U.S. Secretary of State Antony Blinken delivers remarks during the release of the 2024 Trafficking in Persons (TIP) Report
وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن مكرّماً العميد العراقي مصطفى الياسري

نال العراق حصة لافتة من التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية بشأن الاتجار بالبشر، الذي يصدر قائمة بالدول التي تبذل جهوداً لمكافحة هذه الظاهرة وتلك التي لا تبذل جهوداً كافية، بنظر واشنطن.

ويبحث تقرير العام الحالي 2024 بعمق في الدور المتنامي للتكنولوجيا الرقمية في الاتجار بالبشر. وبحسب كلمة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن فإن "شبكات الاتجار بالبشر تستهدف ضحاياها حول العالم وتجندهم عبر الإنترنت، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة، ومنصات الألعاب أيضاً".

قد تؤدي تصنيفات الدول المتورطة في الاتجار بالبشر، إلى فرض عقوبات عليها أو سحب المساعدات الأميركية المخصصة لهذه الدول.

ومن الدول المدرجة على القائمة السوداء هذا العام، 13 دولة متهمة أيضا بالتورط بشكل مباشر في الاتجار بالبشر وهي أفغانستان وبيلاروس وبورما والصين وكوبا وإريتريا وكوريا الشمالية وإيران وروسيا وجنوب السودان والسودان وسوريا وتركمانستان.

أشاد التقرير بدور العراق في مكافحة الاتجار بالبشر، كما جرى تكريم العميد العراقي مصطفى الياسري، المسؤول عن مكافحة الاتجار بالبشر في وزارة الداخلية العراقية، وقدّم له بلينكن شهادة تكريم.

الياسري كُرّم إلى جانب 10 شخصيات من دول أخرى، على هامش إطلاق التقرير في العاصمة الأميركية واشنطن.  

بحسب التقرير "عمل العميد  الياسري بشجاعة في وزارة الداخلية العراقية لمكافحة الاتجار بالبشر طوال حياته المهنية المخصصة للدفاع عن الفئات الأكثر ضعفاً في العراق".

كما  قام بتحسين جهود الحكومة العراقية بشكل كبير في مكافحة الاتجار بالبشر وتعزيز الخدمات المقدمة لضحايا الاتجار بالنساء، بعد أشهر فقط من تعيينه في مارس 2023 مديراً لمديرية مكافحة الاتجار بالبشر في وزارة الداخلية.

وبحسب التقرير، فإن الياسري وبمساعدة من وزارة الداخلية العراقية، قام فور تسلمه منصبه بزيادة الموارد الحكومية المخصصة لمكافحة الاتجار بالبشر، وتعيين نساء مسؤولات وموظفات في مجال الاتجار بالبشر لتقديم مساعدة أفضل للضحايا وتعيين ضباط تحقيق ومسؤولين جدد على دراية بهذا النوع من الجرائم.  

بالتعاون مع القضاء العراقي، وضع الياسري إستراتيجية لتحديد الضحايا بشكل أكثر دقة، وعمل على معالجة الاستغلال الجنسي وأشكال الاتجار الأخرى بشكل أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، يتابع التقرير، عمل العميد العراقي مع شركات التوظيف لضمان نشر وعرض لافتات توضح تفاصيل حقوق العمال العراقيين والخط الساخن الخاص بالاتجار بالبشر التابع لوزارة الداخلية.

وكان الياسري يزور الملاجئ أسبوعياً للتواصل مع الضحايا وتجميع قوائم الغذاء والإمدادات الصحية والطبية اللازمة، ومساعدة الضحايا على الاتصال بأسرهم. 

كذلك رافق شخصياً ضحايا الاتجار بالبشر إلى المحكمة لمساعدتهم في جلسات الاستماع والإجراءات القانونية.

القبض على متهمين بالإرهاب والسرقة وتجارة الأعضاء البشرية في بغداد
أعلنت قيادة عمليات بغداد، الثلاثاء، القبض على أشخاص متهمين بالإرهاب والسرقة وتعاطي المخدرات وتجارة الاعضاء البشرية، على خلفية تأمين 64 مركزا انتخابيا، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع).

وقالت قيادة عمليات بغداد في بيان إن السلطات الأمنية

يعرّف القانون العراقي الاتجار بالبشر بأنه "تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم، بوساطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو بإعطاء أو تلقّي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة أو العمل القسري أو الإسترقاق أو التسوّل أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب الطبية".

لكن من ثغرات هذا القانون، بحسب وزارة الخارجية الأميركية، وبما لا يتسق مع تعريف الاتجار بالبشر وفقاً للقانون الدولي، هو "وجوب توافر عنصر العنف أو الاحتيال أو الإكراه كي يعتبر جريمة اتجار بالأطفال لأغراض الاستغلال الجنسي، ولذلك لم يجرم القانون جميع أشكال الاتجار بالأطفال لأغراض الاستغلال الجنسي".

أيضاً، ينص القانون العراقي على عقوبات تصل إلى السجن لمدة 15 عاماً وغرامات بالنسبة لجرائم الاتجار التي تتعلق بضحايا بالغين من الذكور، وتصل إلى السجن مدى الحياة وغرامة إذا كانت الجريمة تتعلق بأنثى بالغة أو ضحية من الأطفال.

يُذكر أن سلطات إقليم كردستان العراق، ألقت القبض، الشهر الماضي، على المكنّى بـ"العقرب"، وهو من أخطر مهربي البشر.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد مقداد ميري، عن إلقاء القبض على أكثر من 1800 متهم بالجريمة المنظمة والاتجار بالبشر في النصف الأول من عام 2024 وحده.

وقال إن الوزارة شكلت لجنة بمشاركة وزارات ودوائر عدة في الدولة "لمكافحة هذه الجريمة العالمية الحديثة العابرة للحدود التي تشكل خطراً دولياً، والتي تعاقب عليها القوانين الدولية"، بحسب تعبيره.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.