نقص في الخدمات الرئيسة وتأخر عملية تعويض المتضررين من الحرب، إلى جانب الدمار والمشاكل الاجتماعية التي خلفها تنظيم داعش، هي أومور تعيق عودة ما تبقى من نازحي قضاء بيجي التابع لمحافظة صلاح الدين في وسط العراق.
ورغم مضي نحو تسعة أعوام على تحريرها من داعش، ما زال الدمار الذي خلفه سيطرة تنظيم داعش على مدينة بيجي وما أعقبه من معارك لتحريرها، يطغى على 80% من قطاعاتها، فيما تسير عمليات إعادة إعمارها ببطء.
شاخوان صباح الصالحي، إعلامي وناشط من مدينة بيجي يعيش منذ سنوات في محافظة أربيل بإقليم كردستان العراق، ولم يتمكن حتى الآن من العودة إلى مدينته، لأن بيت عائلته لا يزال مدمراً.
واجهت عائلة الصالحي التي كانت تعمل في مجال البناء والإعمار العديد من التهديدات من قبل تنظيمي القاعدة وداعش والجماعات المسلحة المتطرفة، وتعرضت للتهجير عدة مرات من المدينة في ظل التدهور الأمني الذي شهدته ما بين 2004- 2014، واضطرت إلى النزوح من بيجي عام 2014 بعد سيطرة داعش على المدينة.
يقول الصالحي لـ"ارفع صوتك": "لا نستطيع العودة إلى بيجي لأن بيتنا مدمر، والمدينة كذلك ما زالت تعاني الدمار ونقص الخدمات".
في المقابل، يقول سراج الدين محمد، وهو من النازحين الذين عادوا إلى بيجي قبل ثلاثة أعوام، إن "الحياة بدأت تعود للمدينة" مستدركاً أن النازحين الذين يترددون في قرار العودة "يخشون من عدم توفر فرص عمل".
"وقد لا يعود البعض بسبب دواعٍ أمنية أو غير أمنية، لكن السبب الرئيسي لعزوف الباقين عن العودة هي الخشية من عدم حصولهم على فرص عمل في مناطقهم"، يتابع سراج الدين.
30% نازحون
استعادت القوات العراقية مدينة بيجي من سيطرة داعش في أكتوبر 2015 بعد معارك طاحنة استمرت شهوراً، خلفت دمارا كبيرا في كافة قطاعات المدينة.
بدوره، يؤكد قائم مقام قضاء بيجي، محمد محمود الجبوري، أن "70% من نازحي القضاء عادوا إليه حتى الآن، والبقية ما زالوا نازحين".
ويعدد الجبوري لـ"ارفع صوتك" أبرز العوائق التي تحول دون العودة إلى بيجي، وهي "عدم صرف التعويضات للمواطنين الذين تعرضت بيوتهم للتفجير، فهناك نحو 12 ألف بيت مدمر بسبب المعارك التي شهدتها المدينة، بالتالي فإن أصحاب هذه البيوت غير قادرين على إعادة إعمارها، عوضاً عن تأخر توفير الخدمات وتأخر إعادة إعمار المدينة".
ويلفت إلى أن المشاكل العشائرية التي خلفتها الحرب بين عائلات الضحايا وعائلات المطلوبين من مسلحي تنظيم داعش، أيضاًً تقف في طريق عودة قسم من النازحين.
وتحاول الحكومة العراقية إعادة عائلات مسلحي داعش إلى مناطقهم والعمل على دمجهم في المجتمع بالاعتماد على العشائر في حل المشاكل بينهم وعائلات ضحايا التنظيم.
"لكن هذه العائلات تتعرض للتهديد، ما يتطلب تفعيل الحكومة قانونيا لقرار العودة والاندماج"، بحسب الجبوري.
ويوضح أن " الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في المحافظات المحررة ومنظمات المجتمع المدني، مستمرة في العمل على آلية الإدماج، من خلال عقد المؤتمرات والندوات الخاصة بذلك، والاعتماد على وجهاء العشائر والشيوخ لامتلاكهم تأثيراً مجتمعياً قوياً".
وحتى عام 2014 كان قضاء بيجي أبرز مركز صناعيي في العراق، لاحتضانه العديد من محطات التكرير والمحطات الحرارية وسكك حديد وخطوط أنابيب النفط ومصفاة بيجي الإستراتيجية، لكن الدمار والنهب الذي تعرضت له المدينة على يد داعش والمعارك التي شهدتها بعد ذلك جعلتها منكوبة.
في 2016، صوّت مجلس النواب العراقي على اعتبار بيجي مدينة منكوبة.

في السياق نفسه، يقول رئيس مجلس محافظة صلاح الدين عادل عبدالسلام الصميدعي إن "الوضع الأمني في بيجي حالياً جيد، لكن المدينة تعاني من نقص حاد في الخدمات التي تسببت في ضعف العودة إليها، وهذا بسبب ضعف الخطوات التي اتخذتها الحكومة من أجل تسهيل العودة."
وضمن عمليات إعادة الحياة إلى بيجي كمركز صناعي، افتتح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في فبراير الماضي مصفاة بيجي بعد إعادة تأهيلها، حيث تعرضت لدمار أوقف عملها نحو عشر سنوات.