تقول دراسة أن العراق قادر على استثمار الذكاء الاصطناعي في معالجة مشكلات المياه والفقر والتصحر.

بينما يتجه العالم نحو إدماج الذكاء الاصطناعي في بيئة الأعمال، تقلل دراسة حديثة من إمكانية حدوث ذلك بصورة شاملة في العراق، بسبب "تخلف البنى التحتية والأنظمة الاقتصادية".

وتقترح الدراسة الصادرة بعنون "هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينهض بالاقتصاد العراقي من خلال تطوير بيئة الأعمال؟"، للباحث مهند منير، البدء بالقضايا الملحة التي تتطلب حلولاً ذكية، على غرار مشكلة الفقر وندرة المياه والجفاف والتصحر والنزوح من الريف إلى المدن، حيث تسهم المتواليات الحسابية التي يمكن رسمها في تبني توقعات مسبقة لمواجهة تلك المشكلات.

ويحتاج تحقيق المنافع المرجوّة بناء قاعدة تشريعية منظمة لآلية التعاطي والتعامل مع الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تطوير العناصر البشرية التي لها القدرة على استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الاقتصادية، ليكون قادراً على التعامل مع هذا النمط من أساليب الإنتاج وفق سقف زمني، بحسب الدراسة.

وتلفت الدراسة أيضاً، إلى واقع الاقتصاد العراقي الذي يتعامل مع طرق إنتاج تتراوح بين العمل اليدوي البسيط إلى استخدام بعض المكائن والآلات المتطورة في عملية الإنتاج.

وعلى صعيد الإنتاج الزراعي والصناعي تقترح الدراسة سياسة تضع الذكاء الاصطناعي موضع التنفيذ للعديد من مراحل الإنتاج، التي تسهم بشكل مباشر في زيادته (الإنتاج) ورفعه إلى الحد الأقصى، بحيث يشمل استخدام الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الكبيرة وتوقع معدلات الطلب على المنتج وعرض المواد الأولية، فضلاً عن التوقعات بالأنواء الجوية والطقس الذي يؤثر على الإنتاج الزراعي.

في الوقت الذي يطرح استخدام الذكاء الاصطناعي مخاوف على صعيد سوق العمل لناحية اندثار العديد من الوظائف، تؤكد المؤشرات قدرته على استحداث فرص عمل جديدة.

وتتوقع دراسة صادرة عن صندوق النقد الدولي، بعنوان "الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل"، أن 40% من قوى العمل في العالم معرضة لخطر إحلال الذكاء الاصطناعي محلها، إلا أن ذلك لا يشكل ضراراً على الاقتصاديات الأقل نمواً ومنها العراق، الأمر الذي يزيل الكثير من المخاوف على المدى المنظور.

تعليقاً على نتائج الدراسة، يؤكد القائد الفني لمنصة "1001" أحمد الشكرة، أن استخدام الذكاء الاصطناعي في العراق "يتم على نطاق واسع، حيث يعتمد القطاع الخاص بشكل كبير عليه، كما تستخدمه قطاعات رسمية في مقدمتها الأمنية".

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "المؤسسات الحكومية ترغب في توفير حلول بأرخص الطرق الممكنة وضمن أعلى مواصفات الجودة، وهذا معناه الاستغناء عن العمالة وتوفير البدائل"، التي يحددها مدى التوسع في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

وبهدف خلق توازن بين البديل والحفاظ على الأيدي العاملة، يقترح الشكرة الاستثمار في تعليم المقبلين على العمل بالتكنولوجيا الحديثة بهدف خلق فرص عمل حقيقية لجيل الشباب في مواجهة البطالة المقنعة.

ويشرح الشكرة حالة العراق مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بالقول "هناك توجه مع التغيير وتوجه محافظ. وفي حالة العراق لا شيء يستحق الحفاظ عليه، كل شيء يحتاج إلى تطوير، والذكاء الاصطناعي جزء أساسي من حالة التطوير المنشودة، والرهان على أن يكون العراق أكثر شجاعة على معالجة التوجه نحو المستقبل بكل ما يتضمنه من مخاطر وتحديات".

يتابع "الشعور بالخوف مباح لكن ممارسة الجبن يجب أن تكون مرفوضة. والتغلب على المخاوف يبدأ بتدريب الكوادر المؤهلة وتوفير الأدوات المطلوبة من خلال اقتنائها أو تطويرها" على حد تعبيره.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.