقليم بقوة على الحكومة الاتحادية وينظم العلاقة معها بشكل أكبر، لمواجهة هذه التحديدات وجعل الإقليم محميا من قبل العراق".
"صحيح أن العراق غير قادر بشكل كامل على حماية نفسه وأراضيه حاليا، لكن من الممكن أن يتعزز دوره خطوة بعد خطوة مستقبلا"، يستدرك التميمي.
وتسعى الحكومة العراقية إلى تطوير قطاع الغاز وتفعيله وتوسيع الاستثمارات فيه للاعتماد عليه خلال المرحلة المقبلة. في فبراير الماضي قال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد لوكالة الأنباء العراقية، إن الوزارة تتوقع إضافة 700 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز يومياً إلى الإنتاج الوطني خلال العام الحالي، مشيرا إلى وجود مساعٍ لاستقطاب الشركات العالمية لتطوير حقلي عكاز والمنصورية.